-ذكرى وندم-

26 5 4
                                    

يُقال ان الاشخاص الذين يرتكبون ذنوبا واخطاء عظيمة في حياتهم، اخطاء تحرمهم من حق الجزاء والموت، يصبحون "حاصدي ارواح". لتصبح مهمتهم ان يساعدوا الناس على العبور بين الحياة والموت، وليشهدوا اخر لحظاتهم -التي لا تكون سعيدة دائما- ... يعيشون على خط رفيع جدا بين الحياة والموت، بدون اسم او اصل او هوية، والاهم بدون عائلة... كل هذا ليعرفوا قيمة "الحياة" التي لم يقدِّروها اثناء عيشهم سابقاً...

...

رفرفت اجنحة سوداء في سماء حمراء يسدل عليها ستار الليل حيث تبتلع الارض القرص الملتهب ببطء معلنه عن ليلة حالكة اخرى، كانت حاصدة الأرواح تقف أمام ذلك البيت الفخم المتهالك، الذي سكنه الزمن حتى أصبح شاحبًا ومغبرًا، لكنه احتفظ بآثار فخامته التي كانت واض...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

رفرفت اجنحة سوداء في سماء حمراء يسدل عليها ستار الليل حيث تبتلع الارض القرص الملتهب ببطء معلنه عن ليلة حالكة اخرى، كانت حاصدة الأرواح تقف أمام ذلك البيت الفخم المتهالك، الذي سكنه الزمن حتى أصبح شاحبًا ومغبرًا، لكنه احتفظ بآثار فخامته التي كانت واضحة رغم عبث السنين. أزاحت الباب بهدوء، لتستقبلها رائحة العتق والأيام التي مضت، رائحة لم تذكرها، لكنها تعرفها من عمق شعورها المجهول.

خطت خطواتها الأولى في البيت، فتردد صدى كعبَيها بين جدران عاشت زمنًا طويلاً في الصمت. كانت قد زارت هذا المكان عشرات المرات، مرة في كل عام، في ذات التاريخ بالضبط، تاريخ لا تعرف عنه شيئًا، لكنه يسحبها إليه مرغمًة؛ وكلما عادت، كانت نفس الغصة العالقة في حلقها تضغط على صدرها، تنذر بشيء منسي، بماضٍ يسكن هنا، لكنه بعيد كالغروب.

كانت تجهل ما يربطها بهذا البيت، تجهل سبب تلك الحرارة التي تشتعل في صدرها كلما خطت بين غرفه، وكأن قلبها - الذي لم تعد تشعر بنبضه - ينبض بشيء قديم ومؤلم، لكنه يشدّها إليه بقوة. كانت الأسرار تغلفها كوشاح، والغموض هو قناعها، حتى أمام حاصدي الأرواح الآخرين الذين يملكون قدرة قراءة الأفكار، لكنها لم تسمح لأي منهم بالدخول إلى أعماقها. هذه كانت زاويتها الوحيدة، مغارة أسرارها التي لا يعرفها سواها، ولا تفهمها حتى هي.

حين دخلت المطبخ، توقفت خطواتها فجأة. شعرت بانقباض حاد في قلبها، تلك الومضة المجهولة التي كانت تدفعها للعودة هنا كل عام، قد بلغت ذروتها الآن. جثت على ركبتيها، وحاصرتها دموع من نوع آخر. كانت تذرف دماء، دمعًا أحمر، وكأن روحها نفسها تنزف على شيء لا تذكره.

شعرت بحرارة غريبة تتصاعد من شفتيها إلى عنقها، ثم إلى كتفها؛ كانت تلك البقايا من حياة قد مضت، تلامسها الآن كشعلة تحرق جلدها بألمٍ غامض، ذكريات لقبلات منسيّة تركت أثرها وكأنها وسمت روحها إلى الأبد. استمرت تبكي على الأرض، وصرخات مكتومة تخنقها، بيد أنها كانت تجهل السبب، كانت تبكي على ماضٍ ليس لها، على حب نسيت ملامحه، على خسارة لم تستطع التمسك بها.

حب بدأ حين انتهى💔 | 🥀love that began when it endedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن