"غياهبيا"

147 25 20
                                    

في زوايا القصر المظلمة، كانت أوغستا، االتي تحولت إلى وحش ، تسير بخطوات ثقيلة، تدوي أصداؤها بين الجدران . نظرت إلى حيث سيلفارا، ولكن ما
رأت أمامها كان مشهدًا لا يُحتمل. رأس سيلفارا كانت مفصولة عن جسدها، والدماء تتسرب كخيوط من الجمر. عينا أوغستا اتسعتا، وجسدها انتفض بغضب جامح. "أختي!" صرخت بصوت مخنوق كالرعد، قبل أن يتفجر غضبها.

هاتور، التي كانت تقف في مواجهة أوغستا، لم تفلت من بطش الوحش . يد أوغستا، تحولت إلى كتلة هائلة من القوة، انقضت على هاتور بضربة واحدة، أطاحت بها أرضًا وجعلتها تسقط فاقدة للوعي.

لم يمنع ذلك أوغستا من الانقضاض نحو مصطفى بجنون، كأنها إعصار لا يُوقف. مصطفى، الذي ظل واقفًا بثبات وكأنه يدرك أن اللحظة الحاسمة قد اقتربت، تراجع بخطوات محسوبة. بنظرة هادئة، سحب مصطفى سيف حمزة بحركة خاطفة، وغرزه في قدم أوغستا. صرخة الوحش ملأت الأرجاء، لكنها لم تتراجع. بيده الحرة، رفع مصطفى قبضته نحو السماء، ونادى بصوت مفعم بالثقة: "يا سندان، أعطني سيف البرق!"

السماء خارج القصر اشتعلت فجأة، والسحب السوداء تلاطمت كأنها استجابت لندائه. فجأة، انشق سقف القصر بقوة عاصفة، وسيف من البرق الصافي انطلق منه، مشعًا بضوء يمزق الظلام، ليحط بين يديه كأنه قد خُلق خصيصًا له.

قال مصطفي بصوت ملؤه الغضب .
أوغستا! لقد كتبت نهايتك سأمزقك قطعة قطعة، وسأطعم أشلاءك للظلام الذي أنجبك... أنتِ لستِ سوى صفحة سأحرقها في كتاب هذا العالم!"

ضحكت أوغستا بصوت أشبه بنحيب الموتى، عيناها المشتعلتان بالظلام تخترقان مصطفى كسهام مسمومة، وردت بسخرية قاتمة:
"كتبت نهايتي؟ يا لك من أحمق مغرور! أنا لست مجرد نهاية، أنا البداية والنهاية معًا، وأنا الآن أكتب فصلاً جديدًا... لنهاية أرواحكم البائسة التي لا تستحق سوى العذاب!"

قبل أن يتمكن مصطفى من التحرك، تجمدت أطرافه للحظات وهو يشهد المشهد البشع أمامه. أوغستا، بابتسامة ملتوية أشبه بعلامة موت، رفعت يدها إلى فمها وعضتها بأسنان حادة كأنها شفرة من الجحيم، تمزق لحمها بلا تردد. وسقطت ذراعها مبتوره على الأرض الدم الأسود تدفق كالشلال، يُصدر صوتًا أشبه بالغليان، كأن حياتها نفسها تنصهر بين يديها.

بدأت تتمتم بكلمات كأنها صرخات أرواح معذبة، أصداؤها ترددت في القصر وكأن الجدران ذاتها تعوي من الألم. رفعت ذراعها المقطوعة عالياً، وقد تحولت إلى شظية متفحمة من الخراب، وصرخت بصوت يكسر النفوس:

"يا حراس الفناء، يا أسياد الفراغ الأبدي،
يا جبابرة الخراب وأسياد العدم،
بدمائي أفتح البوابة، بجسدي أُحيي اللعنة،
افتحوا أبواب الجحيم الأعظم،
لتبتلعوا العالم في لهيبكم،
ولتُولد أوغستا من جديد... سيدة لكل ظلام!"

امرأة من عالم الجن _الجزء الأول _نداهة العاقير (مكتملة).♡ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن