الفصل الخامس

26.2K 2.3K 130
                                    

#ماركوس:

التظاهر بأن شيئا لم يحدث كان أصعب مما ظننت. كيف وكل ثانية تخطر ببالي طريقة قتل جديدة لأُجربها على تلك المشعوذة.

لكنني حافظتُ على أعصابي ومثّلتُ دور العاشق الولهان ببراعة، لو كنتُ مكانها لما شككتُ في نفسي البتة.

حاليا، لم نعد نقطن في منزل الألفا مارسيل بل في منزل سيلين لأن الآخر تدمر تماما والشكر يعود لـ جوش.

لم أستطع إيجاد ذلك الأحمق بعد، فكل مرة أبدأُ بالبحث يقاطعني أحد ما. لكنني متيقن أنه في مكان ما بالغابة فلا أحد يدعني أدخُلها واليوم فرصتي.

سيلين والألفا مارسيل لديهما لقاء ما لا يمكنني حضوره، ولا يهمني من الأصل. كل ما أريده هو بعض الوحدة لأبحث براحتي.

"الألفا مارسيل أمرك بعدم الخروج من المنزل"
أوقفني أحد الحراس اللعينين.

"سيلين تريد نبتة ما وأمرتني بإحضارِها"
أخبرتُه ببرود دون أن أصنع أية تعابير.

"لا تأخذ وقتا طويلا"
انطلتْ عليه الحيلة لأنه كالجميع هنا، يعبدون المشعوذة لجهلهم بحقيقتها.

توغلتُ في الغابة متبعا حدسي إلى أن وصلتُ إلى كوخ صغير، كنتُ سأُهمله لأن حجمه لا يكفي ليكون زنزانة واحدة لكن رائحة الدماء الممزوجة بعبق جميل جعلتني فضوليا عما يحتويه.

شوكولا وكاراميل، رائحة لا يجب أن تمتزج أبدا برائحة الدماء...

فتحتُ باب الكوخ لأجد رجلين مغميّ عليهما على الأرض إلا أنهما لم يكونا مصدر الرائحتين.

كانت وضعيتهما غريبة، كأنهما يحرسان شيئا ما ثم غفيا فجأة والسجادة التي كانا عليها كانت نظيفة على عكس كل شيء في تلك الحجرة البسيطة.

أبعدتُهما عنها بحذر ألا أوقظهما ثم رفعتُها لأجد بابا صغيرا، عندما فتحتُه رأيتُ سلما يقود إلى قبو.

نزلتُ بهدوء لكن ليس ببطء، فشيء ما كان يُحمّس ذئبي ويجعلني أتحرك بسرعة.

"كم أنّ زوجتك مزعجة! وابنها أكثر إزعاجا منها، لا يكفّ أبدا عن البكاء. آمل أن يُعذبك حين تعود لرشدك بقدر ما عذبني"
سمعتُ صوتا ناعما يهمس بانزعاج.

تبعته إلى أكبر زنزانة بالمكان، كانت معزولة عن البقية وذات باب فضيّ، مصممة خصيصا لمستذئب.

تلك الزنزانة كانت مصدر الرائحتين...

دفعتُ الباب بحذائي ليُفتح فسكتَ ذلك الصوت.

لم أكد أخطو خطوة واحدة للداخل وأتت باتجاهي شرارة ما، انخفضتُ في آخر لحظة لأنجو منها.

"أيها الأحمق! كدتُ أن أقتلك! ماذا تفعل هنا؟!"
صرختْ بي متفاجئة.

"س..سيلين!؟"
كيف وصلتْ إلى هنا بحق السماء، ومنذ متى شعرها صار أبيضا؟

"لستُ سيلين!"
رفعتْ يدها المضرجة بالدماء من جسد الذئب أمامها ولوحتْ بها فارتطمتُ أنا بالباب خلفي.

احترق ظهري بسبب الفضة وكدتُ ألتصق بها لولا أنّ الفتاة جذبتني.

"اللعنة، هذا مؤلم!!"
لم أقوى على الوقوف فوقعتُ أرضا جاثيا على ركبتيّ.

"تبا، لم أقصد أن أضربك بهذه القوة..."
وضعتْ يدها الباردة على ظهري فانطلقتْ شرارات أبدلت الألم بدغدغة.

"من أنتِ بأي حال؟"
ابتعدتُ عنها واستندتُ على الجدار بجانبي حتى لا أؤذي ظهري أكثر.

"أوليفيا، صديقة سام"
أخفضتْ رأسها وأجابتْ بنبرة حزينة بعض الشيء.

"وماذا تفعلين هنا؟"
سألتُها مستغربا، فـ سام لم تخبرني عنها.

"أُعالج جراح زوجها قبل أن يموت، قدرتُه على الشفاء بطيئة جدا في غيابِها"
عادتْ إلى مكانها بجانب الذئب النائم ثم أخرجتْ إبرة وبدأت تخيط كتفه.

"كيف تعرفين سام؟"
تساءلتُ فابتسمتْ.

"أنا من أنقذتْ حياتها"
ببساطة ردّت وكأنها تتكلم عن الطقس.

"ماذا؟ كيف هذا؟!"
لِم نسيَت سام إخباري بشيء مهم كهذا.

"لا وقت لهذه الأسئلة، سيلين ستعود قريبا وستُريد رؤيتك"
همستْ بحدة راصّة على أسنانها.

"لا أريد رؤيتها"
لسبب ما شعرتُ أنه يجب أن تعلم بذلك.

"لا ننال جميعا ما نريده..."
بدا و كأن لكلامها معنى مزدوج موجه لي، لكنني لم أفهمه.

مسحتْ أوليفيا الدماء عن يديها ثم حملتْ أدواتها ووضعتها في حقيبة صغيرة.

"أنتِ تشبهين سيلين كثيرا..."
عدا الشعر الأبيض والعينين الذهبيّتين، فهي نسخة طبق الأصل عن سيلين.

"لأنها شقيقتي التوأم"

ماركوس | MARCUSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن