الفصل الثاني

33.2K 2.4K 223
                                    

#جوشوا:

الظلام دامس. تلك أول فكرة خطرتْ لي.

نظرتُ حولي مُحاولا إيجاد مصدر للنور لكنني عدت فارغ اليدين.

"جوشوا..."
همسَ صوت ناعم من خلفي لكنني لم أرى شيئا حين استدرتُ باتجاهه.

"جوشوا عزيزي... تبدو متعبا اليوم"
صدر الصوت من جديد لكنني تمكنتُ من لمح طيف أبيض يمر أمامي.

"ألم تفتقدني؟ شهران مدة طويلة للغاية، على الأقل هي كذلك بالنسبة لي..."
انكسرت النبرة في آخر الكلام وابتعد المَتحدّث.

بعد لحظة صمت صدَر صوت بكاء طفل بالقرب مني، نظرتُ نحوه فوجدت سريرا أزرقا باهتا يُحيط به ضباب كثيف.

سِرتُ إليه لاإراديّا لكنني تجمدتُ في مكاني ما إن رأيتُ عينيّ الصغير الزرقاوتين اللامعتين.

"أليس جميلا؟ كان ليَكون بمثل وسامة والده حين يكبر"
شعرتُ بذراعين تُحيطان بـخصري فتفاجأتُ لوهلة.

مسحتُ شعر الفتاة الأبيض للخلف حتى أرى وجهها فاستقبلتني حدقتان ذهبيتان دافئتان.

"ك... كيف؟!"
لم أُنهي سؤالي قبل أن تُقاطعني شفتاها الشاحبتان وتسكتانني.

"ليس الآن، ابقَى هادئا فصغيرنا نائم"
همستْ لي فنظرتُ للطفل لأجده حقا على متن قطار الأحلام ويبتسمُ في نومه.

تسللتْ دمعة وحيدة على خدّي دون إذن مني ووقعت على رأسها فابتسمتْ لي ثم مسحتْ أثرها.

"أبلِغ ماركوس تحياتي، سأزوره قريبا هو أيضا"
وبتلك البساطة اختفت من أمامي كالسراب.

~•~•~

استيقظتُ وأنا أتصبب عرقا باردا، استلزمني دقيقة كاملة لأتذكر أنني في غرفة سيلين.

مددتُ يدي المرتجفة لكوب الماء بجانب السرير وارتجفته حتى آخر قطرة.

"برايتيريتا أوبليفيسينتيز"
همستُ لنفسي دون تفكير مسبق فوقع الكأس من يدي وانكسر.

"اذهب وحضّر لي الفطور، جوش"
أمرتْ سيلين بتكاسل فانصعتُ لها.

تلبية أوامرها هي أولويتي الآن...

------------

#ماركوس:

انضممتُ لـ جوش في المطبخ وحضّرنا معا فطور سيلين ثم أخذناه لغرفتها.

"ماركوس عزيزي، اذهب وابحث لي عن هذه النبتة أحتاجُها اليوم. لا تتأخر!"
أشارتْ إليّ بيدها وعادتْ لقراءة كتابها القديم.

"حاضر سيدتي"
أخفضتُ لها رأسي ثم خرجتُ إلى الغابة الموجودة خلف منزلها.

نظرتُ إلى الصورة التي أعطتني إياها ثم بدأتُ البحث عن النبتة المرسومة فيها.

مرّت أكثر من ساعة ولم أتمكن من إيجادها، لكن عليّ المواصلة.

جذبت انتباهي رائحة غريبة، مزيج من الشوكولا والكراميل، مزيج شهيّ. وجدتُ نفسي أهرول باتجاهها، كل ما كان يدور بخاطري هو أنني يجب أن أصِل إلى مصدرها.

انتهى بي المطاف بالقرب من بحيرة ما، تجلس على ضفتها فتاة ذات شعر أبيض يلمع مع أشعة الشمس.

اقتربتُ منها بخطوات مترددة حتى لا أُفاجئها، إلا أنها استدارت قبل أن أبلُغها.

"من كنتُ أبحثُ عنه بالتحديد"
ابتسمتْ لي ابتسامة عريضة وتوهجت عيناها باللون الذهبيّ.

"س... سيلين؟!"
تلعثمتُ في كلامي منصدما مما رأيته. ألم أترك سيلين مع جوش في المنزل؟!

"كم أنت أبله عزيزي!"
ضربتْ الفتاة جبينها بخفّة ثم تقدمتْ نحوي بسلاسة.

توقفتْ على بُعد إنش واحد مني ثم أمسكتْ بيدي ووضعتْ شيئا رطبا فيها، ثم انحنت وهمست في أذني كلمات لم أفهمها.

----------

استيقظتُ لأجد نفسي مستلقيا على الأرض في الغابة والشمس على وشك الغروب، كيف وصلتُ إلى هنا؟!

أحسستُ بشيء ما في يدي ففتحتُ قبضتي التي احتوت على عُشبة ما.

تذكرتُ أن سيلين أرسلتني لأبحث لها عنها فأسرعتُ في العودة إليها حتى لا تغضب.

ماركوس | MARCUSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن