الفصل الثاني والعشرون

17.4K 1.5K 67
                                    

#ماركوس:

ثلاثة أيام.

72 ساعة.

4320 دقيقة.

259.200 ثانية.

كلها عذاب... تتساءلون لم؟

لأن الفتاة التي لا يفترض أن تترك جانبي لم تُمضي ولو جزءا من الثانية معي، وكله بسبب لمّ الشمل اللعين.

أنا حقا سعيد لأنها وجدت عائلتها أخيرا لكن هذا لا يعني أن تتجاهلني تماما كما لو أنني مزهرية.

"رؤيتك بائسا تُشعرني بالسعادة"
جاء صوت جوش من باب المطبخ.

"مبارك لك"
أجبته بلا مبالاة وأكملتُ قطع التفاحة أمامي إلى قطع صغيرة دون أن آكلها.

"حسنا يا لعين، أنا هنا فقط لأن سام تريد مواساتك ولا أسمحُ لها بذلك. لذا حرك مؤخرتك الغبية، أوليفيا تنتظرك لتأخذها في موعد سخيف"
نظرتُ إليه وكأنه قد نما له رأس ثانٍ.

كِدت أن أحضنه من شدة سعادتي لكنني مررتٌ بجانبه بسرعة البرق وصعدتُ لغرفتي حتى أستحم. لا يمكنني أن ألتقي بها ورائحتي كجبنة متعفنة.

أدركتُ شيئا حينما كنت أرتدي ملابسي... أين سآخذها؟!

"ماركوس! أمسك بسرعة ها هو العنوان! لا تخبر جوش أنني كنتُ هنا"
دخلتْ سام فجأة ورمت ورقة ما باتجاهي ثم لوحت بيدها وخرجتْ.

وضعتُها في جيبي ثم ذهبتُ للمرأب حتى أخرج سيارتي، قُدتها كمن خرج لتوّه من مصحة عقلية فوصلتُ إلى منزل والديّ سامنثا في غضون دقيقتين.

كانت أوليفيا تنتظر أمام الباب في ثوب أخضر زمردي جعل عينيها تبرزان أكثر فبدتْ مثل القطة.

أخذتُ أنفاسا بطيئة حتى أُهدئ ذئبي قبل أن أفقد السيطرة على جسمي. بعد أن تحكمتُ في نفسي بعض الشيء ركضتُ إليها وانحنيتُ حتى أحصل على ما انتظرته طويلا.

"ليس الآن"
ابتسمتْ بتوتر وحضنتني بخفة.

"لمَ؟!"
تكلمتُ معها من خلال رابطتنا.

"إدو.. والدي يتجسس من خلف الباب"
فسرتْ ممسكة بيدي فسِرنا إلى السيارة.

فتحتُ لها بابها ثم ركبتُ وقُدت نحو المطعم الذي أخبرتني سام عنه.

حين ركنتُ في الموقف سحبتُها إليّ بسرعة خاطفة وتنهدتُ حين قبّلتُها وشعرتُ بالاكتمال أخيرا.

"تبا، كم اشتقت إليك!"
أسندتُ جبيني على جبينها وتركتها تلتقط أنفاسها.

"وأنا أيضا"
أغمضتْ عينيها ووضعت يدها الباردة على خدي.

جلسنا في تلك الوضعية لبضعة لحظات أخرى، كل منا يستمتع بوجود الآخر بجانبه ثم بعد قبلة خفيفة أخيرة، دخلنا المطعم قبل أن نفقد حجزنا.

طلبنا وجبة العشاء وبدأنا نتحدثُ عما فعلناه طيلة الأيام الفارطة. أخبرتني عن كل الأشياء التي فعلتها مع والدها، وكيف أنّ إليانور لم تكن غاضبة كثيرا بل تقبّلتها بصدر رحب.

أما أنا فأخبرتُها كيف كنت كحلزون في سبات، لا أتحرك من مكاني وأنتظر اتصالا منها. كنتُ سأكذب حتى لا أبدو غبيا لكنني متيقن أن سام ستكشف أمري بفمها الثرثار.

أكملنا بقية الوجبة في هدوء لكن شيئا كان يزعجني ولم أعرف ما هو.

"هل تشتمين ذلك؟!"
قاطعتُها حين لفحتني رائحة كريهة اختفت بالسرعة التي جاءت بها.

"أشتم ماذا؟"
سألت أوليفيا محتارةً وأمالت رأسها للجانب.

"لا شيء... لقد بدأتُ أهلوس"
طمأنتُها ومسحتُ قطعة من الكعكة كانت تلتصق بجانب فمها.

نجح ذلك في تشتيت انتباهها لأن خديها أصبحا بلون حبة الفراولة التي تزين تحليتنا.

"أبله..."
تمتمتْ لنفسها ونظرت إلى الصحن أمامها.

"ولهذا تحبينني"
ابتسمتُ لها ابتسامة جانبية وأمسكتُ بيدها لأطبع قبلة على ظهرها.

"بالفعل، يا أبله"
اعترفتْ ضاحكة وجعلتْ يدي تلك على خدها الذي لا يزال دافئا من الخجل.

بقينا تائهين في أعين بعضنا حتى جاء النادل بالفاتورة وقاطعنا.

كنتُ مجبرا على النظر إلى الورقة وأخذِها منه لكنني أدركتُ عندها أنها مصدر الرائحة الكريهة.

فتحتها بعجالة حتى كدت أمزقها وقرأتُ محتوياتها.

«الأخضر يبدو جيدا على عاهرتك لكنني أراهن أن الأحمر سيبدو مثيرا أكثر...»

لم أنتهي من قراءتها وزمجرتُ بصوت عالٍ جعل من حولي ينظرون إليّ باستغراب.

لم آبه لهم وبحثتُ عن النادل الذي أحضر الرسالة لكنه اختفى دون أثر.

"ما الخطب؟!"
تكلمتْ أوليفيا بقليل من الخوف فسحبتُها لتقف بجانبي.

"يجب أن نغادر حالا!"
أجبتُها وأنا أقودها باتجاه المخرج.

توقفتُ أمام سيارتي فبدأ دمي بالغليان حين رأيت ما عليها.

"يا إلهي!"
همستْ أوليفيا وتمسّكتْ بي فوضعتُ يدي على عينيها حتى لا ترى المزيد.

"أرسل إليّ سيارة الآن!! إنها حالة طارئة!!"
صرختُ على جوش من خلال رابطة القطيع فأجابني بلعنة ما.

تراجعتُ للخلف وابتعدتُ عن المشهد قبل أن أشعر بالغثيان ثم حضنتُ أوليفيا إليّ جيدا.

ماركوس | MARCUSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن