ليلة لن انساها

4.3K 77 2
                                    

ليلٌ هادئ لا يُسمع فيه إلا صوت الهواء الخفيف الذى يتسلل بين الفرغات الضيقة فى النوافذ.

فى شركتى، انصرف جميع الموظفين و ظللت انا و نبيل فى الشركة لوقت متأخر من الليل ننجز ما تبقى لنا من عمل.

و فيما كنت احاول جاهداً التركيز على شاشة حاسوبى المحمول تثائب نبيل و نظر الى ساعة يده و قال بتعب "هذا يكفى لليوم فأنا منهكٌ جداً يا مالك"

نهضت من مقعدى قائلاً  "حسناً فقد تعبت انا ايضاً" اقفلت المفلات و حاسوبى المحمول  وضعتهما فى مكانهما و اخذنا المصعد للنزول.

كانت اصوات اقدامنا عالية مقارنةً بعدم وجود أى اصوات او احد هنا غيرنا.

اخرجت مفاتيح سيارتى عند دخولنا للجراچ قائلاً  "أراك غداً" و انا متجه نحو سيارتى.

ودعنى نبيل ابن عمى و ركبت السيارة.

و فى طريق عودتى للمنزل اخذت افكر فيما سأفعله غداً من عمل و مواعيد، لطالما قيل لى انى اهتم بعملى اكثر من الازم و انه يشغل معظم وقتى و يأخذ اكبر قدر من الاهتمام فى حياتى.

ربما هم محقون لأنى اقضى ساعات قليلة فى منزلى ثم اذهب إلى عملى...اعنى ماذا يجب ان افعل فى حياتى غير الاهتمام بنجاحى و السعى لتطويره؟

كان الطريق لمنزلى مظلماً قليلاً و ليس به الكثير من السيارات، فالساعة متأخرة.

كنت اقود السيارة ببطئ لأنى متعب من العمل، فأنا اعمل على مشروع مهم لذلك اتأخر كثيراً تلك الايام.

و فيما كنت منشغلاً فى افكارى و من حيث لا ادرى ظهر ضوء سيارة امامى فجأة!

كادت تصطدم سيارتى بها...

آاه تلك السيارة التى لن انساها ابداً!

تلك السيارة التى غيرت حياتى بأكملها...

انحرفت عن الطريق لاتجنب الاصطدام و نجحت فى ذلك و لكن السيارة التى كانت خلفى لم تسمح لها الفرصة بتفادى الاصطدام.

فاصطدمت مع السيارة الاخرى فتدمرت السيارة التى كانت خلفى و انقلبت الاخرى.

كان ضوء النيارات المشتعلة عند السيارة التى قُلبت شديداً مقارنةً بضوء اعمدة النور فى الشارع وقتها، كان المنظر مروعاً.

خرج من السيارة المدمرة رجل مصاب اصابة لا بأس بها و لاننا كنا بساعة متأخرة من الليل لم يكن هناك سوانا تقريباً.

او لم يهتم احد بالمساعدة...مثلما كنت سأفعل تماماً.

و كأى شخص قد يكون مكانى سيشعر بالفزع و سيذهب للمساعدة و لكنى بطبعى لا احب مساعدة الاخرين أراها مضيعة للوقت و قد تكلفنى حياتى احياناً فهم لن يفيدونى بشىء، لطالما كنت مقتنعاً انى فى غنى عن الناس جميعاً.

التفت لى هذا الرجل و قال "اذهب و ساعد الشخص الذى فى السيارة الاخرى فأنا لا استطيع الحراك، ربما يكون مُصاباً إصابة بالغة و لا يستطيع الخروج من السيارة"

ولكن ما شأنى انا؟! هذه غلطة سائق السيارة المتهور.

لمَ اكلف نفسى تعب مساعدة شخص لا يكترث لحياته؟

لذلك لم اكترث له و ادرت محرك سيارتى من جديد و كنت سأرحل بالفعل، إلا ان ذاك الرجل اخذ يصرخ بصوت عالى.

"ما بك يا رجل اين تذهب و تتركنا هكذا ؟!! ساعد ذلك الشخص انا حقاً لا استطيع الحراك ربما تنفجر السيارة فى أى لحظة"

يااا إلهى!!! و ما شأنى انا؟!!

لماذا اساعدهم؟!

اخذت افكر لبرهة و فى النهاية خرجت من سيارتى مكروهاً اُتمتم بكلمات التذمر.

حسناً سأساعدهم و امحى تلك الليلة من حياتى للابد فانا لا اريد ان يكون هناك اشخاص يريدون ان يردوا لى الجميل او اى شىء من هذا القبيل.

ذهبت الى السيارة فوجد فتاة تبدو فى العشرينات من عمرها.

لم يكن إخراجها من السيارة بالأمر الصعب، إذ كانت خفيفة الوزن و سهلة الحمل،  اخذتها إلى اقرب مشفى فى المنطقة و ذهبت الى المنزل الذى لا يبعد إلا مسافات قليلة من المشفى رافضاً تذكر اى شىء عن هذه الليلة.   

القيت بجسدى المنهك على السرير دون ان اغير ملابسى حتى و نمت و كأن شيئا لم يكن.

لهذا أحببتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن