الصمت كان مخيم على ذلك الفصل الهادئ حيث كان الأستاذ يجلس على مقعده وهو يبلل حلقه الذي جف بسبب طول الدرس الذي ألقاه للتو ، بينما الطلاب هادئون فحسب فهم بإحدى أرقى مدارس العاصمة وبالكاد يوجد خمسة عشرة طالب بالفصل !
لكن هذا الصمت لم يدم كثيراً فما هي إلا مجرد دقيقة أو أقل حتى صرخ المعلم بكل حده وإستياء :" هوشي تداشي "
وقف هوشي وإبتسامة شقية تتربع على شفتاه وهو ينظر لمعلمه بشيء من التحدي بينما هناك عدد قليل من الطلبة
ضحك على ما حدث .
نهض المعلم من موقعه وهو يتأمله قبل أن يتحدث محاولاً الحفاظ على أعصابه :" لماذا فعلت هذا ؟ "
إبتسم هوشي بمرحه المعتاد وهو ينطق :" ماذا هل تخاف من العناكب يا معلمي ؟ "
تنهد المعلم بفقدان أمل وهو ينطق :" لغرفة الإدارة حالاً "
عبس هوشي ونفخ وجنتيه بخفة قبل أن ينهض ليتجه لغرفة الإدارة فهو يرى أن ما فعله لا يستحق العقاب !
ليس وكأنه لم يفعل ما هو أسوء بالماضي بهم ، لعبة عنكبوت تشبه الحقيقة بكوب الماء ليست أمراً هو يستحق العقاب عليها ، لذا عليه تلقين معلمه درساً قاسياً حتى يتمكن من تمييز ما يستحق العقاب من عدمه .
أومئ لنفسه إيجاباً وهو يخطوا لداخل غرفة المدير بكل ثقة وإبتسامة شقية مختلطة ببراءة الطفولة متربعة على ثغره .
ما إن رآه المدير حتى تنهد هو الآخر بكل يأس ، هذا الطفل لا يتوقف عن العبث بالأرجاء كما أنه غير قادر على أن يصرخ بوجهه أو أن يعاقبه بقسوة لإنه إبن أحد أكبر أثرياء العاصمة و شركتهم هي الشركة السياحية الأكبر بالبلاد .
إلا أنه نطق بحزم شديد :" ماذا فعلت هذه المرة تداشي ؟ "
توقف هوشي عن العبث بخصلات شعره الشقراء بينما أجاب بمرح ينبعث من حدقتيه الفيروزيتان :" لقد وضعت لعبة للعكنبوت بكأس المعلم فقط وهو يظن أنني بحاجة لعقاب بسبب هذا فقط ! "
أجابة المدير بكل سخرية و إنزعاج مطلق :" مذهل ، هل أنت بحاجة لتصفيق أيضاً ؟ "
ثم أكمل حديثه بجد :" عد لمنزلك حالاً ولا أريد رؤيتك دون ولي أمرك أهذا مفهوم ؟ "
توقف هوشي بمكانه قليلاً فحتى لو أخبره المدير بأن يغادر الآن هو لا يعرف الطريق لمنزله !
هو مجرد طفل بالثامنة وهي مدينة كبيرة للغاية ، ظهر التوتر على ملامح وجهه الصغيرة لينطق المدير مرة أخرى :" ما بك الآن ألم تسمع ما قلته لك ؟ "
أنت تقرأ
~ أغلال طبقية ~
Adventureتمارس الحياة في بعض الأحيان ألاعيب غريبة .. هذه الألاعيب قد تؤذي البعض بينما تساعد على ارتقاء البعض الآخر .. قد ترسم ابتسامة جميلة على وجه البعض ..بينما تجرح آخرين بجروح لايمكن لأي إنسان أن يمحيها .. جروح تستقر بالقلب .. لتحمله طوال طريق حياته آلام...