بعيداً عن ضجيج العاصمة طوكيو وشوارعها المكتظة و بإحدى القرى الريفية الهادئة المسمى بشيزوكا ، كان ذلك الطفل ذو الثامنة من عمره نائماً بعمق غير آبه بحياته التي خلت معظم أيامها من الهدوء .تقدمت والدته ذات الشعر البُني القاتح بينما ترتدي ثياب رسمية بسيطة ملائمة لعملها لتقف أمام السرير الصغير الخاص بطفلها بينما تهزه بكل هدوء ورقة :" يوشي هيا إستيقظ حتى لا تتأخر يا طفلي "
فتح يوشي عيناه الزرقاوتين بينما يتثائب بنعاس إلا أنه أجبر جسده على الإعتدال وهو يتحدث ببحة خفيفة بسبب آثار النوم :" إستيقظت يا أمي "
قبلته على جبينه بحنان بينما تنطق بهدوء :" حسناً يا صغيري ، الفطور معد بالفعل وهو على الطاولة ، لا تتأخر بالنهوض وإعتني بنفسك جيداً "
لم يستطع منع نبرة حزينة من الخروج وهو يتحدث بصوته الطفولي :" حسناً أمي ، إعتني بنفسك أيضاً "
نظرت له بحزن فهي تعلم أنه يقضي معظم وقته وحيداً بالمنزل لكن ماذا يمكنها أن تفعل ؟
هي سيتوحب عليها العمل لأجل صغيرها وتوفير ما يحتاجه على الأقل الأساسيات فقط .
شعر الصغير بحزن والدته ليرسم إبتسامة هادئة على شفتيه بينما يغادر فراشه :" لا تقلقي أنا بخير حقاً "
عادت لتقبله مجدداً وتغادر المنزل ليبقى صغيرها وحده به ، هو أخذ حماماً دافئاً ثم إتجه إلى المطبخ وتناول طعام الإفطار بكمية قليلة قبل أن ينهض و يتوجه للمدرسة سيراً على الأقدام ، هو تقريباً بحاجة لربع ساعة حتى يصل ليصل لها .
*************************
توجه يوشي إلى مقعده والذي كان في أول مقعد في منتصف الصف بينما من يجلس بجواره فتى مشاكس و تعتبر أسرته واحدة من أغنى الأسر الموجودة بالقرية !
مقارنة بالطلاب الآخرين فيوشي شخص غامض لهم ، لا يتحدث معهم إلا نادراً كما أن لا أحد منهم سيحاول الإقتراب منه بما أن من يجلس بجانبه إبن أحد اغنى الموجودين بالقرية إتخذ منه دمية ليزعجها و يتنمر عليه .
وأيضاً ذكائه بدراسته جعل منه متوفقاً للغاية مما يجعل الأستاذ دائماً يمدحه دون سواه وهذا ولد بعض الغيرة من بقية الأطفال بالفصل ، فالفصل الواحد يتجاوز عدد طلابه الثلاثين أو أكثر !
وبالرغم من كل ما كان يصيبه هو كان يرفض فقط الخضوع أو البكاء أمامهم ، لم يرد تخييب ظن والدته به مهما حدث .
*************************
إنتهى الدوام المدرسي أخيراً لينهض يوشي من مكانه بهدوء و يضع الكتب بداخل حقيبته و ينطلق بلا مبالاة لكل ما حوله !
أنت تقرأ
~ أغلال طبقية ~
Aventuraتمارس الحياة في بعض الأحيان ألاعيب غريبة .. هذه الألاعيب قد تؤذي البعض بينما تساعد على ارتقاء البعض الآخر .. قد ترسم ابتسامة جميلة على وجه البعض ..بينما تجرح آخرين بجروح لايمكن لأي إنسان أن يمحيها .. جروح تستقر بالقلب .. لتحمله طوال طريق حياته آلام...