هبطت طائرة آيكو بمطار القرية الصغير و أخيراً ، هو غادرها بينما ينظر حوله بإشتياق شديد لكل شيء , لم ولن ينسى أيام طفولته التي قضاها بها , تلك الأيام التي يستعد لدفع كل ما لديه من نقود لتعود مرة أخرى !
تجاهل السيارة التي كانت بإنتظاره وسار بخطوات هادئة وثابتة تحمل الكثير من الشوق بطياتها , لم يكن شوقه نابع فقط من تلك الذكريات التي تتدفق لعقله و إنما لأشخاص عاشوا هنا وشخص أقرب له من روحه فقد حياته بالمكان ذاته أيضاً .
توقف أمام تلك المقبرة دون إرادة منه , هو لم يأتي للقرية لرؤيته وبالرغم من هذا وجد نفسه أمام قبره , إنحنى بهدوء شديد ليجلس أمامه بينما ينطق بإبتسامة خافتة :" أهلاً بك يا أبله , أراهن أنك من أجبرني على القدوم لهنا بطريقة ما صحيح ؟ أأنت غاضب لإنني لم أزرك منذ أعوام ؟"
أبعد تلك الإبتسامة عن وجهه وهو يردف بحزن :" عليك أن تعود وترى ماذا حدث لتوأمك من بعدك ! أُمنا فقط ستتسبب بجعلي أنتحر قريباً , وهانا مستمرة بقول أن الإستماع لأمك هو الأهم ! وهل تعلم ما هو رأي أنا ؟"
أخذ نفساً عميقاً قبل أن يتحدث بسخط :" تباً لهم جميعاً وليذهبوا للجحيم ! لا أحد منهم يهتم لما أريده أنا ! فقط جميعهم مجموعة من الأنانيين الحمقى "
عبس قليلاً وهو يكمل :" جميعهم بحاجة لشخص يقف أمامهم ويخبرهم توقفوا قليلاً وإطمأنوا إن آيكو بخير ! ومع الأسف أنت لم تعد موجوداً لتخبرهم بذلك , وأنت تعلم أن شقيقك لن يفعل صحيح ؟! "
تنهد بتعب وهو يبعثر خصل شعره الشقراء لينهض بينما يتحدث بالنهاية :" أتشعر بالوحدة ؟ قد أتبعك قريباً ! و أعلم لو أنك تسمعني لقمت بالصراخ علي وقول عبارة ما كلا تكن أحمقاً آيكو وعش حياتك فقط "
عاد للعبوس وهو يكمل :" وإحزر ماذا ؟! لا أريد عيش هذه الحياة ! لا يمكنني فعلها أساساً , شخص مثلي مُعتاد على كتم كل ما يزعجه ومُسايرة التيار دون إعتراض لا يمكنه البقاء , كان يفترض أن تتركني أموت أنا بذلك اليوم فأنت أقدر مني على العيش "
أغمض عينيه وهو يهمس :" آسف ما كان علي القدوم بعد كل هذه الأعوام بمزاج كهذا ! ولكنني على وشك الإنفجار و أنت فقط من يمكنه تحمل ذلك , إلى اللقاء أتمنى أن يكون لقائنا التالي أفضل أو وجهاً لوجه عندما أتبعك "
هو أنهى عبارته ليعود للسير حيث وجهته الأساسية بينما يطغى عليه شعور أكبر بالراحة و الهدوء وإن كان يشعر بفراغ شديد بأعماقه .
*********
هي جلست بينما تحاول العمل جاهدة متناسية بذلك كل ما حدث معها منذ الصباح الباكر , لم تكن لتذهب للعمل لولا إتصال هارو والذي أخبرها بأن صغيرها قد إستيقظ وأعطاها حالته الطبية بالكامل و قد أخبرها بأنهم سيختصرون الرحلة ويعودون بعد أربعة أيام تقريباً !
أنت تقرأ
~ أغلال طبقية ~
Adventureتمارس الحياة في بعض الأحيان ألاعيب غريبة .. هذه الألاعيب قد تؤذي البعض بينما تساعد على ارتقاء البعض الآخر .. قد ترسم ابتسامة جميلة على وجه البعض ..بينما تجرح آخرين بجروح لايمكن لأي إنسان أن يمحيها .. جروح تستقر بالقلب .. لتحمله طوال طريق حياته آلام...