الفصل التاسع

5.5K 488 667
                                    

هبطت طائرة آيكو بمطار القرية الصغير و أخيراً ، هو غادرها بينما ينظر حوله بإشتياق شديد لكل شيء , لم ولن ينسى أيام طفولته التي قضاها بها , تلك الأيام التي يستعد لدفع كل ما لديه من نقود لتعود مرة أخرى !

تجاهل السيارة التي كانت بإنتظاره وسار بخطوات هادئة وثابتة تحمل الكثير من الشوق بطياتها , لم يكن شوقه نابع فقط من تلك الذكريات التي تتدفق لعقله و إنما لأشخاص عاشوا هنا وشخص أقرب له من روحه فقد حياته بالمكان ذاته أيضاً .

توقف أمام تلك المقبرة دون إرادة منه , هو لم يأتي للقرية لرؤيته وبالرغم من هذا وجد نفسه أمام قبره , إنحنى بهدوء شديد ليجلس أمامه بينما ينطق بإبتسامة خافتة :" أهلاً بك يا أبله , أراهن أنك من أجبرني على القدوم لهنا بطريقة ما صحيح ؟ أأنت غاضب لإنني لم أزرك منذ أعوام ؟"

أبعد تلك الإبتسامة عن وجهه وهو يردف بحزن :" عليك أن تعود وترى ماذا حدث لتوأمك من بعدك ! أُمنا فقط ستتسبب بجعلي أنتحر قريباً , وهانا مستمرة بقول أن الإستماع لأمك هو الأهم ! وهل تعلم ما هو رأي أنا ؟"

أخذ نفساً عميقاً قبل أن يتحدث بسخط :" تباً لهم جميعاً وليذهبوا للجحيم ! لا أحد منهم يهتم لما أريده أنا ! فقط جميعهم مجموعة من الأنانيين الحمقى "

عبس قليلاً وهو يكمل :" جميعهم بحاجة لشخص يقف أمامهم ويخبرهم توقفوا قليلاً وإطمأنوا إن آيكو بخير ! ومع الأسف أنت لم تعد موجوداً لتخبرهم بذلك , وأنت تعلم أن شقيقك لن يفعل صحيح ؟! "

تنهد بتعب وهو يبعثر خصل شعره الشقراء لينهض بينما يتحدث بالنهاية :" أتشعر بالوحدة ؟ قد أتبعك قريباً ! و أعلم لو أنك تسمعني لقمت بالصراخ علي وقول عبارة ما كلا تكن أحمقاً آيكو وعش حياتك فقط "

عاد للعبوس وهو يكمل :" وإحزر ماذا ؟! لا أريد عيش هذه الحياة ! لا يمكنني فعلها أساساً , شخص مثلي مُعتاد على كتم كل ما يزعجه ومُسايرة التيار دون إعتراض لا يمكنه البقاء , كان يفترض أن تتركني أموت أنا بذلك اليوم فأنت أقدر مني على العيش "

أغمض عينيه وهو يهمس :" آسف ما كان علي القدوم بعد كل هذه الأعوام بمزاج كهذا ! ولكنني على وشك الإنفجار و أنت فقط من يمكنه تحمل ذلك , إلى اللقاء أتمنى أن يكون لقائنا التالي أفضل أو وجهاً لوجه عندما أتبعك "

هو أنهى عبارته ليعود للسير حيث وجهته الأساسية بينما يطغى عليه شعور أكبر بالراحة و الهدوء وإن كان يشعر بفراغ شديد بأعماقه .

*********

هي جلست بينما تحاول العمل جاهدة متناسية بذلك كل ما حدث معها منذ الصباح الباكر , لم تكن لتذهب للعمل لولا إتصال هارو والذي أخبرها بأن صغيرها قد إستيقظ وأعطاها حالته الطبية بالكامل و قد أخبرها بأنهم سيختصرون الرحلة ويعودون بعد أربعة أيام تقريباً !

~ أغلال طبقية ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن