"ينفع أقعد جنبك؟"

2.7K 121 37
                                    

مساء الخير🦋
القصّة نُشرت في أغسطس ٢٠١٧، وكَانت أول قصّة أنشرها لذلك الأخطاء هتلاقوها كثير جدًا مَع الآسف سواء في سرد الأحداث أو الكِتابه لكنَّ القصّة أنا شايفاها بالنّسبة لي لطيفه وتنحب لكن صعّب علي أعيد كتابة كُل صفحة وأعتقد كده أفضل عشان تلاحظوا الفرق💕، هتلاقوا الفرق مَع كُل صفحة يتحسن وانا لِسه بتعلم، أتمنى لكم قراءة مُمتعه💫


- منذ 8 سنوات -
بين زحمة الطلاب في الممرات، و صوتهم الصاخب، و حديثهم الذي لا ينتهي، أكملت المشي في ذاك الممر الطويل وبيدي كوب من القهوة الساخنه؛ أخيرا قابلت غرفة أمامي مطبوع عليها "غرفة المدير"، تنهدت و طرقت الباب بلطف ودخلت، رأيت رجلا في منتصف عمره يجلس أمام الطاوله، أصلع بعض الشيء، يضع النظارات الطبية و يرتدي بذلة سوداء و نظر إلي و أبتسم بينما تفتش يده بين الأوراق،
"أتفضلي، تؤمري بحاجه؟"
توترت أعصابي، فهو أول يوم لي في الجامعه.
"أاه بصراحه.. انا لسه جديده هنا و مش فاهمه حاجه، اول يوم ليا و بقالي ساعه بحاول ادور على حد يقولي مكان السكشنز فين و مش لاقيه.."
"طيب، أهدي و أقعدي و هطلبلك مياه دلوقتي و هشوف حد يساعدك"
نهض من كرسيه و خرج ليبحث عن شخص يدلني، و جلست انا على تلك الأريكة الصغيره في غرفته و انا انظر من نافذة الغرفة إلى أولائك الشباب و البنات يتمازحان معا و شعرت بأنني سوف أكون وحدي في الجامعه طيلة الوقت، كما أنني وحدي دائما.
عاد المدير و بيديه كأس من الماء،
"شكرا لحضرتك" شربت و نظرت له و قال،
"متخافيش شوفت حد دلوقتي هيدلك و يساعدك هنا، متقلقيش."
هزيت رأسي و دخلت فتاة أنيقة، عيناها بنيتان، شعرها أسود و يصل إلى منتصف ضهرها،
"طلبتني يا دكتور؟"
"أيوه يا فريده، تعالي هعرفك على طالبتنا الجديده هنا، أ- إلا هو انتي أسمك إيه صحيح؟"
ضحكت و قلت، "أسمي جميله، جميله سيف ريان."
ثم توسعت عينه، "أنتي بنت الأستاذ سيف ريان صاحب شركة الطيران؟"
"أيوه.. هو في حاجه حضرتك؟" توترت ظنا بأن هناك مشكلة كوني أبنة سيف ريان.
"لا ابدا يا آنسه، والدك ليه معزه خاصه عندي، انا أعرفه كويس أوي، حكالي عنك، مش أنتي كنتي عايشه برا؟"
توترت أعصابي، فأبي كذب على الجميع و أخبرهم انني كنت مسافره، ولكن الحقيقة لم تكن كذلك..
قاطعته الآنسه التي أتت لتدلني و هي تقف أمام الباب.
"أحم أحم." حمدت الله أنها تحدثت في الوقت المناسب.
"آسف يا بنتي، خدي الآنسه جميله و عرفيها على كل حاجه هنا."
"حاضر يا دكتور، تعالي ورايا."
"عن أذن حضرتك."
وقفت و ذهبت ورائها بين الممرات الطويلة للغايه و الطلاب الذين لا يصمتون أبدا، كسرت تلك الفتاة الصمت، "أنتي كويسه؟" نظرت لها و أبتسمت، "انا بخير، شكرا لسؤالك." أؤمت لي برأسها، "مش مصدقاكي بس ماشي" "مش مصدقاني ليه؟ انا بس عشان أول يوم مش أكتر." "تمام، انا أسمي فريده باي ذا واي، فريده عبدالعزيز الشناوي." "انا سمعت أسم والدك قبل كده في مكان، بس مش فاكره فين؟"
شعرت بأنها أنزعجت او شيء ما، لكنني لم أصر عليها لتجاوب.
"آسفه لو ضايقتك." أؤمت برأسها و أشارت لي إلى المكتبة، "المكتبة دي أستنيني فيها، هعمل حاجه و جيالك" أبتسمت و فعلت كما قالت لي، دخلت و شعرت براحة جميله للغايه، و كأنني في مكاني المناسب، أرى نفسي بين الكتب، كانت هادئة للغايه و لا يوجد بها الكثير، بدأت بلمس الكتب و أقراء أسمائهم، كنت أحب الروايات و الكتب بكل أنواعها، أخترت كتاب معين من بين ألالاف، ثم رأيت رجلا ينظر لي من الجهة الأخرى، عينه كانت جميلة للغايه، لم أرى سواها، شعرت بشيء غريب، لا أعلم ماهو، بأي حال نظرنا لبعضنا إلى بضعة لحظات، ثم ذهب من الجهة الأخرى، وحملت كتاب بيدي و ذهبت للبحث على طاولة لقرأتها و نسيت ما حدث للتو.
--
جلست بجانب شاب جميل؛ كان هو نفس الشخص الذي رأيته للتو ولكنني لم أرى وجهه بالكامل لذا لم أعرفه، رأيت عينه فقط، و يا ليتني لم أراها.
"ينفع أقعد جنبك؟" همست بصوت منخفض و لكنه كان يضع السماعات ولم يستمع ألي و لم يأبه لوجودي، أنزعجت منه للغايه و فتحت كتابي و وضعت كوب القهوة على الطاوله و كدت اقرأ ثم نظر إلي،
"هو حضرتك أستأذني قبل ما تقعدي هنا؟ مش يمكن الكرسي ده محجوز لشخص؟" نظرت له بغرابة،
"هو حضرتك مش شايف أنك حاطط السماعات وانا بقالي ساعه بحاول أكلمك و أقولك لو ينفع أقعد هنا و أنت مش سامع؟" تحدثت معه بنفس النبره.
وضع سماعاته جانبا و أقترب من وجهي و كدت أشعر بأنفاسه و تحدث بصوت منخفض و هادئ،
"مكونتش سامع و دلوقتي خدت بالي و بقولك الكرسي ده محجوز لشخص، ينفع تقومي بقى دلوقتي ولا أقومك انا؟" تحدثت بنبرة مشابهه مجددا، "ده أول يوم ليا و مش عايزه فيه مشاكل و توتر أكتر من اللي انا فيه، عن أذنك." أخذت حقيبتي و كوب القهوة و الكتاب و جلست في طاولة مجاوره دون النظر إليه و أكملت ما كنت أفعله، بعد دقائق جاءت فريدة و لاحظتها تعانق ذلك الشاب المتعجرف، سألت نفسي،
"هي تعرفه منين؟" أستغربت قليلا، توقعت إنه قد يكون حبيبها.
"أعرفك يا جميله، ده فريد، حبيبي." تلك الجملة ترددت مرارا و تكرارا في تلك اللحظة في عقلي، لا أعلم لماذا، و كأنني تمنيت لو لم يكن كذلك، ولكنني تعرفت عليه لتوي..
--
عاملني كشخص يراه لأول مره، مد يده لي و لم ارد ان احرجه امامها، تبادلنا السلام و نظراته لي كادت تأكلني من شدة غضبه، "هو انا عملتلو إيه؟" سألت نفسي.
"سعدت بمعرفتك، يا جميله." شكت فريده و نظرت له، "مالك كده بتتكلم معاها كده ليه، هو أنتو حصل بينكو حاجه قبل ما أدخل؟" "لا، إول مره أشوف الوش ده، عن أذنكم عندي محاضره."
-
لم أفهم تعامله بتلك الطريقة؟ تركنا و ذهب، كم هو وقح.
"معلش يا جميله، هو دبش شويه بس طيب لما تعرفيه.." أؤمت برأسي وأبتسمت و قلت "ماهو باين" ضحكنا سوية و أمسكت بيدي و عرفتني على بعض الطلاب، و الأساتذة و أنتهى اليوم و أصبحنا صديقات و عدت للمنزل،
-
دخلت غرفتي، غرفتي تشبه المستشفيات، مليئه بالأدويه، كما أنها مليئه بالكتب.. غرفتي ريفيه بعض الشيء، أجواءها هادئه مثل شخصيتي، غيرت ثيابي ورفعت شعري "كذيل الحصان" كما يدعونه، و نمت على فراشي مثل وضعية الأطفال، من الأرهاق الشديد، بعد ساعتان دخلت نانا إلى غرفتي و بيدها بعض الطعام. -الداده- ولكنني أناديها بنانا، فهي مثل جدتي.
-
"أصحي يا حبيبتي جبتلك أكل عارفه انك تعبانه و مكلتيش من الصبح" و هي تحرك اناملها بين شعري أبتسمت لا إراديا، أحب ان يلعب احدا بشعري.
نانا رغم عجزها و تجاعيدها و تعبها، لم تتركني وحدي في حياتي أبدا، أنها عائلتي كلها، فعندما كانت عائلتي مشغولة بسمعتها و أملاكها و ثراءها، هي من كانت تراعيني دائما.
"كملي يا نانا." أردتها إلا تتوقف.
"طب قومي الأول كلي حاجه عشان الدوا و عشان تحكيلي أول يوم ليكي في الجامعه كمان وبعدها هلعبلك في شعرك، يا طفله أنتي."
--
جلست و بدأت بالأكل، لم أكمل نصف الطبق، الأدوية التي كنت أخذها كانت تضعف شهيتي في الأكل، يكاد عظمي أن يظهر..
"ها يلا بقى أحكيلي يومك كان كويس في الجامعه ولا لا؟"
--

رويت لها كل ما حدث، نانا تصغي إلي جيدا، فهي تحبني أكثر من والدي.
"وأنتي تزعلي ليه لما البنت قالت أنه حبيبها ها؟"
"هو انا قلت أني زعلت؟ انا بس يمكن أستغربت، او بالأصح محبتش أسمعها لسبب معرفهوش، وبعدين انا لسه شايفاه أنهارده، هكون حبيته خلاص مثلا؟"
"اممم قولتيلي، و معرفتيش الواد اللي عينك جت عليه ده وانتي بتاخدي الكتاب؟" بغمزه.
"لا، صدقيني مخدتش بالي من ملامحه، عينه جت في عيني و حسيت الدنيا وقفت، فضلنا نبص لبعض للحظات، و بعدها مشي، لا عرفت شكله، ولا عرفت حاجه."
"طب مش عايزه تعرفيه يعني؟"
"أعرف مين يا نانا؟ انا مصلحش للحب مره تانيه، مش شرط أكون أعجبت بيه؛ انا بس حسيت ان اللحظه دي كانت لطيفه، مش أكتر."
--
تنهدت نانا،
"والله يا بنتي مش عارفه أنتي محسساني أن آدم اللي حبك ده آخر واحد في الدنيا هيحبك، أنتي مش هتنسي الموضوع ده بقى؟"
لم أعطي أي ردة فعل، توقعت كلامها.
"يا نانا، انا قلتلك كتير أني مبقتش أحبه و نسيته و مش حطاه في دماغي ولا بفتكره غير لما انتي بتفكريني بيه، انا فعلا مشيت خطوه جديده في حياتي، انا حاسه بحجات حلوه هتحصل، مش عايزه ذكريات حزينه تاني."
"خلاص يا حبيبتي زي ما تحبي، انا بس مش عايزاكي تيأسي في الحب، الحب ده شيء عظيم و ممكن يجي في أي وقت و يخبط على باب قلبك، بس أوعي تقفلي الباب في وشه."
--
"هتفضلي تتكلمي عن الحب كتير ولا أقفل انا الباب في وشك؟" و ضحكنا وحل منتصف الليل وكانت بجانبي كل تلك الساعات تحرك أناملها بين شعري لأنام، شعرت ببكائها، سمعت همساتها، "ربنا يعينك يا بنتي و يوفقك في حياتك و يوقفلك ولاد الحلال ويبعد عنك كل شر ويخفف عنك الآلم.." و أبتسمت و عيناي مغمضتان،
- كم جميل أن يكون لديك شخصا يحبك لهاذه الدرجة ليدعو لك كلما صلى بالخير دائما، ليقبلك كما أنت، سيء او جيد، سيحبك ويراعيك مهما حدث، بالأخص اذا كان شخصا ليس بينكما صلة قرابه، أحيانا قد تكون صلة القرابه في القلوب. -
--
: عند فريد :
"و هو انت تعاملها كده ليه أصلا؟" صرخت فريده في الهاتف على فريد، ليتحدث بنفس النبرة،
"ما أنتي عارفه أني طول عمري بارد مع الناس و حبيتيني كده إيه الجديد؟"
"الجديد أن البنت دي ظهرت!"
"مش فاهمك، عايزه تقولي إيه يا فريده؟"
"معرفش، نظراتك ليها كانت بتقول حاجه!" و هي تبكي..
"إنتي عيله يا فريده؟"
"أوعدني أنك هتفصل تحبني لآخر يوم في عمري يا فريد.."
"لازم تبطلي تتفرجي على أفلام لأن شكلها لحست مخك."
"يا اخي اوعدني و ريحني و خلاص!"
"حاضر يا فريده أوعدك بكده، بطلي جنان كل يوم ده، أنا لو مت هفضل أحبك للعمر التاني، أرتحتي؟" لتهدأ هي ويعود كل شيء كما كان ويتصالحا.
--
بعدما اغلق الخط ذهب للشرفة وكعادته يضع السماعات و يجلس على الأرجوحة الصغيره ويستمع إلى أغنية ذكرته بشخص تحت نجوم الليل،
تذكرها.
تذكر جميله.. ولكن ليست جميله التي تشاجر معها في الصباح، بل جميله التي رأه عينها خلف الكتب اليوم و لم يعرفها.
ليفتح عينه ويهمس، "يا ترى مين البنت دي.."
---------
كااات أول بارت انتهى🎬
رأيكم إيه فيها لحد دلوقتي؟
يارب تكون جميله.. حابه اعرف معاكم مصير جميله و فريد و فريده،
😄😄👍

تقابلنا في زَمَن آخر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن