الماضي يلاحقها.

551 55 6
                                    

مرت 10 أيام و لم يتحدث كلا من فريد و جميله، كل ما كانا يتحدثا عنه هو عن الطعام فقط، كانا يتعاملان ببرود، لم يتحدثا عما حدث ذلك اليوم، ولكن منذ ذلك الوقت و هما غير طبيعيان، مرت الأيام تشبه بعضها، نفس الروتين، نامت جميله في غرفة الصغيره كل تلك الفتره، ولكن تغير ذلك الوضع اليوم.

"انا مطلبتش جبنه!" تذمر فريد في وجه جميله في السفرة على الفطار، قلبت عينها ثم قالت، "مش عايز جبنه متاكلهاش انا جيباها عشان فريده." ثم نظرت لطبقها و لم تآبه، كانت فريده تنظر لهما بأستغراب ولم تفهم الصغيره ما كان يحدث..

ضرب الطاولة بمقبض يده بقوة ثم ذهب إلى غرفته،
نظرت لفريده و أبتسمت لها ثم قالت لها أن تكمل طعامها و ستأتي هي في الحال.

صعدت إلى غرفته و رأته في الشرفة جالسا،

"أنت عايز أي سبب عشان تتخانق معايا و تهزأني صح؟"

- دعوني أخبركم بما يحدث مع فريد، أنه حقا يريد أي سبب ليتحدث مع جميله، حتى وأن كان شجارا، يريد الأعتذار ولكن كبريائه يتحكم به، و يريد أن يحبها ولكن عقله يقنعه بأنه مازال مغرما بفريده، و هو لا يعرف ذلك بعد. -

"أنا آسف."
تفاجئت، هل حقا أعتذر ثانية؟
"إيه؟"
"سمعتيني يا جميله انا مبعتذرش مرتين!"
"و بتعتذر على إيه؟"
"إني مسكت أيدك بقوه المره اللي فاتت و ضغطت عليكي."
"و بالنسبة لمعاملتك ليا؟"
"معاملتي ليكي عمرها ما تتغير."

التفتت و أمسكت بمقبض الباب ولكن أوقفها فريد،
"أعملي حسابك، بكره هنروح لأبن عمي فارس و هنزوره الساعه 3، جهزي نفسك."

هزت رأسها ثم ذهبت و لم تتفوه بكلمة، لن يفيد الكلام معه، لن يتغير شيء.

مر اليوم وأصبحت الساعة السادسة مساءا، كانت جميله برفقة فريده و يشاهدان التلفاز و كالعادة نامت على الأريكة، و أتى فريد من الغرفة و طلبت منه أخذ فريده إلى غرفتها، تردد في البدايه ولكنه حملها و وضعها على سريرها، ذهبت خلفه إلى غرفتها و وضعها على السرير برفق و حنان، وضع اللحاف عليها و كنت أترقبه من الباب،
"جميله، مش كده؟"

أبتسم و هو ينظر إلى أبنته النائمه و عينه مليئه بالكلام الذي لا يمكن وصفه، و كأنه ينظر إليها لأول مره و يشعر بشيء غريب بداخله، الشعور بالأبوه و الحنان تجاهها، يراها أمامه ولكنه لا يستطيع التقرب منها لأجل أوهام سخيفه.

ألتفت و قال، "طالعه لمامتها." ثم ذهب دون النطق بكلمة أخرى.

أقفلت الأضاءه و لم تهتم بما قاله عكس إي امرأة أخرى، قد يجن جنونها أن سمعت هذا من زوجها، ولكن معهم الأمر يختلف.

أخذ سماعته و هاتفه كالعادة و ذهب إلى حديقة المنزل يجلس على الأرجوحة، أتت جميله بعدها بدقائق و معها كتاب، سألته أن كان بأمكانها أن تجلس بجانبه، "ممكن أقعد جنبك؟" ولكنه كان مغمض العينين و يستمع إلى الموسيقى و لم يعلم بوجودها، ثم تنهدت و جلست بأي حال.
ثم شعر بشيء ما بجانبه، فتح عينه و رأه جميله و هي تغرق في الكتاب و معها القهوة بيدها الآخرى،
"استأذنتي قبل ما تقعدي؟"
"انا لسه كنت بسألك و أنت مردتش!"
"و دلوقتي سمعت ممكن تاخدي كتابك يا عبقريه و تطلعي فوق؟"
- و كأن التاريخ يعيد نفسه منذ أول مره تقابلا، كم ذلك مضحكا؛ ما هذه الحياة الغريبه؟-

"و أشمعنى انا اللي أطلع انا باجي أقعد هنا كل يوم بليل و أنت بتقعد في البلكونه و الأرجوحه اللي فوق في الأوضه!"

"انا ليا مزاج أقعد هنا مش هقوم." ياللبرود.
"خلاص و انا كمان عايزه اقعد هنا و أقرا الكتاب، نقعد جنب بعض و نكمل اللي كنا بنعمله من غير ما نزعج بعض."

قلبت عينه و كاد يقلع عينها من الغضب ولكنه أبتعد عنها وعاد يستمع إلى الموسيقى بعين مقفله،

بعد دقائق قليله أحد ما ارسل رسالة نصيه إلى هاتف جميله،
كان الهاتف بجانبها، نظرا كلا من جميله و فريد إلى الهاتف، كان مكتوب في الرسالة،

"انا آسف يا جميله، مكونتش مصدق أنك أتجوزتي و بقيتي لحد تاني، انا ندمان، آسف بجد."

توسعت عينها و كانت في حالة صادمه، أيعقل أن يكون آدم؟
رأى فريد الرسالة بوضوح ولاحظ تغيير وجه جميله بطرف عينه دون النطق بكلمه ولكنه غضب للغايه.
لماذا هو غاضبا ان كان لايحمل لها أي مشاعر؟

وضعت يدها نحو قلبها و هو يخفق بشده، بما تشعر؟
هل تشعر بالحنين و الأشتياق أم الآلم؟ هل مازالت تحمل له أي مشاعر؟

نسيت وجود فريد ولكنه لم ينسى ما رآه، كان ينتظر منها أن تخبره بالأمر في الحال ولكنها لم تتحدث، وضع سماعاته جانبا وسألها بما يجري بغضب، لم تتحدث فقط هزت رأسها بمعنى"لا يوجد شيء."

"انا اكثر حاجه بكرها في حياتي اللي بيخبي حاجه عليا؛ صحيح مفيش اي مشاعر بيننا و متجوزين على الورق و بس لكن انا مسمحش بحاجه زي دي تحصل يا جميله، أياكي و تفكري بحاجه كده ولا كده؛ كله إلا الكذب و الخيانه!"

"انت مستوعب انت بتقول إيه؟ أنت بتشكك في أخلاقي؟"

"متفهميش كلامي على مزاجك عشان انا مقصدتش كده، لو بتحبي حد تاني قبلتي تتجوزي ليه من الأساس و ضيعتي نفسك وحبك و قلبتي حياتي وبتخليني كل يوم أدعي ربنا فريده متكونش زعلانه مني في قبرها؟"

"قلبت حياتك! خلاص بسيطه جدا، من بكره تكلم أهلي و أهلك و ننهي الموضوع و نطلق، انا مبقتش أستحمل الأهانات و الخناق اللي مش بيخلص و الكره و الحقد اللي جواك ده، نطلق يا فريد، ده احسن حل.. احنا لسه في اولها."

"تطلقوا؟.." جاء ذلك الصوت من خلفنا و كانت الصغيره، نظرنا لها و كانت تبكي و بيدها دبدوبها الصغير، ثم ركضت و دخلت المنزل و صعدت السلالم و ذهبنا خلفها سريعا و لكنها أقفلت باب غرفتها بالمفتاح، حاول فريد فتحه و كنت أحاول التحدث لها و أقناعها بفتح الباب ولكنها لم ترد، ظلت تبكي فقط بصوت عال.
بعد دقائق من المحاوله معها، جلست في الممر على الأرض أمام باب غرفتها و انا أميل رأسي إلى الحائط، ما هذا اليوم..

كان فريد يتعرق و تعب من المحاوله، جلس أمامي مباشرة على الأرض و هو غاضب حزين و مجروح و عدة مشاعر فوق بعضها.
لم تشعر إلا برغبة البكاء الشديد، تعبت من كل شيء، كلما تحاول المضي قدما يعود شيء من الماضي يخرب حياتها مرة آخرى.

و كان فريد ينظر إلى السقف يفكر بما جرى.

بعد دقائق أخيرا فتحت الصغيره الباب و أتت نحوي و أحتضنتني، نظرت لهم بعينيها البريئتان، "ممكن نفضل سوا على طول؟"

نظرا لبعضهما، أبتسم لها فريد و هز رأسه بمعنى "حسنا" ثم تنهد و نهض، عاد لغرفته وبقيت ذلك اليوم جميله في غرفة الصغيره كالعادة،

أنتهى ذلك اليوم الغريب على خير.

تقابلنا في زَمَن آخر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن