أشرقت الشّمس وبدأ يَوْم جديد في شرم الشيخ، إحدى أجمل الأماكن السياحيّة في مِصر.
إستيقظت جميلة بأبتسامة عريضة مرسومة علَى وجَّهها وأول شَيْء قامت بفعله هو إزاحة الستائر، كان المنظِّر رائعًا جدًا والشاطئ منظرهُ مُنعش للروح وضوء الشّمس إنعكس علَى فريد حتّى فتح عيناه بصعوبة مُتأفأفًا، — "إنتي مينفعش تكوني في مكان متفتحيش فيه ستاير ابدًا؟"
إلتفتت وإبتسمت لَه وبدت في مزاجٍ جيّد ممّا جعله يتسائل، — "بتضحكي وباين عليكي مبسوطه يعني؟"
فتحت خزانتها وأختارت فُستانًا أحمر بأكتافٍ مكشوفة قصير وبسيط يُلائم أجواء المكان، — "مينفعش الواحد يصحى مبسوط؟"
— "ينفع لو في سبب." ثُم نهض من فراشه و حمّل منشفته وإتجه إلى الحمام، لكنَّ يبدو أن سبقه أحدهُم إلى هُناك.
أغلقت البابِ في وجههِ ووقف في مكانه و ظلّ يُتمتم بإنزعاج ورمى منشفته بعيدًا وجلس حتّى ينتظر خروجها.***
لمّح هاتفه ذا الشاشة المُحطمه علَى الأريكة وذهب مُسرعًا حتّى يتخلص منه قبل أن تبدأ جميلة بطرح الأسئلة عليْه، أخرج الشريحة و تخلّص من الهاتفِ المحمول عبّر إلقاءه في سلّة القمامة، لحُسن الحظ أنه يمتلك هاتِفٍ إضافي لذا وُضع الشريحة بداخله وإنتهت مُهمته وتنهد بأرتياح،
خرجت جميلة في نفس اللحظة بفُستانها الأحمر البسيط وبالمنشفة حوّل رأسها ونالت إعجابه بشدّه ممّا جعله يتوتر ويقوّم بالسخرية منْهَا وتظاهر بأنه لم تُعجبه، — "في إيه؟ شكلي وحش؟" صمت للحظات ثُم سخر منْهَا كعادتهِ، — "شكلِك عامل زي بابا نويل بالفُستان الأحمر الغريب ده،" ثُم حمّل منشفته ودخَّل الحمام هربًا من جمالها ممّا جعلها تضحك علَى مَدَى سخافتهِ.
إستند علَى البابِ للحظة وتوسّعت عيناه عجبًا بعدما أستوعب مَّا قالَه، شعر بالسخافة والإحراج.***
إجتمعوا جميعهُم علَى الفطور وتفاجئوا بإنضمام كارما إليهُم،
سحبت كُرسي وجلست بالقُرب من فريد والكُل تعجّب من وجودها بينهُم،
تسائلت دينا بنبرة ساخره، — "ما شاء الله يا كارما، حتّى هِنا بنشوفك، دي صُدفه دي ولا إيه يا ترى؟"
إبتسمت كارما بإستفزاز وشبكت ذراعها بذراع فريد بشكلٍ مُزعج قائله، — "والله قولي إللي تقوليه يا دينا، لكنَّ هِي فعلاً صُدفة، حتّى إسألي فريد، مش كده يافريد؟"
تنهد فريد وسحب ذراعه، لم يكُن في مزاجٍ جيّد لهذهِ الحركات السخيفة.
— "من فضلِك يا كارما لو جايه هنا عشان تزعجينا ياريت تمشي عشان الواحد مش ناقص."
رفعت حاجبها ذهولاً من موقفه، وُجهت الحديثِ لجميله الَتِي لم تتفوة بكلمة مُنذ قدومها وتعاملت بشكلٍ طبيعي حتّى لا تترُك لها مجالاً لإزعاجها، — "غريبه يا فريد، أول مره تنفعل عليا كده، معْقول الجواز من جميلة يغيّرك ولا إيه؟"
— "مفيش حدّ غيرني و بلاش كلام فارغ، لو هتقعدي من سُكات إتفضلي إنما لو جايه تضايقي كُل الموجوديين رُوحِي أقعدي في أي حته تانيه."
ظَهَر شريف شقيقها في الوقتِ المُناسب ونظر إلى جميلة وكأنّها الشخص الوحيد الموجود علَى المائدة، — "إزيكوا يا جماعه، صُدفه حلوه أوي إننا نشوفكوا هِنا،"
كان مُتصنعًا ومُزيف كأخته تمامًا، نظر الجميع إلى بعضُهم البعض وتغيرت ألأجواء وأصبحت متوترة للغاية، أُستفز فريد من وجودّه ومن طريقة تحديقة لجميلة الَتِي بدت مُرتبكة بسببه عندما تذكّرت كَيْف إقترب منْهَا آخر مرّة في منزلهُم، وجّه شريف الحديثِ إليها محاولاً لفت إنتباهها،
— "إزيك يا مدام جميلة، أتمنى متكونيش لسه متضايقه مني من سَاعَة آخر مرّة..؟" لم تلتفت وتجاهلته تمامًا، لم يفهم أحد عما كان يتحدّث شريف سِوى جميلة وفريد، لم يبتلع فريد حركاته تِلْك.
— "اهلاً يا شريف جيت في وقتك، خُد أختك بقى، المكان كبير وفيه ناس كتير وانا مُتأكد هتلاقوا ناس هنا تضايقوها غيرنا." ثُم إبتسم بمكر ونهضت كارما بإنفعال وإتجهت إلى طاولة آخرى بَعْد هَذَا الموقف السخيف والمُحرج، ضحك شريف محاولاً إزعاجه بنَفس الأسلوب، — "مقبولة منك يا فريد، عمومًا انا عازمكُم إنهارده بليل عند الشط، عندنا سهره مع صحابنا كده ولازم تيجوا، هكون سَعِيد لو جيتوا يا جميلة."
قاطعه فريد وقام بدفعه بلُطف حتّى يعود لشقيقته ويكُف عَن النَّظر إلى جميلة فبدأ الأمر يُثير إزعاجه، — "شُكرًا يا شريف علَى العزومه بس إحنا مش جايين، يلا يا بابا يومك سَعِيد." تبادلا النظرات الحاقدة وتوجَّه شريف إلى طاولته غضبًا وجلس فريد مكانه وَهُو مازال ينظرُ إلى شريف بعيونٍ بارده،
بدأوا أصدقائه بطرح العديد من الأسئلة عليْهُم،
سأله هيثم بإستغراب، — "دول إيه إللي جابهُم هِنا؟ وبيعتذر لجميلة ليه؟"
تنهدت جميلة وطلبت منهُم ألا يتحدّثون عَن الأمر فالموضوع مُزعج.
— "بلاش نتكلم عَن الموضوع ده ونعكر مزاجنا، خلّينا نفطر."
شعر الجميع بالتوتر وتوقفوا عَن طرح الأسئلة حتّى لا يُفسدوا هَذَا اليوم قبل أن يبدأ، عدّلت دينا جلستها ووُجهت الشوكة علَى جميلة قائله، — "طيب إحنا هنعدي الموضوع بمزاجنا دلوقتي لكن هنتكلم فيه بعدين عشان إنتوا مش عاجبِني الأيام دي وبتخبوا علينا حاجات كتير." اومئت جميلة برأسها بأبتسامة كمُحاولة لإخفاء شعورها بالإستياء، كَيْف ألا تَكُون مُنزعجه.
تعكر مزاج الكُل وبالأخص فريد، خطر علَى بالهُ تحطيمُ وجّه شريف للحظة لأنه السبب في هَذَا التوتّر الّذي أصاب الجميع، وبالطبع، رؤية جميلة مُستاءة بسببه هُو أكثر ما يُغضبه في هذهِ اللحظة، تغير في وقتٍ قصير، لم يكُن يتحمّل رؤيتها او حتّى سماع صوتها في البداية والآن فجأة الأمر تغير.
![](https://img.wattpad.com/cover/119932699-288-k648494.jpg)