"التعويض."

1.3K 74 22
                                    

في الصباح التالي، دخلت الشمس غرفة فريد وهذا ما جعله يستيقظ مُبكرًا، فتح عينه بإنزعاج من نور الشمس.. ولكنه نام بطريقة غير إعتاديه، لقد نام جالسًا على الأرض، مُمدد ويُميل رأسه على الحائط، يتذكر ما حدث البارحه، ظل يبكي بحرقة طوال الليل بعد الشجار الذي دار بينه وبين جميله عندما تحدث عن فريده، وجلست هي بجانبه تواسيه رغم أنها من تحتاج المواساة وهو من جرحها، وبعدما تذكر إلتفت يسارًا ورأى جميله مُمدده على الأرض ونائمه بسلام، لقد نامت على الأرض مثلما فعل!

نهض ثم ذهب مُسرعًا لجميله، ظل يفكر، يوقظها؟ لالا.. ستفهمني بطريقة خاطئة، لا أستطيع النظر إليها بعدما كُنت السبب في بكائها البارحه، ولن أعتذر لأن ما فعلته كان صحيحًا، ولكنني لا أستطيع رؤيتها نائمه على الأرض هكذا.. ظل يفكر لدقائق، وقرر بأن يحملها ويضعها على السرير، أخيرًا.

وضع يده خلف ظهر جميله وحملها بكُل هدوء، وضعها على سريره ببُطئ، يخلع حذائها، ويرى خصلة شعرها البُني الفاتح تغطي عينيها الجميلتين، يضع شعرها جانبًا ويتفادى رؤية وجهها، يعلمُ تمامًا أنها تملك وجه جميل و نقي قد تجعل أي أحد يقع في غرامها، ويتركها ويخرج من الغرفة بهدوء، ويقفل الباب ويتنهد.

______
بينما يمشي فريد في الممر، يُصادف الصغيره تمشي بإتجاه مُعاكس وكانت بيدها عروستها الصغيره، وكان من الواضح أنها ستذهب إلى جميله، "أحم، فريده." قال فريد يحاول تجسيد دوره المُعتاد مع إبنته، لتنظر له بخوف، "نعم ياپاپي.."
وتلتفت له ثم تنظر إلى الأعلى، "كمان شويه صحي جميله عشان هنمشي نروح عند البيت الجديد عشان عندنا يوم طويل وشغل كتير."
"حاضر.." وتمشي خطوتان ويوقفها فريد ليسألها لأول مره، "فطرتي ولا لأ." بصوت شامخ.
"لأ.. هستنى ميس جميله تصحى وهفطر معاها.." بصوتها الطفولي ووجهها على الأرض، مالذي يجري معها؟
"بُصيلي هنا وأنا بكلمك يافريده!" يصرخ وترتعب الصغيره أكثر ثم تلتفت إليه والدموع تسيل من عينيها.. ياللطفلة المسكينه.

ينزل على ركبتيه ليصل إلى طولها ويسألها وجهاً لوجه، "مالك يافريده؟!"
ترد بتلعثم وهي ترتجف.. "سـسمعتك إمبارح بتزعق لميس جميله وبتقولها إنك لسه بتحب مامي وخليتها تعيط.."
"وإنتي إزاي تتنصتي علينا مش ده عيب!"
ويمسك بمعصمها بقوه، "أنا مقصدتش يا پاپي.. انا آسفه.." ويفلت يده بعدما رآى الخوف في عينيها البريئتان، "ما الذي فعلته لهاذه الصغيره!" وتبكي أكثر فأكثر وتفتح جميله الباب وتجري نحو الصغيره لتحتضنها بخوف، "إنت إزاي تزعقلها كده وتمسكها بالطريقه دي!"
كانت الصغيره تبكي بين ذراعي جميله، ثم تطلب منها جميله أن تعود لغرفتها لتتحدث مع والدها على إنفراد، أومأت الصغيره برأسها بخوف وتذهب وتتفادى النظر إلى والدها وهي تمسح دموعها وتأخذ عروستها التي أوقعها فريد بعدما أمسك بمعصمها بقوه.
____
ذهبت جميله وفريد إلى غرفته ليتحدثوا عما حدث للتو،
"إنت إزاي تمسك البنت كده وتخوفها!"
يصرخ في وجهها قائلا، "مكنش قصدي أعمل كده، وبعدين هي غلطت وكانت بتتنصت علينا وكانت سامعانا إمبارح!"
"خليها تسمع عشان تعرفك أكتر وتكرهك وتخاف منك أكتر ماهي خايفه!" ردت بنفس النبره،
سمعت والدة فريد صوتهم من الطابق الأرضي، قلبت عينها ونظرت إلى زوجها الذي كان يقرأ الصحف بجانبها ويحتسي قهوته الصباحيه، ولكنه إبتسم لها كنوع من الـ"سيحلون المُشكله وحدهم، لا تقلقي."
______
"إنت لازم تعوض اللي عملته ده مع فريده، لازم!"
وينهض من سريره ويذهب نحو جميله بإستغراب، "نعم؟ أعوض إيه؟ إنتي مجنونه؟"
"أيوه تعوض فريده، إنت غلطت إنك عملت كده معاها، ولازم تعوضها، ولو معملتش كده أنا هاخد فريده وهنروح بيتي." وتربع يدها وتقف بصمود، ويضحك فريد بسخريه.
"إنتي مجنونه؟ إنتي صدقتي إنك مامتها ولا إيه؟ فريده بنتي ومش هتروح في حته، وبرضو مش هعوض حد." ويلتفت ويربع يده هو الآخر بينما ينظر إلى النافذة والغضب يملئ وجهه.
"فريده مش بنتي بس أنا أقدر أخدها، بس تمام جدًا، نشوف مين هيمنعني أخدها." وتلتفت وتمسك بمقبض الباب، وفي اللحظة الآخيره يمنعها من الخروج، يعرف أنها عنيدة وقد تفعلها. تلتفت بإنفعال، ويقلب عينه ثم يفلت يده، "أنا مش هسمحلك تاخدي بنتي."
"هتعوضها لمدة إسبوع، إسبوع تفرحها فيهُم."
توسعت عينه وكان يتمنى لو يمكنه صفع وجهها المُستفز.
"يعني إيه أسبوع أعوضها يعني؟ إنتي متخيله إنتي بتطلبي إيه مني؟"
وتُعيد جميله جملتها مُجددًا، "هتعوضها لمدة إسبوع وهتفرحها، طبعًا انا عارفه إنك مش هتعتذر أبدًا، فأنت مُضطر تعوض الإعتذار بإنك تفرحها ونعمل كُل حاجه هي عايزاها عشان نشوفها مبسوطه."
______
تظاهر بأنه لم يكن مهتمًا، تذكر دموع صغيرته وشعر بالذنب.

تقابلنا في زَمَن آخر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن