قرّر الجميع في اليوم التّالي الذّهاب إلى رحلة سفاري في صّحراء شرم الشيخ.
صعّدت دينا إلى الحافلة بصعوبة بسبب بطنها الكبيرة حامله حقيبة متوسطة الحجم المُحمله بالطعام كالعادةِ وضحك عليها أصدقائها. هتف هيثم من المقعد الخلفي قائلاً، — "إنتي بالأكل ده هتأكلينا وهتأكلي السُياح إللي في شرم كُلهم."
قلدته بسُخريه وجلست علَى مقعدها ووُضعت الحقيبة بجانب قدمي فارس وطلبت منه إخراج تُفاحة من الحقيبة بينما تتنفس بصعوبة، "خُدي التُفاحه أهي،" ثُم همس قائلاً، — "إنتي لازم تجيبي كمّية الأكل دي؟ إيه! متجوز فيل؟؟"
ثُم قضمت التُفاحة مُتجاهله كلامَه بإستفزاز.
كان يجلسُ فريد بجانبهُم في الطرف الآخر وكان مُستاءة كالعادةِ ونظر إلى المقعد الآخر وشكر الله ظنًا بإنها لن تنضم إليهُم حتّى فُتح البابِ وتفاجئ بقدومها، ضرب المقعد الّذي كان أمامهِ بعصبية بمقبض يده بقوّة وإلتفت السائح الأجنبي بإستغراب وهتف قائلاً، — "مَّا بك يا رجل؟!"
تنهد فريد وإعتذر من السائح علَى تصرُفه وجلست جميلة بجانب النافذةِ في الطرف الآخر بعدما ألقت السّلام علَى أصدقائها وتجاهلت وجودّه،
كان ينظرُ إليها بينما كَانت تُميل رأسها علَى النافذةِ مُنتظرة إنطلاق الحافلة هربًا من همومها.
كان مُنزعجًا من وجودها ومن هَذَا الوضع الغريب بينهُم الّذي لا ينتهي، كُلما تحسنّت علاقتهُم، تتغيّر الأمور وتعود العلاقةِ كَمَا بدأت.
صعّدت كارما المُدللة إلى الحافلة برفقة أخيها ولمحت فريد جالس بمفرده وإبتسمت كالبلهاء وهمست في أذن أخيها قائله، — "فريد قاعد لوحده، واضح إنهُم مِش عايزين يقعدوا سوا، أقعُد مَع جميلة وإستغل الوضع شوية."
اومئ أخيها شريف برأسه ووافق علَى خطّة شقيقتهِ الَتِي.. لن تنجح رُبما.
جلست كارما بجانبهِ وكَانت تُحاول إغراءه كالعادةِ لكنّه لم يهتم إطلاقًا فكان يُراقب ما يُحاول شريف فعلَه.
وجّه شريف الحديثِ إلى جميلة بصوتٍ خافت مُتظاهر باللطافةِ، — "مُمكن أقعُد جنبك ولا فيها مُشكله؟ أصل.. زي ما إنتي شايفه مفيش كراسي فاضية."، قامت جميلة بتجاهله ولم تكلّف نفسَها بالنظر إليه حتّى أنه شعر ببعض الإحراج.
لاحظت دينا أنه كان يتحدّث إلى جميلة ومن الواضح أنها لم ترغب بوجوده، نهضت وجلست مَع جميلة كْي لا يُزعجها هَذَا الطّويل الأخرق.
— "معلش بقى يا شريف، مِش عارفه أقعُد هِناك خالص، أصل برتاح لما بكون مَع جميلة، روح إنت بقى أقعُد جنب فارس وأهو كمان يسليك بدل ما إنت مِش لاقي حاجه تعملها." ضحك فارس ساره وهيثم علَى سُخريتها منه حتّى غضب وجلس بجانب فارس بإنفعال وغرور ورُفِض حتّى أن يتبادل السّلام مَعه.
أمسكت جميلة بَيْد صديقتها تعبيرًا عَن إمتنانها لما فعلته بإبتسامة.
نظرت دينا يمينها حَيْث يجلسُ فريد وتبادلا النظرات وقام بتحريك شفتيه بإبتسامة قائلاً، — "براڤو." لتغمز دينا وتُلاحظ كارما التغيّر الّذي حدّث مَع فريد فجأة وكَيف كَانت ردة فعله وكأنّه أصبح يهتم لأمرها وبدأت تعوّد تِلْك المخاوف الَتِي راودتها عندما لاحظت إهتمام فريد الكبير لفريدة لأول مرّة مُنذ ١٠ سَنَوات، لم يرغب بالتحدثِ معها فَهُو لم يكُن في مزاجٍ جيّد ليتجادل مَع أحدهُم وبالأخص مَع هذهِ المدللة، إرتدى نظارته الشمسيّة ووُضِع السماعات حتّى لا يضطر إلى سماع تُراهاتها ونظر إلى النافذةِ وكأنّها لم تكُن موجودة ممّا أثار غضبها أكثر حتّى إنتزعت السماعات عَن أذنيه بقوّة، — "إنت كمان مِش هتكلمني وتتعامل ولا كإني موجوده؟؟ إنت إيه إللي حصلك؟"
— "انا طوّل عُمري معاكي كده، مِش فاهم إنتي ليه دايمًا مُصره تقللي من نَفسِك؟"
— "أقلل من نفسي؟ بقلل من نفسي عشان عندي مشاعر ناحيتك؟ إنت ليه مش قادر تستوعب إني الشخص المُناسب ليك؟"
نفخ في الهواء وسحب السماعات من يدها ونهض من مقعدهِ وتقدّم نحو مقعد فارس وطلب من شريف الجلوس مكانهِ بجانب شقيقته حتّى يتخلص منْهَا.
— "ياريت تروح تقعُد مَع كارما متهيألي المفروض إنك تَكُون إللي قاعد معاها مِش أنا، ولا إيه يا أخ؟" كان يُحاول إزعاجه بتلك الجُملة ونجح حتّى نهض وتبادلا نظراتٍ مليئة بالكُره تجاه الآخر.
جلس مَع صديقه الّذي همس لَه قائلاً، — "إيه إللي مقعدك بعيد عَن جميلة مشوفتش الطّويل الأهبل ده كان بيحاول يعمل إيه ورايح تقعُدلي مَع الست كارما؟"
— "مكونتش أعرف أنها جايه وبعدين كارما هِي إللي جَت تقعُد جنبي."
ثُم قاطعهُم صعود المُرشد السياحي إلى الحافلة وأُغلق البابِ وتحدّث إلى الجميع باللغة الإنجليزية وهتف قائلاً، — "أعيروني إنتباهكُم من فضلكم! نَحْن الآن سنتجه إلى إحدى المناطق الصحراوية في شرم الشيخ وتتضمن هذهِ الرّحلة العديد من الفعاليات المُمتعة مثّل رُكُوب الدراجات الناريّة في الصّحراء والسهرات الليلية الجميلة تَحْت ضوء القمر وتناول العَشاء علَى الطريقة البدوية، نتمنّى أن تقضوا وقتًا مُمتعًا هُنا وأهلاً بكُم في شرم الشيخ مُجددًا."