جلس الجميع على مائدة الطّعام في الصباح التالي، لم تقبل الصغيره بأكل أي شيء، كانت تلعبُ بالمعلقة ولم تضع شيء في فمها ابدًا. أخبرتها جميله بإن الدراسة ستبدأ بعد ثلاثه أسابيع وإستاءت بشده. شعرت بالملل الشديد فهُم شبه محبوسين في هذا المنزل الكبير مُنذ أيام، ومُنذ زواج جميله وفريد لم يخرجوا كثيرًا وحياتهُم روتينية جدًا.
حاولت جميله أن تُغير مزاج الصغيره ولكنه لم يُجدي نفعًا،
"طيب إنتي زعلانه من إيه دلوقتي؟" ووُضعت يدها على رأس الصغيرةِ ثُم إلتفتت فريده وأخبرتها بما تشعرُ به بصوتٍ شجي، "انا زعلانه عشان مخرجتش كتير، كل صحابي راحوا رحلات ومُعسكرات للأطفال وانا دايمًا في البيت.." تركت الطاوله وصعدت إلى غُرفتها في الطابق العلوِي وأغلقت الباب بقوة.
إنزعجت جميله فهي لم تَر الصغيره بهذه الحالة من قبل،
لم يُعلق فريد على ما حدث للتو، ولكنه قال شيء أثار إستغراب جميله، بشكل إيجابي.
"خلينا نسافر ونودي فريده المُعكسر في أقرب وقت قبل الدراسه."
مسح فمه بالمناديل بعد تلك الجُملة وغادر الغُرفة وذهب إلى غرفة نومه قبل أن يرى ردة فعل جميله المُتفاجئ فتصرفه كان غير متوقعًا،
شعرت جميله بالسرور وتمنت أن تتحسن عَلاقته مع فريدة، ويبدو أن أمنيتها ستتحقق قريبًا.- أن فريد شخصًا غريب وغير متوقَع.
__________
بعد نصف ساعة، كان فريد متواجد في غرفته، يجلس على كُرسيه الهزاز الخشبي ويستمع إلى أغانيه المُفضله ويقرأ رواية ما، شعر بيد صغيرة على كتفهِ ونظر خلفه،
إنها صغيرته.نزع السماعة ووضع الكتاب جانبًا، تأمل ملامحها البريئه بينما كانت تقف أمامه مُبتسمه وعيناها يلمعان من شدة الفرح. سحبته نحوها بقوة وعانقته كما لم تعانقه من قبل، تسارعت نبضات قلب والدها كما تسارعت يوم ولادة فريده عندما حملها بين يديه وأحضانه لأول مرة، لكن هذه كانت مُختلفه.
رفع يديه الاثنتين ليضم إبنته إلى حضنه أكثر، ولكنه لم يستطع، إنسحبت فريده وقبل خروجها من الباب قالت، "شكرًا لإنك وافقت.."
عادت إلى غُرفتها وهي تركضُ والإبتسامة العريضه لم تُفارق وجَّهها، وعانقت جميلة بشده.
شعر فريد بالكثير من المشاعر، وكأن ذلك الحضن ازال آلم كُل تلك السنوات._______________
رن أحدهم الجرس في الساعة ١٢:٣٠ ظهرًا، كان فريد ذاهبًا إلى المطبخ ليعد لنفسه القهوة والجميع كان في الطابق العلوِي، لا زالت الصغيرةِ في غُرفتها برفقة جميله ومشغولون بالرسم على الأوراق، كانت ترسم فريدة فراشة صغيره كالقلادة التي ترتديها جميلة، بينما كانت ترسمُ جميلة منزَّل أحلامها في مكان ما في البرية بعيدًا عن المُدن.
ذهب ليفتح الباب ولم يكُن هناك أحد، نظر أسفله ووجد باقة ورد كبير، حملها ووجد بطاقة صغيره مكتوب عليها بقلمٍ أسود بخط اليد،