بعدما رحل الجميع صعدت جميله مع الداده والصغيره وجلس فريد على الأريكة.
"إنتي هتنامي في أوضة فريده إنهارده، وفريده هتنام معايا، أقصد معايا أنا وفريد.."
"ميس جميله انا تعبانه وعايزه أنام.." قالت الصغيره بصوت طفولي.
"حاضر ياحبيبتي،" ثم تساعدها على تغيير ثيابها، و تحملها وتضعها على سريرهم في غرفتهم، وتعود للداده في غرفة الصغيره.
"مش ناويه برضو تحكيلي مالك يا جميله، يابنتي ريحيني وطمني قلبي"
ذهبت جميله نحوها وقبلت يدها، "كل حاجه بخير، وانا هكون بخير، يلا، نامي هنا وبكره نتكلم."
"حاضر يابنتي، تصبحي على خير."
----
أقفلت الباب وأطفئت الأنوار ودخلت غرفتهم لتغيير ثيابها، تفتح الباب وترى فريد بلا قميص، ثم تغمض عينها بسرعة. "انا آسفه بجد! أنا هطلع برا وألبس أنت براحتك.." توترت ثم يخبرها فريد بأن تدخل، فهو إنتهى من تغير ثيابه وأرتدى قميصا، دخلت ثم ذهبت إلى الحمام أولاً لتغسل وجهها وغيرت ثيابها، وتخرج وتخبر فريد بأنها ستضطر أن تنام في الغرفة الليله لأن الداده نائمه في غرفة فريده، ولم يجادل ولا يمانع، كان متساهل جدًا غير العاده، ولكنها لم يتخلى عن طباعه البارد، وشعرت جميله بأنه هناك شيء يود أن يتحدث عنه، ولكنها لم تسأله،
جلست أمام المرآة بينما كان ينظر إليها وهي تسرح شعرها، ولاحظت ذلك ثم تكسر الصمت، "أنت في حاجه عايز تقولها؟"
ولم ينكر فريد.
"بصراحه أيوه، في حاجه عايز أتكلم فيها معاكي، بس عايزك تقوليلي الصراحه، ولا حاجه غير الصراحه.""أنت قلقتني، خير، في إيه؟"
"إنتي مخبيه عني حاجه عنك يا جميله؟ حاجه من الماضي؟ او مش شرط عليا، على الكل؟"
لم تجب جميله على سؤاله، لقد توترت وشعرت بالخوف، ثم يتعصب فريد ويمسك بمعصمها بقوة، "ردي عليا!"
بدأت الدموع تنهمر، "إنت ليه كل مره بتعمل كده وبتضغط عليا وتفكرني بحجات عايزه أنساها وبتفتح حكايات أنا عانيت عشان أقفلها!"
"عانيتي؟ إنتي دايمًا تعملي نفسك ضحيه، براڤو عليكي بجد، لازم تاخدي جائزه أوسكار في أحسن واحده تغلط حد لما بتتزنق، متغيريش الموضوع يا جميله، إنتي في حاجه مخبياها عني أنا كزوج لازم أعرفها؟"
"لأ، وسيبني في حالي!"
"جميله، مش هكرر كلامي تاني، أنا عارف إننا متجوزين ومفيش مشاعر بيننا، لكن زي ما قلتلك المره اللي فاتت يا جميله إنتي مراتي قدام الناس، ولو في حاجه أنا معرفهاش قوليها ياجميله!"
"كفايه يافريد، أرجوك، سيبني دلوقتي وأنا أكيد هحكيلك في الوقت المناسب.."
وصمت فريد، ثم ذهب إلى الشرفة وأخرج سماعته وهاتفه وإستمع إلى بعض الموسيقى، هذا مايفعله عندما يكون غاضب او متوتر، لم تتغير عادته.
شعرت جميله بالخوف، ليس لأنها ستخبر فريد سر كبير مثل هذا السر، ولكن لأنها ستفتح الباب لماضيها، تنام بعد هذا اليوم المتعب الطويل، الحزين.
-
بعد عدة دقائق خرج فريد من الشرفة ونظر إلى جميله وهي نائمه على الأريكة بسلام، ويفكر للحظة كم هي تبدو جميلة جدا، ويعود لوعيه ثم يخرج بسرعة ويذهب إلى المطبخ،
وشعرت النانا بالعطش وذهبت هي الأخرى إلى المطبخ، لتجد فريد جالسًا على كُرسي،
"انا آسفه يا إبني، بس أنا عطشت وقُلت أجي أشرب مايه""إتفضلي يا نانا، أقعدي وأنا هجيبلك مايه."
كان يعاملها بلطف، وهذا ليس مُعتاد ولكن الجميع يحب النانا الجميله.يعطيها كوبًا من الماء، وتشكره ثم تجلس هي أيضًا وتتحدث مع فريد قليلاً،
"جميله مبسوطه؟"..
يستغرب من سؤالها، "مش فاهم معنى السؤال، بس أعتقد هي مبسوطه.""إعتقادك مش صحيح، أنا عارفه جميله أكتر من أي حد في الدنيا، وعارفه لما بتبقى حزينه ولا سعيده، مش مكتوب للبنت دي السعاده الأبديه أبدًا.."
"ليه بتقولي كده؟"
"البنت دي يا فريد كنز، اللي ميعرفهاش يبقى شخص غير محظوظ، طيبة الدنيا فيها وحنينه على الكل ولو طلبت منها أي حاجه في الدنيا تديهالك، شافت حاجات كتير من وهي صغيره، مكنش عندها طفوله حلوه ولا حتى لما كبرت، في آخر كام سنه بس بعد ما بقيت مشهوره بفنها ونشرت كتب وبقيت مشهوره بين الشباب ويطلبوها في المؤتمرات والندوات وورش تعليم الكتابه وكمان بقيت مدرسة موسيقى مشهوره، وهي حياتها بدأت تتحسن، إنت إتجوزت جميله وهي قويه بعد ما كانت مكسوره، أرجوك مترجعهاش لورا تاني وتسعدها، لأنها تستاهل كل حاجه حلوه، تصبح على خير." وتتركه وتعود للغرفه..
لم يتوقع فريد هذا، إنه حقًا متزوج من فتاة ناجحه، لم يفكر فريد بهاذا الأمر ولم يكن يعرف الكثير عن جميله، الكثير من المشاعر المختلفه بداخله الآن.
يقرر العودة إلى غرفته والغرق في النوم، نظر إلى جميله لوهلة، ثم يغمض عينه وينام، وأخيرًا إنتهى هذا اليوم الغريب لفريد.