المساعده.

942 83 12
                                    

في اليوم التالي دخلت الجامعة و كالعادة أرى الطلاب المزعجين في كل مكان، في لحظة واحده بدأ عقلي يدور و شعرت بالدوار الشديد لأ أعلم لماذا، وضعت يدي على جبيني، قلت لنفسي قد يكون دوار قصير و سيذهب لاحقا، لذلك أكملت المشي بسرعة لأبحث عن فريده فأنا لا أعرف غيرها الآن لتساعدني، أصطمدت بفريد عن طريق الخطأ و انا أركض، كان ينظر لهاتفه و يضع السماعات، أوقعت هاتفه ونظر إلي بحقد و كره مثل كل مرة، حملت هاتفه من على الأرض و تأسفت فورا لم أكن في مزاج يسمح لأتشاجر فقد شعرت بالدوار حقا،
"أنتي مبتشوفيش كويس ولا إيه؟" بنبرة غاضبه.
"انا آسفه بجد، مكنش قصدي، أتفضل تيليفونك.." و يبدو على صوتي التعب. و سألته إين قد تكون فريده، و أدهشني رده، "إنتي عايزه إيه من فريده هو مفيش غير فريده في الجامعه؟" "انا بجد محتجالها دلوقتي مش قادره أستحمل خناق و نقاشات ياريت تقولي مكانها و كمل خناق بعدين.." بدأ يظهر علي التعب أكثر فأكثر، و شعر هو بذلك و سألني ما بي، "إنتي مالك كأنك هتقعي من طولك كده؟" لم يكن مهتما حقا، ولكنه سألني من باب الأنسانيه ليساعد، "حاسه بدوخه و تعب شويه مش أكتر.." وانا أضع يدي على جبيني ثانية، و في لحظة أمسك بيدي بسرعة و ذهبنا نحو الكافيتيريا و جلسنا، "خليكي هنا، هطلبلك حاجه و أرجع." حتى و هو يساعد يتحدث بغضب.
و انا لم أكن أشعر بأي شيء حولي، اؤمت برأسي و أغمضت عيني قليلا و أتى هو و جلس أمامي و بيده شطيرة و عصير المانجا.. *انا أحب المانجا.*
وضعهم أمامي ثم قال "كلي دول، تلاقيكي كده عشان مكلتيش، عاميه و كمان مهمله." لم أنطق بكلمة و بدأت بالأكل، أنهيت نفس الشطيره و لم أشرب العصير، بدأت أشعر بتحسن كبير و عدت إلى رشدي، "إنتي المفروض أنك كده كلتي؟" "انا شهيتي في الأكل ضعيفه، وبعدين هو حضرتك ليه عامل نفسك مهتم؟" "صح انا فعلا مش مهتم، انا الغلط مني دلوقتي إني حبيت أساعد من باب الأنسانيه مش كده؟" "لو كنت حبيت تساعد فعلا كنت قلتلي فريده فين و مكونتش ضيعت وقتي!" نظر إلي بمكر و أقترب مني، "فريده مكنتش موجوده في الجامعه، انا غلطان إني ساعدتك." حمل أغراضه و ذهب سريعا و شعرت بأنني أخطاءت.. لم أشعر بنفسي و ركضت وراءه.
"إستنى طيب!" وقف و هو يدير ظهره لي وكان يبدو أن وجهه غاضبا، "انا آسفه، مكنش قصدي، و انا مش هضايقك تاني بوجودي.. مش هكون في نفس المكان اللي أنت فيه.. انا مش مستحمله توتر أكتر، عن أذنك."
و عدت لمكاني و أكمل هو المشي كأنه لم يسمع شيئا، لم تأتي فريده ذلك اليوم، او ربما أتت ولم أراها.
--
بعد أنتهاء المحاضرات ذهبت للكافيتيريا مجددا و وجدت فريد يجلس وحده و السماعات في أذنيه، تنهدت ثم التفتت و كنت سأخرج لأنني قلت له بأني لن أكون في نفس المكان الذي سيكون هو موجودا فيه، ولكنني قررت أن أجلس في طاولة بعيده عنه وحدي.
--
لم ننظر لبعضنا على الأطلاق، ولكنه شعر بوجودي، طلبت القهوة و بيدي كتاب و كنت اقرأ، في لحظة وقعت حقيبتي و وقع كل ما كان بها، و أغلب الأشياء التي كانت بداخلها هي الأدويه، يوجد أدويه يوميه، أدويه أحتياطيه.. يمكنكم تخيل ما فعل الطلاب، حملت حقيبتي و الأدوية بسرعه، لا أريد ان يعلم أحدا أنني أعاني من شيء ما، سيعاملونني و كأنني مجنونه.. و نظر إلي كل من كان يجلس و بدأو بالسخريه و الضحك؛ أحدهم قال "إيه الأدويه دي كلها يا أنسه أنتي فاتحه صيدليه في شنطتك ولا إيه؟" و الآخر، "لا ياعم شكلها مجنونه او عندها مرض نفسي" و الأخرى، "بس بقى يا جماعه لا تكون مجنونه بجد و تموتنا كلنا ولا حاجه" و ضحك زملائهم و غرزت تلك الكلمات مثل السكين على قلبي، هل من السهل الآن السخريه من الناس و جعلهم يشعروا بالسوء تحت مسمى "المزاح"؟ لم أحزن لكونهم سخروا مني أمام الجميع؛ حزنت لنفسي، و على جسدي المرهق و على تزييف الحياة المثاليه التي أعيشها وذرفت دمعة و حملت أغراضي و ذهبت مسرعا إلى الخارج، فريد رأى كل ما حدث بالداخل،
--
- عند فريد -
قمت مسرعا لاؤلك الطلاب بعدما خرجت جميله و بعيني نظرة الغضب الشديد ووضعت يداي على الطاوله، و همست لهم،
"اللي هيجرب يجرح حد سواء البنت دي أو غيرها في الجامعه حسابه هيبقى معايا انا، مفهوم؟"
"جرى إيه يا فريد هو انت مش وراك غيرنا في الجامعه تيجي تخانقنا أحنا كمان هتخانقنا عشان البت المجنونه دي؟" شعرت بالغضب أكثر و حاولت أن أتمالك نفسي ولكنني أكتفيت بقول، "انا مش هكرر كلامي تاني، اللي هيعمل كده فيها او في غيرها حسابه هيبقى تقيل أوي." و أستدرت وتركتهم خلفي يتهامسون كالصراصير، ذهبت لأبحث عن جميله وبيدي الماء، رأيتها خلف شجرة ما في الجامعه وسمعت صوت بكائها الشديد، لم أتردد لأذهب لها،
عندما رأتني مسحت دموعها بكف يدها وقالت،
"إيه جاي تستهزأ بيا انا كمان؟" لم أرد ازعاجها أكثر و تحدثت معها بهدوء و جلست بجانبها خلف تلك الشجره، "لأ، انا جاي أجبلك ميه و أقعد معاكي، انا عارف أحساس أن حد يستهزأ بيكي ده."
"و تحسه أزاي و أنت بني آدم بارد عمال تخانق كل اللي حواليك؟" "متخلينيش أندم إني جيت اسأل عنك و اساعدك تاني يا جميله."
بعد دقائق من الصمت و الهدوء، شعرت بالراحة قليلا و هدأت، كسرت الصمت بيننا و أخيرا تفوهت، "انا بقيت كويسه، أنت ممكن ترجع لمحاضراتك" بينما أمسح ما تبقى من الدموع في وجنتي. "لأ، انا خلصت من زمان، انا كده المفروض أكون في البيت." يرد بصرامه. "ماشي، انا همشي، شكرا للمساعده أنهارده و آسفه لو سببتلك أي مشكله او أزعاج، عن أذنك." وقفت و عندما أستدرت نده على أسمي، "جميله! أستني، انا عايز أطلب منك طلب،" "أتفضل؟" شعرت بالقلق ما قد يطلب ذلك المتعجرف مني.. "بطلب منك أي حاجه حصلت مابينا تفضل مابينا، متقوليش لفريده، ممكن؟" توسعت عيني ورفعت حاجبي، "كلامك ده بيعني أن فريده ممكن تحس بحاجه غلط حاصله مابيننا؟ او فاكره ان ممكن يبقى في حاجه؟" لم ينفي ذلك، فهو صريح و بسبب صراحته المفرطه هي ما تجعله مكروها، بجانب شخصيته البارده. "أيوه، مش هنكر ده، مع إني لسه شايفك أمبارح و هي بتهلوس بس انا مش عايز أزعلها، عشان دي روحي، و أنتي عن نفسك أكيد متقبليش تجرحي روحك."
ترددت تلك الكلمات في عقلي لأكثر من ١٠ مرات..
"عشان دي روحي.. وأنتي عن نفسك متقبليش تجرحي روحك..
عشان دي روحي.. و أنتي عن نفسك متقبليش تجرحي روحك.." و كأن العالم توقف هنا، هل قلبي يلين و عقلي لا يدرك ذلك؟
--
بعد دقائق من التحديق و سماع تلك الكلمات في عقلي مرارا و مرارا و تكرارا و تكرارا، تحدث فريد، "جميله؟" عدت إلى رشدي. "أأنا آسفه يا فريد، لازم أمشي حالا.." أمسك بي من معصمي قبل ان ارحل، "أستني يا جميله، مبحبش أتكلم و حد يسيبني و يمشي من غير ما أسمع رده." تحدث بصرامه و أفلتت يده، "حاضر يا فريد، مش هقولها حاجه، ممكن أمشي دلوقتي؟" "أتفضلي." بحاجب مرفوع.
--
عدت للمنزل و فتحت الباب وركضت لغرفة نانا لأنام بين ذراعها و هي على السرير وأروي لها كل ما حدث اليوم كالعادة، فتحت لي ذراعها و قلبها.
"إيه يا حبيبتي في إيه مالك؟" نظرت بقلق، "مفيش يا نانا، وحشتيني بس." و تبسمت بخفه لأخفاء الحزن الذي كان بداخلي. "انا أكتر واحده عرفاكي في الدنيا، مالك يا جميله؟" تنهدت و عدلت جلستي،
--
شرحت لها كل ما حدث وأصغت إلي جيدا.
"معلش ياحبيبتي، هما ميعرفوش الأدويه دي بتعمل إيه في شنطتك وبتاخديهم ليه، بكره كل حاجه تتعدل، متخفيش، ربنا جنبك." وضعت يدها على يدي، شعرت بالطمأنينة و نسيت الأمر.
"المهم بقى، و السي السيد اللي بيتأمر ده اللي أسمه فهيم-" ضحكت و صححتها، "فريد يا نانا، فريد" "ايا كان مين مين بقى، بيطلب منك كده ليه؟" بغمزه مثل كل مره. "عشان فريده حبيبته تقريبا حست بحاجه أمبارح، او أفتكرت أني ممكن أقرب منه، شكلها من النوع اللي بيغير عليه أوي، و هو بيحبها و مش عاوز يزعلها، دي الحكايه." "ياختي من جماله تغير عليه؟" لم أتمالك نفسي من الضحك بسبب طريقتها في التحدث، أحبها للغايه. "لا هو بصراحه حقها، هو يمكن شخصيته بارده، عصبيه، أنطوائيه يمكن؟ معرفش، بس هو كشكل فهو جميل، و في ذرة طيبه جواه." تندهت بعمق، "والله يابنتي مافي حد طيب غيرك، قومي، قومي خدي دش و غيري هدومك و انا هطلعلك أجيبلك أكل" قاطعتها قبل أن تذهب، "أستني يا نانا! انا كلت في الجامعه ساندوتش و مش حاسه إني جعانه، انا هطلع فوق أستريح شويه و أشرب قهوه بس، ممكن؟" اؤمت برأسها وصعدت لغرفتي، شعرت بأندهاشها كوني أكلت في الخارج، فأنا لم أكل خارج المنزل منذ زمن، شكرا يا فريد.
--
- عند فريد وفريده -
يتسكعان في حديقة ما يد بيد، لاحظ فريد عليها أنها كانت منزعجة من شيء ما،
"مالك يا فريده؟" سألها فريد و هزت رأسها بمعنى لا يوجد شيء، لا يحب فريد ان يعيد كلامه مرتين، حتى مع من يحب قلبه يتصرف معهم بصرامه و برود. حاول تغيير الموضوع، "مجيتيش الجامعه انهارده ليه؟" "ومين قالك إني مجتش؟" نظرت له بحده و فهم سبب أنزعاجها وتنهد، رأته مع جميله. "أيوه كنت مع جميله و ساعدتها و كلمتها عشان كانت محتاجه مساعده، حلو؟" "أنت كمان بتقولها في وشي!" صرخ في وجهها "أنتي عايزه إيه يا فريده؟ أخبي عليكي ولا اقولك الحقيقه؟ و بعدين إنتي إيه مشكلتك معاها بقالك يومين شايفاها بس و بتقوليلي أمبارح معاملهاش وحش إنتي عايزه إيه ولا هي عملتلك إيه هي؟" بدأت بذرف الدموع ولم تنطق بكلمه، دعوني أشرح لكم ما يحدث في عقلها و لماذا تشعر بشيء سيء تجاهي.. أي تجاه جميله.
- هي لا تكره جميله، هي تعتقد أن كل كره يحدث بين أثنان يتحول لاحقا إلى حب، ولكن هل هي محقه؟ أم أنها فقط تشعر بالغيرة لمن تحب؟ و ماذا رأت من جميله لتعتقد ذلك؟ -
وضع فريد يده على خد فريده وتحدث بهدوء و هو ينظر إلى عينيها، "يا فريده انا حبيتك أكتر من أي حد في الدنيا؛ انا معنديش حد غيرك، بطلي تفكير عيال، انا وعدتك هفضل أحبك لحد آخر يوم في عمري و عمرك!"
"بس ده مش ذنبي يا فريد! معرفش.. مش يمكن بكره تحبها أو تعجب بيها؟" تأفأف فريد قائلا، "انا حاسس أني بناقش طفل، شيلي الحجات دي من دماغك بقى؟" "ماشي يا فريد انا طفله!" و افلتت يده و ذهبت و ظل هو واقف مكانه دون تحرك، غاضبا ومنزعجا، عاد لمنزله و فراشه و حاول النوم، ولكنه ظل يفكر في ما حدث لجميله كثيرا بينما هو مستلقي على الفراش وينظر إلى السقف وهو يتذكر مشهد سقوط حقيبة جميله و كيف سخر منها الطلاب، "هي ليه معاها الأدويه دي كلها؟ وبتاخدهم ليه.." ظل يفكر طيلة الليل في الموضوع ليس لأنه مهتم بها، ولكنه مهتم بمعرفة الأسباب، ولم يرد أن ينام لذلك أخذ هاتفه و سماعته وذهب للشرفة وجلس في الأرجوحة مثل كل مرة تحت نجوم الليل المظلم يفكر بفريده، ولكن كل مرة يتذكر فيها فريده، يرسم عقله وجه جميله في السماء، ليشعر بالضيق والغضب كونه يتذكرها بدلا من فريده، بينما في الجهة الآخرى، كانت جميله تحدق في السماء بينما هي تتذكر فريد عندما أمسك بمعصمها بقوة اليوم و عندما أمسك بيدها عندما كانت متعبه، لم تفهم مشاعرها، ولكنه بالتأكيد لم يكن حبا بعد، هل هو.. أعجاب؟ ام استلطاف؟
-
-- كيف؟؟ جيده لحاد الآن ولا تؤتؤ؟؟ أكمل فيها ولا مافيش داعي؟ -- 😅

تقابلنا في زَمَن آخر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن