عادوا إلى المنزلِ في نفس اليوم، صعدت الصغيره إلى غُرفتها لتبدأ بتغيير ثيابها وذهب فريد ليستحم واخرجت جميله الثياب التي سترتديها، بعد ساعتين اصبح الجميع جاهز وتحركوا إلى منزل فارس مُجددًا،
وبينما كان يقود فريد، سألته جميله سؤالاً،
"ملقتش الراجل إللي كُنت بتدور عليه؟"
هز رأسه بمعنى لا، "لأ، ملقتهوش، والموضوع هيجنني."
"طيب، إنت ليه مركز مع الموضوع؟ الحكايه عدت عليها سنين."
"انا يهمني أعرف إيه الحكايه، عشان انا عارف إنها حاجه مُهمه."______________
وصلوا إلى منزل فارس وفتح لهُم الباب وكان الجميع حاضر، هيثم وساره وأصدقاء آخرون كانوا جالسين جميعهُم في غرفة الإستقبال يتبادلون أطراف الحديث.
قال "كويس إنكوا وصلتوا انا كُنت هموت من الجوع."
جلسوا جميعًا في المائدة الكبيره، كُل شيء كان مثالي، السُفره مليئه بالأكل وكُل شخص جلس بجانب شريكته، عدا جميله التي جلست بعيدة عن زوجها، "قعدتي هناك ليه ياجميله؟ تعالي أقعدي جنب فريد؟"
شعرت جميله بالإحراج من كلام دينا، نظر الجميع إليها بإستغراب وفريد كذلك، نظر إليها وشهق بعُمق، شعر بالإزعاج لأن أصدقائه يتدخلون بأموره مع جميله وهو يعرف ما يحاولان فعله،
زيفت جميله إبتسامة وذهبت نحو فريد، سحبت الكُرسي وجلست بجانبه مُباشرة، إبتعد فريد عنها قليلاً ثُم بدأوا بالأكل،
بعد عدة دقائق تنتهي جميله من الأكل وتجلسُ مكانها بحُزن بينما كان فريد جالس وصامت بجانبها وينظُر إلى طبقه بشرود والجميع كان يُثرثر ويضحك ويلقي النُكت ويسترجعون بعض الذكريات،
ولكنهما كانا في عالمهم الخاص.إنتهى الجميع من أكل العشاء وجلسوا جميعًا في غُرفة الإستقبال والأطفال يلعبون في الحديقة الخلفيه،
ترك فريد الجلسة وذهب إلى الشُرفة ليشم بعض الهواء، يفتحُ أزرار قميصه بضيق شديد ويلاحظا فارس وهيثم ذلك.
ذهبا ليطمئنوا عليه، قال فارس مُتسائلًا، "مالك يا فريد؟ سيبتنا ليه؟"
تنهد فريد قائلاً، "مخنوق شويه، إدخلوا إنتوا وانا شويه وهجيلكم."
نظر فارس إلى هيثم بإنزعاج، لم يتحملوا رؤية صديقهم بهذه الحاله، تحدث هيثم بإنفعال، "إزاي متوقع إنك تبقى أحسن وإنت لوحدك؟ إحنا صحابك يا فريد وعارفينك أكتر من أي حد، إنت لازم تخرج نفسك من إللي إنت فيه وفوق لنفسك ولحياتك وبنتك!"
"مكنش لازم أسمع كلامهُم لما قالولي أتجوز عشان فريده.." بدا الأمر وكأنه يتحدث مع نفسه،
"بُكره هتخسر جميله وتكتشف إنك كُنت غلطان في حقها لكن بعد فوات الآوان." كان فارس مُحق، تركوه بمفرده وعادوا إلى زوجاتهم واصدقائهم،
لم يهتم لكلام فارس ولن يفهم معناه الآن، قرر أن يتحدث مع جميله عندما يعودون إلى المنزل.______________
الساعة ١:٣٠ صباحًا.عادوا إلى المنزل وكالعادة نامت الصغيرةِ ويتضطر فريد إلى حملها إلى غرفتها، بينما ذهبت جميله لتستحم.
كان مثل أي يوم يقضوه في ذلك المنزل الكبير الكئيب ليلاً، غير فريد ثيابه هو الآخر وإنتظر جميله في الصالة الكبيره، إنتظرها لوقت طويل حتى تنزل ويتحدث معها بشأن زواجهُم الورقي.نزلت الجميله إلى الأسفل لتحضر لنفسها كوبٍ من القهوة الساخنه، ذهبت إلى المطبخ ولم تُلاحظ وجود فريد، أعدته وحملت روايتها المُفضله بيدها الأخرى وذهبت إلى الصالة، تراه واقفًا أمامها مُباشرة لتعتذر على "إزعاجه"، "انا آسفه مكونتش أعرف إنك هنا."
طلب منها الجلوس بكُل هدوء على الأريكة وجلست، تفاجأت قليلاً فهو لا يفعل هذا عادة،
"في مُشكله ولا إيه؟"
هز رأسه ونفى وجود أي شيء، كان متوتر بعض الشيء لسبب ما.
جلس أمامها وتحدث بإختصار قائلاً، "انا متهيألي بقى لازم نتكلم عن كُل إللي إحنا فيه ده،"
وضعت جميله كوبها على الطاولة الزُجاجيه متوسطة الحجم التي كانت أمامها،
كانت تعرف جيدًا أن هذا الحديث سيكون عن زواجهُم الميؤوس منه.
"انا كمان حاسه إن بقى لازم نتكلم فيه، إحنا إستعجلنا بالقرار ده وعملناه عشان نرضي ناس تانيين او عشان نتهرب من حاجه ومفكرناش بالموضوع ده كويس، بقى لازم نشوف حل مُناسب."
تحدثت جميله بعقلانيه وهدوء كعادتها،
وقبل أن يُكمل فريد حديثه، قاطعته جميله قائله، "انا هسافر عشان أبقى لوحدي فتره لحاد ما أخلص كتابي، وانا محتاجه وقت أكون فيه لوحدي، هتكون فتره كويسه عشان تتعود فريده على عدم وجودي، متهيألي بعدها مُمكن ننهي الموضوع."
لم يملك شيئًا آخر ليضيفه على هذا الحديث، فإكتفى بهز رأسه ورحل دون إلقاء أي كلمة، تنهدت جميله بعُمق وكانت ليلة تعيسة جديده كباقي أيامها مع فريد، شعروا بالندم على قرار زواجهم من البداية، والآن ستسوء حالة فريده النفسيه عندما تعلمُ بالأمر.يكره فريد الإعتراف لنفسه،
أن وجود جميله في حياة فريده مُهم، شد الغطاء على جسدِه وحاول أن ينام، ولكنه لم يستطع، ظل يفكر في كلام جميله كثيرًا،
تزوجوا مُنذ فترة صغيرة ولكن نجحت جميله في حفر مكان لها في حياة فريد، رُبما لا توجد أي مشاعرعاطفيه بينهم، لكنه إعتاد طعلى وجودها في المنزل، سيكون من الصعب نسيانها بتلك السهوله، ليس فقط على فريده.
"هل حقًا انا مُستعد أن أعود إلى المنزل كُل يوم وألا أجد من اتشاجر؟" •••