في الصباح الثالث كان فريد في الجامعة يبحث عن فريده، أو ربما.. جميله؟
--
أتصل على فريده ليراها ويعتذر منها، ولكنها لم تجاوب، تنهد و ذهب لغرفة المدير و طرق الباب و فتحه، "آسف يا دكتور أني بزعجك بس كنت عايز اسألك لو فريده-" ثم قاطعه المدير قائلا، "عايز تسألني لو جميله جت أنهارده، مش كده؟" و تبسم المدير الأصلع و ينظر فريد إليه مشتتا، لفظ أسم فريده، ولكنه حقا كان يريد ان يسأل عن جميله ولكنه يحاول جاهدا إلا يتذكرها، ليس لأنه يحبها بعد او شيء ما بل ليسأل عنها بعد ما حدث البارحه، فهو مهتم بمعرفة قصتها، و لا يريد جرح فريده، "روحه" كما يدعي،جلست و لم أفهم نظراته تلك، فريد لا يحب البرود و وباله ليس طويلا لذا سأله بكل صراحه، "فريده حكيالك حاجه كالعاده مش كده؟" و لم ينكر المدير صاحب الرأس الأصلع أللامع، فريده تحدثه عن كل شيء، فهو يصغي إلى الجميع في الجامعة، "مش هكذب عليك و أقولك لأ، بس انا شوفت بعيني برضو." "ياريت توضح كلامك أكتر يا دكتور عشان انا بالي مش طويل." تنهد و وقال، "بص يا فريد، انا هقولك كل حاجه بأختصار، فريده كانت في الجامعه أمبارح و شافتك أنت و جميله البنت الجديده-" قاطعه فريد، "توقعت ها وبعدين؟" "جاتلي و قالتلي وكانت بتعيط، و قالتلي أنها حاسه بحاجه وحشه." "وحشه زي إيه؟" "أنك ممكن تحب حد غيرها في يوم، حافظ عليها يا فريد، فريده بتحبك."
"وحضرتك شايفني مش بحبها؟ انا بموت على الأرض اللي هي بتمشي عليه، بس هي مش واخده بالها مشغولة بفكرة إني ممكن أحب غيرها كل مره!""انا عملت اللي عليا و جاوبتك على كل أسئلتك، روح لمحاضراتك يافريد، أتفضل." خرج فريد غاضبا من جميله- ورأها تدخل من بوابة الجامعه، ثم ركض نحوها مسرعا و أمسك بمعصمها بقوة و دفعها نحو الحائط بعيدا عن أنظار الجميع، و يديه تحاصرانها، يقترب من وجهها لدرجة أنها تكاد تشعر بنفساته، ينظر لها بأستحقار، ونظراتها له بريئه كالأطفال، لا تفهم ما يجري، ماذا يريد.. لما ينظر إليها هكذا.. و الخوف يمتلئ جسدها الصغير، "آخر مره أشوفك في نفس المكان اللي انا هكون فيه، أنتي فاهمه، ولا أفهمك بطريقه تانيه؟"
بنبرة غاضبه هادئه.. تبدأ الدموع تتجهز لتظهر في عيناها و تزييف أبتسامة خفيفه تخفي ما بداخلها، "هو انا ممكن اسألك سؤال؟ هو أنت شايفني دميه؟" "نعم؟" تشير بسبابتها ناحية قلبه، "أنت، شايفني دميه؟" "قصدك إيه؟" تصرخ بالمثل، "يوم تعاملني كويس و يوم تعاملني وحش حتى لو معملتلكش حاجه، انا معرفكش ولا أنت تعرفني عشان تعمل كل ده، و انا مكملتش أسبوع في الجامعه دي، ممكن أفهم ليه المعامله السيئه كل شويه؟" "أنا بعامل كل الناس كده أنتي متفرقيش عنهم بحاجه وأنتي فعلا متعرفنيش بس في اليومين اللي جيتي فيهم دول عملولي مشاكل مع أكتر شخص بحبه في حياتي و مش عايز أجرحه-" قاطعته جميله، "تقوم تجرح غيرها مش كده؟ أنت لو بجد شخص بتعامل كل الناس بالوحشيه دي، يبقى أنت لازم تتعالج وتروح لدكتور نفسي!" ثم تبعد يده عنها و تتركه و تذهب، ليصرخ هو ورائها،
"أبقي أديني رقم الدكتور اللي بتروحيله، ياجميله." لتقف مكانها و تلتفت له بعيون تملأها الحزن، مثل كل مرة، يجرحها الآخرين بكلامتهم لتضع علامة جديده على قلبها الممزوق، ليبدو هو بكل هذا الثبات أمامها، ينظر بمكر ولكن بداخله يشعر بالآسف عليها ولا يريد جرحها بتلك الطريقة، ولكنه قال ذلك دون قصد، تركته و ذهبت لمنزلها ليبدأ عقل فريد بلومه، "شاطر يا فريد، جرحتها بأحسن طريقه ممكنه." و يضرب الحائط بيده من الغضب.
وهذه كانت آخر مره ترى فيه جميله فريد.
هذه المره لم تذهب مبتسمه لنانا، بل ذهبت لآحضانها و الدموع تسيل من عينها بلا توقف، لتقلق الداده أكثر فأكثر،
"إيه ياروح قلبي في إيه تاني؟"
"انا مش عايزه أروح الجامعه يا نانا، مش عايزه أشوف ناس جديده ولا عايزه أدخل جامعات، أرجوكي أقنعي بابا وماما انا مبقتش أستحمل!"
"حاضر يا حبيبتي حاضر بس قوليلي ليه بس"
"هقولك بعدين، انا هطلع أخد شاور و هلبس و أحكيلك، بس عشان خاطري يا نانا كلميهم"
لتخرج جميله من غرفة الداده وتمسح دموعها بكف يدها كالأطفال، و تهمس الداده، "أستر يارب، ساعدها و زيح عن قلبها الآلم..."و هذه كانت الذاكره إلى الوراء قبل 8 سنوات .. لنرى كيف حاضرهم .
![](https://img.wattpad.com/cover/119932699-288-k648494.jpg)