"الطلب الصادم."

645 69 11
                                    

"يلا يا فريده عشان أوصلك التدريب بتاعك" تصرخ جدة فريده لتناديها، لتنزل من السلالم و تعانق جدتها، "هتوصليني يا نانا!" "أيوه يا حبيبتي، أسبقيني على العربيه و انا جيالك حالا، خديها يا زينب العربيه،" زينب هي الداده، "حاضر يا ست هانم، يلا يا فوفا أجري و انا همسكك!" لتركض الصغيره و صوت ضحكاتها يملئ المكان.

بعدما تأكدت الجدة أن المنزل خالي، ذهبت لغرفة فريد وفتحت الباب دون طرقه وتراه نائم في فراشه،
"قوم يا فريد الساعه بقيت 9 مينفعش كده!"
ليتحدث بنبرة نائمه، "انا رايح الشغل الساعه 11 أنهارده" لتفتح الشبابيك و يدخل نور الشمس لغرفته،
"مش عارفه ليه بتحب الكتمه دي، ما تشوف يا أبني نور الشمس كده و بطل كئابه و حزن بقى"
ليرد ساخرا، "صباح الخير يا ماما" و تتنهد السيدة نهاد.
"ماشي يا فريد، على العموم انا جيت أشوفك بس و هروح فريده دلوقتي التدريب، انا بس كنت عايزه أقولك برضو إني مبسوطه أنك جبت فريده أمبارح و حطتها على سريرها، حسيتك أب لأول مره فعلا"
"أول مره و آخر مره، ياريت تبقي تقفلي الباب وراكي،" لتهمس الوالده، "ربنا يهديك يا أبني و يرجعك لعقلك،" وتخرج و تقفل الباب ورائها،

- عند جميله -

"أهلا أهلا بالحلوه" و تحتضن فريده الصغيره و تقف السيدة نهاد خلفها وتقول، "صحيت أنهارده بدري عشان تجيلك في المعاد" "طب كويس أوي، روحي بقى عند العيال كانو مستنيينك عشان تدربوا سوا، شوفتي بيحبوكي أزاي؟" "و انا كمان بحبهم أوي! عن أذنك يا نانا"

لتذهب فريده و تهمس السيدة نهاد، "عايزاكي في موضوع يا آنسه جميله لو معندكيش مانع، بس لوحدنا."
شعرت بالقلق، ما قد يكون ذلك الموضوع؟
"امم.. طبعا يا مدام نهاد، أتفضلي."
جلسنا في غرفة بعيدا عن الأطفال،

"انا مش هطول كتير و هختصرلك كل حاجه، طبعا أنتي شوفتي فريد أبني أبو فريده مش كده؟"

قلبت عيني و جاوبتها، "آه شوفت، و شوفت معاملته السيئه ليها و ليا كمان."
تتنهد السيده، "معلش يا بنتي هو كده بقاله كتير.. من ساعة ما فريده الله يرحمها مراته ماتت بقى أسوء من الأول و بقى كئيب و حزين طول الوقت، و مبيحبش يقرب من بنته من أول ما اتولدت لحاد أنهارده عشان-" قاطعتها.
"عشان بتفكره بمراته و بيحزن أكتر و بيقنع نفسه أنه مبيحبش البنت دي، مش كده؟"
"صح.. للآسف صح.."
"طب و انا إيه اللي مطلوب مني يا مدام نهاد؟" لأرفع لها حاجبي ثم تمسك هي بيدي و الدموع تتراكم في عينها،
"عايزاكي تبقي أم لفريده.." تلك الجملة ترددت في عقلي و شعرت بالأندهاش و الصدمة و الخوف و التوتر و كل المشاعر الغريبه..
"أأ.. أفندم؟"
"عايزاكي تتجوزي أبني فريد يا آنسه جميله، أرجوكي أسمعيني للآخر-"
"لحظه يا مدام نهاد، حضرتك مستوعبه الطلب اللي بتطلبيه مني ده؟"

"مستوعبه، عارفه هتقولي إيه.. أزاي هتجوز واحد معرفوش و هو ميعرفنيش و أبقى في يوم وليله مرات واحد زي فريد و معاه بنت فوقيه، بس عايزاكي تبصي للموضوع بطريقه تانيه، عايزاكي تبصي لفريده، فريده وحيده و متعرفش يعني إيه بابا و يعني إيه ماما، فريده مش عارفه مامتها ولا حاسه بوجود باباها، لكن انا بشوف نظرات السعاده و الفرحه في عينيها لما بتيجي كل يوم و تحكيلي قد إيه هي بتحبك وقضت معاكي يوم حلو، فهماني يا آنسه جميله؟"
لأنظر لها بصدمه و دهشه غير قادره على أستيعاب ذلك الطلب.. دقائق من التحديق و محاولة أستيعاب الأمر، "بصي يا آنسه جميله.. انا هسيبك تفكري براحتك و تقوليلي بكره، و انا هكلم والدتك كمان في الموضوع.." و تنهض و تتركني جالسه أنظر لها بصدمه، "وهتكلمي مامتي ليه؟ هو حضرتك تعرفيها.."
"عشان انا و هي طلعنا أصدقاء و والدك و جوزي ليهم شغل مع بعض، انا مش عايزاكي تخافي مني، انا بس عملت شوية تحريات عنك عشان أعرفك أكتر، عشان عارفه إني مش هلاقي أم لفريده أحسن منك، عن أذنك." و تذهب ثم أدخل إلى الحمام مسرعه و أنظر إلى نفسي في المرآه و أغسل وجهي ببعض الماء لأستفيق من ذلك الحلم، هل هي جاده؟

تقابلنا في زَمَن آخر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن