21

922 79 32
                                    

ماذا تظنين؟ أحسبت يوم اختفائك أنني سآوي إلى عشنا فأمكث أترقب ميعادك، فإذا مضى تشاغلت بكتاب أقرأه ولا أفهم منه شيئًا، ونظرت إلى الساعة مرة وتثاءبت أخرى، حتى إذا ما تنبهت إلى مشاغلي التي أهملتها من أجلك، هبطت الدرج سريعًا، وانطلقت إلى الدروب والمسالك، واختلطت بالناس.. أو يدور بخلدك أنني عندئذ أنسى كل شيء؟ هيهات لخيالك، مهما سكر وعربد، لن يدرك ما فعلتُ..  لبثت أنتظرك ساعة ثم ليلة، ثم يومًا ويومين، أسبوعًا وأسبوعين، شهرًا وشهورًا.. وما زلت أنتظرك. وأنا أعلم أنك لن تعودي. ولكني أخشى إذا أنا لم أنتظرك وشاء القدر أن تعودي أو أن ألقاك في الطريق، أخشى حينئذ أن تكون لهفتي على رؤيتك قد طواها النسيان وأطفأ أوارها. ولست أريد إلا أن أقابلك مشبوب العاطفة، واله القلب، ظامئ العين. فأنت لو تعلمين عزيزة لديّ، وهيهات لي أن أبتذل قدرك عندي.. فلأتحمل الألم طول الدهر خوفًا من إساءتك في لحظة عابرة قد تأتي وقد لا تأتي.

يحيى حقي - بيني وبينكِ 

شُمُوسْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن