21_اسرتي

75 11 17
                                    

اختفى بعد تلك الحادثة وصار لا يظهر الا في الكهوف الباردة ولمن يحتاجه حقا " .
*___________________*
كانت القصة غريبة جدا في نظري لكن المهم الان هو ان استعيد ذاكرتي ، ذاكرتي التي تحمل بين طياتها براءة طفولتي واجمل اللحظات التي قضيتها مع اسرتي ، تلك الأسرة التي كتب عليها التشتت لتلتف عجلة القدر وتسمح لها بأن تجتمع من جديد .
تابعت امي قائلة :" اذا يا غلوريا هل ستبحثين عنه ؟ ألديك العزيمة اللازمة لايجاده ؟" قلت بصوت واثق :" بلى يا امي الغالية لا اريد ان ابقى فتاة دون ماض اريد ان استعيد ذكرياتي وسأفعل اي شيء لاسترجاعها " ، ابتسمت لي والتفتت الى الخالة جوليا وقالت :" لا يمكنني ترك المنزل وانت تدرين السبب وغيلبيرت منشغل مع الحاكم في إعادة تنظيم البلاط الملكي ، فمن سيرافقها اذا ؟" ، ردت عليها الخالة جوليا :" لا عليك ، ما رأيك أن يرافقها ابن اختي ، لا اثق بأحد غيره في تولي حمايتها ومرافقتها في رحلتها " ، فرقعت امي أصابعها والفرحة تغمرها واردفت :" حتى انا اثق به بل اثق به اكثر من ولدي " ، استغربت لكلامهما ، من يكون هذا الذي تثق به والدتي اكثر من غيلبيرت ، لاحظتا سرحاني وحين هممت بالسؤال عنه قاطعتاني بصوت واحد زاد من حيرتي :" لن نخبرك اي شيء عنه لذا يفضل أن لا تسألي " ، قلت والفضول يقتلني :" بئسا ، هل هو شخص اعرفه؟ ولماذا هذا التكتم؟ " ، لم تجيبا لذا صمت وبقيت أفكاري تجول لمحاولة في معرفته .
بعد مدة غادرنا منزل الخالة جوليا عائدين الى المنزل ، حين وصلنا كان غيلبيرت يقف عند البوابة والواضح أنه في انتظارنا ، نزلنا من السيارة ليقول :" امي" قاطعته بعناق طويل ، حتى انا لم اعلم سببه ، ألأنني حرمت من طعم الإخوة ، ام لأنني افتقد حياتي رفقته ، فقط ارتميت في حضنه لأمحو السنين التي امضيتها بعيدة عنه ، لأتشبع حنانه وعطفه ، لأبكي ملأ جفوني واصرخ بأنني اشتقت لك اخي ، أهي غريزة الاخوة التي دفعتني ؟، لا ادري لكن المهم انني فعلت ما قد فعلت ، فعلتي التي فاجأته من جهة وايقظت قلبه الشجي ليزيد من احتضاني من جهة أخرى ، اما امي فقد وقفت وعيناها تتلألئ بتلك العبرات ، بعد مدة ابتعدت عنه وقلت :" صحيح انني لم اذكرك ولا ازال فاقدة لذاكرتي ، لكن حنيني لك بعد أن علمت بمن تكون جذبني نحوك ، جذبني نحوك يا اخي " ، قال :" كم اشتقت لسماع هذه الكلمة منك يا غاليتي " ، ابتسمت له ثم ناظرنا امي ، قال :" امي ، أريد دخول الغرفة ، اريد رؤيته حتى وهو بتلك الحال " ، بهتت ملامحها لكنها اومأت وتقدمتنا الى داخل المنزل ، لمحت الحزن بعيني غيلبيرت ايضا لكنه سرعان ما ابتسم قائلا :" هيا يا اختي ، فالأمر يخصك ايضا " ، ثم امسك بيدي وسحبني خلفه .
دخلنا المنزل وصعدنا باتجاهها ، بلى ، باتجاه الغرفة المغلقة ، وصلنا إليها لتفتح بابها امي ، نظرت بتوجس وما هي الا لحظات حتى لمحت ذلك السرير ، السرير الذي يحمل عليه احد أهم الاشخاص في حياتي ، كلمة سند قليلة عليه ، كيف لا وهو الذي يقايض سعادته مقابل سعادتي ، كيف لا وهو الذي لا يحتمل ان اخدش حتى ، كيف لا وهو وان كان بإمكانه لمنحني العالم اجمع ، كيف لا وهو حبيبي وابي الغالي ، اقتربت من سريره وكلي امل في أن أرى ملامحه التي محيت من عقلي ، انهمرت دموعي دون سابق انذار حين رأيته محاطا بتلك الأجهزة ، وأدوات الانعاش ، أيعقل أن تكون حالته بهذا السوء؟ ، أمسكت بيد غيلبيرت بقوة وكأنني اخرج غصتي بالضغط عليها ، كنت ابحث عن من يحتويني ويشعرني بالامان ، كنت احتاج لمن يقول لي أن أبتي سيستيقظ لأرى ابتسامته النظرة ، لكن الصمت عم المكان الا من شهقاتي المكتومة ، مضى وقت وانا بتلك الحالة لتقطع امي الصمت قائلة بصوت يبكي الحجر :" احبائي ، والدكم وان كان بهاته الحالة يحتاج لدعمكم ودعائكم ، يحتاج إلى أن تكونا قويين من أجله ، لطالما قال لي انه يريد من أولاده أن يتسموا بالقوة ، كان يأبى أن يكون ضعيفا كما لم يرد لأطفاله أن يكونوا كذلك " ، رد غيلبيرت :" آه يا اماه ، رؤيته هكذا تقطع قلبي لكنني سأكون مثلما اراد ، ولن اسمح للضعف بأن يغزوني " ، تابعت عنه قائلة :" بلى يا امي ، سنكون كما ارادنا ، سيشفى باذن الله ليجد أن ولديه صانا أمله حتى النهاية " ، ابتسمت امي لكلامنا وعانقتنا قائلة :" هكذا اريدكما " ، ثم خرجنا من المنزل واتجهنا إلى الحديقة ، كنت احتاج هواءا نقيا يثلج صدري بعد كل ما جرى .
*_______يتبع__________*

كالخيال 💙حيث تعيش القصص. اكتشف الآن