【 الفصل الأول 】

8.4K 460 638
                                    

【 الفصل الأول 】

ميتم غير قانوني.

*************

صباح اشرق و نشر اشعته بصعوبة بين كتل الغيوم الكبيرة على تلك القرية الخضراء الصغيرة ... رائحة مطر ليلة الأمس المختلطة بالتربة لا تزال عالقة في الأجواء الرطبة ...

كان ذلك المبنى الذي يبدو أكبر قليلا ممن حوله من البيوت البسيطة الأكثر ضررا ... تتسلل المياه من أسقفه الخشبية المهترئة ... و البعض منها لم ينجو بل تحطم و سمح لكميات كبيرة من الماء بالدخول ...

باتت رائحة المبنى من الداخل عفنة و رطبة و لا تحتمل ... و مع ذلك فإن أولئك الأطفال يمارسون يومهم كالعادة فها هم ذا مستيقظون و يذهبون لتناول الأفطار ... يقفون كطابور في تلك الحجرة المخصصة لتناول الطعام فيها ... و قد كانت مصنوعة من الخشب و بعض الحجار بشكل عشوائي ...

كل واحد من الاطفال يقدم صحنه ليوضع له شيء من الحساء ذا الطعم الرديء و الذي لا يغني من جوعهم أو يسكته و بعض من الفاكهة التي هي أفضل من الحساء بكثير ... و من ثم يبتعد ليتقدم من هو خلفه ليحظى بوجبة الإفطار التي يتلهف لها مثل البقية ... فقليل من الطعام يضعه في بطنه خير من لا شيء !

بعدما تسلم كل طفل طعامه و جلس على الكراسي الخشبية التي بللت تماما بسبب مطر ليلة الأمس كانت لا تزال بعض القطرات تتساقط من فتحات السقف على رؤوس الأطفال الذين لا يستطيعون حتى التشكي من هذا الأمر ...

فُتح الباب بقوة و رمي بذلك الطفل صاحب النظرات الحادة و التي تبديه كشخص مخيف و شرير و قد كانوا مستعدين لسماع ضربات السوط على ظهره كما حدث بالأمس و قبله كعقاب له و ليكون العبرة لغيره حسب علمهم ...

فقد حاول الهرب مرارا و تكرارا من هذا الميتم و لم يجدوا معه حل سوى حبسه و معاقبته أمام أنظار البقية كي لا يكرر فعلته و لا يحاول أحدهم تقليده ..

لكن هذه المرة علا صوت الرجل الذي ألقاه على الأرض : قدموا لهذا النتن الطعام كالبقية ... انتهت مدة عقابه !

و رحل فيما نهض الطفل و هو لا يزال يحافظ على نظراته المعتادة و كأنه لم يعاقب كل تلك الأيام ... فهو في الحقيقة اعتاد على أن تتم معاقبته هو بالذات بشكل مبالغ فيه و لم يكن الضرب و حرمانه من الطعام بالشيء الجلي !

سار و اخذ صحنا و ملعقة فوق الطاولة التي خصصت لحمل الأطباق و قد كان متسخا بالطبع بعد العاصفة المطرية و أكمل خطواته بلا اهتمام حتى وضع الطبق أمام قدر الحساء و قال بنبرته الحادة و بلهجة حديثه المحاكية للكبار رغم عمره : هيا اسرعي و اعطني الطعام !

سنمّار درع لينورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن