【 الفصل السادس و العشرون 】

1.3K 138 135
                                    

【 الفصل السادس و العشرون 】

صفقات.

*************

كان الأمير ميرزا منذ فترة طويلة و تحديدا حينما بدأ يكلفه والده بعضا من المهام يستعين أحيانا بأشخاص غير موثوقين و قد يكونوا مجرمين لتنفيذ مهامه مقابل عوض كبير من المال.

و كانت المهام تنفذ سريعا و على أكمل وجه ... و مقابل ما يقومون به لا يلقي الأمير القبض عليهم و إنما يتركهم يقومون بما اعتادوا القيام به و هو يحاول التغطية عليهم -و إن كان معظمهم يتوقف عن التصرف بإجرام بعد المبلغ الهائل لكن فئة تظل تمارس أعمالها- ... و لم يخن أي واحد منهم الصفقة مع المبلغ الكبير جدا من المال الذي يسدده إليه.

قابل الأمير ميرزا خلال هذه المهمات نوعين من المجرمين أحدهم الذي يعقد الصفقات معه شفويا و هم الأقلية و الأخرى الذين يصرون على وجود ورقة توثق الصفقة و يطلبون من الأمير توقيعها و إلا فإنهم لن ينفذوا المهمة ...

و كان الأمير حين قابل النوع الثاني للمرة الأولى قد شعر بالرهبة و الخوف و أخذ يقرأ ما هو مكتوب على الورقة جيدا قبل أن يوقع عليها و قد اشترط عليهم أن يحرقوا الورقة أمامه بعد انتهاء الصفقة ... و هذا ما كان يحصل فعلا فبعد إنجاز المهمة و يدفع لهم المبلغ المتفق عليه أو ينفذ لهم مطالبهم كانوا يحرقون الورق أمامه بل هو من تولى حرقها بنفسها ...

و قد ازداد هذا النوع بشكل واضح حتى أن البعض منهم يطلب منه توقيع ورقتين أو أكثر للاحتياط ... و اكتشف الأمير أن الأمر لا يزيد عن كونه مجرد إجراء روتيني لا يبعث على الخوف ... فهؤلاء الأشخاص سينفذون كل شيء تقوله ما دمت ستحقق لهم أمنياتهم التي تبدو مستحيلة و بعيدة المنال بالنسبة لهم وأن هذه الورقة ليضمنوا حقوقهم و عدم غدر الأمير بهم ... فما عاد الأمير يقلق البتة بشأنها خصوصا و هو يحرق كل الأوراق بنفسه بعد كل مهمة.

كانت أول مرة استخدم هذه الطريقة حينما تمت سرقة ساعته الثمينة باهظة الثمن جدا و فيها شعار عائلته الملكية ... و بالطبع فإن فقدانها أمر عصب جدا و مفزع عليه و على أي شخص غيره ممن يملكونها و لم يعرف كيف يخبر والده أو أحدا من معارفة بالأمر ... كشاب يبلغ السابعة عشرة من عمره خشي حقا من أن تتم معاقبته و الصراخ في وجهه ... و كصبي اعتاد أن يعيش قدوة للمثالية و الحكمة عند والديه و بين أقرانه الذين يلقبونه بـ "العجوز الحكيم" فقد كان وقوعه في أمر أحمق كهذا كما لو أنه محظور يحرم ارتكابه !

و بينما كان يهيم في الطرقات بحزن و عقله يبحث بيأس عن حل لهذه المصيبة التي وقعت على رأسه وجد نفسه فجأة في حي مهجور و قديم و قذر ... و ما جعله ينتبه لتواجده هنا هو صوت رجل أجش ناداه ..

سنمّار درع لينورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن