【 الفصل الثلاثون 】

1.2K 138 118
                                    

【 الفصل الثلاثون 】

ضمان.

*************

في تلك الغرفة التي باتت غارقة في الظلام إلا من ضوء الشمعة الأصفر كان السكون قد عمّها بعد لحظة من الجدال ... فمنذ عودة الأمير ڤيكتور للغرفة حتى يعيد آراش لزنزانته كانت بعض المشاحنات قد حصلت بسبب رفض الآنسة لينور أن يعيدوا آراش لزنزانته.

بالنسبة للأمير ڤيكتور فهو يكره التعامل مع الآنسات المدللات أمثالها و اللاتي لا يُرْفَض لهنّ طلب ... صعبات المراس و يجلبون الصداع للرأس ... و كان ذلك من أكبر الأسباب التي تدفعه للبقاء عازبا حتى اللحظة ... فكل الفتيات في نظره مدللات و متطلبات ... و ها هو مضطر للتعامل مع إحداهن و هي تعارضه و تعارض أحد أوامره أشد الإعتراض بوجهها المبلل بالدموع و وجنتيها المحمرتين و عينيها المتورمتين المنتفختين من كثرة ما ذرفته من أمطار لليوم.

زفر في ضجر حقيقي و هو ينظر إليها و هي تتشبث بقميص آراش بقوة شديدة و كأنها إن أفلتته سقطت في حفرة عميقة لا نهاية لها ... و قال لها و هو يتحلى بالصبر محاولا إقناعها بالتنازل عن رغبتها : والدك سيصل قريبا ... بحلول صباح الغد ستجدينه أمامك ... لذا دعي المسكين يعود لزنزانته.

صرخت في وجهه و صوتها بات مزعجا بسبب صفيره و بحته اللذان صدرا من مرضها : المسكين ؟ ... و هل تراني أقوم بعضه أو تعذيبه حتى تصفه بالمسكين ؟ ... إنتي أريده أن يبقى معي قليلا فقط !

كان آراش للتو متأثرا من بكاءها و يشعر بالأسى اتجاهها لكن جملتها أرغمته على الشعور برغبة في الضحك و لأن الموقف لا يسمح له بذلك فقد ظهرت ابتسامة على وجهه من بين محاولاته لكبت ضحكته ليقول الأمير ڤيكتور محدثا إياه دون أن يعيرها اهتمام : هيا يا آراش أبعد يدها عنك و كن مطيعا و تعال معي !

سكت آراش ببعض الحزن و تلاشى أثر تلك البسمة من شفتيه فهو مضطر للعودة إلى تلك الزنزانة المتعفنة الباردة القابعة تحت الأرض و توديع الآنسة لينور ... سيفارقها لأجل غير مسمى و هو لا يعلم ما سيحصل لكل منهما و ما ينتظرهما من بعد انفصالهما.

ودّ لو يبقى معها و لو قليلا من الوقت أيضا فقط ليودعها بشكل لائق ... لكنه يدرك بشدة في قرارة نفسه أنه حتى لو منح ذلك الوقت القليل الذي يطمع فيه فإنه سيطمع بوقت "قليل" معها أكثر فأكثر مهما زادوه و أعطوه من الدقائق و الساعات ... و أنه في الحقيقة لن يكتفي و لن يرغب بتوديعها بتاتا بل يود البقاء بقربها لأطول مدة ممكنة.

أمسك بيدها المتشبثة به و أزاحها بلطف عنه و هو يقف : لا نريد افتعال المشاكل يا آنسة ... عليّ الذهاب.

سنمّار درع لينورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن