【 الفصل السادس و الثلاثون 】
مرة أخرى.
*************
أيام تجيء و أيام تمر ... و الحال كما هو دون أن يتغير أي شيء ... روتين بسيط تمثل في الاستيقاظ صباحا و تناول وجبة الإفطار و من ثم قضاء بقية اليوم في تعلم بعض الأمور الجديدة و تطوير مهارة القراءة بشكل مكثف للغاية.
كانت هذه هي حال آراش لخمسة أيام تلت تلك الزيارة ... و قد سُمِح له بخوض تدريباته الخاصة بـ "الدروع" في الحديقة ... فهي هوايته التي يحب القيام بها على الدوام ... استعاد لياقته التي كادت تنضمر بسبب السجن ذاك !
يشعر بهدوء و استقرار غريبين في حياته لم يشعر بهما من قبل و كأن هناك شيء خاطئ قد حصل ... عقله يزنّ به كما لو نسي القيام بأمر ما ... و الحقيقة أنه يفتقد لشعور الإثارة الذي كان يشعر به في كل دقيقة من دقائق يومه حتى باتت جزءا لا يتجزأ من حياته كالنوم و الجوع و قضاء الحاجة ...
يفتقد إلى تخطيطه للسرقات بخفية ... يفتقد إلى الخوف من كشف هويته ... إلى قطع الطرق و الحصول على الأموال بطرائق غير مشروعة و النوم فوق الشجرة و جزء من عقله يعمل بحذر حتى لا يقع أرضا ... كل ذلك يجعله بشكل مستمر يشعر بعدم الراحة و بوجود نقص ما في يومه ... لم يعتد حياة الهدوء الخالية من الصخب كهذه البتة !
طوال الوقت يفكر في الآنسة لينور ... لا يعلم كيف سيكون شكل لقاءهما التالي -إن وجد من الأساس- و يجهل كيف عليه أن يتصرف إذا ما قابلها ثانيةً.
يرغب أن يسأل السيد غابرييل عن إن كان بإمكانهم الذهاب لمنزل السيد آرماند لكنه يتراجع على الفور ... فهو يريد رؤيتها و بشدة و أيضا يخشى ذلك و بشدة ... شعور متناقض يتصارع داخله على الدوام بسببها.
و ها هو ذا يوم جديد يطل على آراش الذي بدأ ينساب في هذه الحياة الرغيدة و التي كانت أجمل مليون مرة من حياة السجون تلك بل من حياته كلها ... و في كل يوم يستيقظ بامتنان للسيد آرماند على ما فعله له.
بين يديه يحمل كتابا لم يكن سميكا و يلائم محدوديته في القراءة على مكتب من الخشب الثقيل ذي اللون الغامق ... و بجواره يجلس مدرس بسيط يساعده على قراءة النصوص و يشرح له ما لا يعرفه من الكلمات ... النافذة كبيرة و يتسلل منها كمية كبيرة من أشعة الشمس مضيئة أرجاء الغرفة الصامتة كحال أرجاء المنزل كله.
كان آراش يتساءل بين الحين و الآخر عمّ يستفيده هؤلاء الأشخاص من تدريسه و الإهتمام به هكذا ... هل السيد آرماند مسؤول عن العناية به أم السيد غابرييل ؟ ... و هل هناك شيء ما يخططون له دون علمه ؟ ... يودون استغلاله بشكل أو بآخر ثم التخلي عنه مباشرة بعد الإنتفاع منه ؟ ... هل سيعود إلى السجون ثانية ؟
أنت تقرأ
سنمّار درع لينور
Adventure.. "اسرق ما تشاء طالما هي أمور حسية" .. نشرت في يوم الثلاثاء : الموافق : ٢٦ يونيو ٢٠١٨م ١٢ شوال ١٤٣٩هـ انتهت في يوم الخميس : الموافق : ٧ فبراير ٢٠١٩ م ٢ جماد الثاني ١٤٤٠ هـ .. فائزة في مسابقة أسوة ٢٠١٩ للقائمة الطويلة