بين الامس واليوم/ الجزء السادس والعشرون
كان الممر ممتلئا بالدخان إلى درجة العجز عن الرؤية..
ولكن الحريق -الذي بدأ ينطفئ بسرعة مع ازدياد ضخ مياه المطافىء- لم يصل لكل أجزاءه بعد..
ولكن الدخان مع انطفاء النار كان يزداد بصورة متضاعفة..
خلع كسّاب قفل باب الحمام.. وحين رأى أن الدخان مازال قليلا في الحمام.. عاود إغلاقه عليه بسرعة..
لأنه رأى المخلوقة الموجودة في الحمام يبدو أنها مغمى عليها ورأسها ينحني على ركبتيها
ومعنى ذلك أنها ستحتاج للأسعاف الأولي قبلا.. ودخول الدخان للحمام.. قد يقضي عليها
توجه أولا لنافذة الحمام وخلعها تماما من مكانها.. حتى يسمح للهواء بالدخول.. ثم مد وجهه عبرها وأخذ نفسا عميقا من الهواء النظيف
ورأى عبر النافذة أنهم يكادون يسيطرون على الحريق وبسرعة هائلة
كان يتحرك بتلقائية مدروسة دون أن يخطر له شيء سوى انجاز المهمة كما خطط لها
كانت كاسرة قد أغمي عليها فعلا من رائحة الدخان.. ومن تناقص الأكسجين في الحمام..
كانت تجلس في الزواية ومازالت على نفس وضعية الجلوس
كانت عباءتها مازالت معلقة على باب الحمام.. ولا ترتدي سوى تنورة وتيشرتا قطنيا واسعا..
وشعرها كان ملفوفا بشيلتها..
بعد أن تناولت شيلتها ولفتها على رأسها بإحكام حين علمت بالحريق
ولكن خوفها من احتراق الباب جعلها تتأخر للزواية
وفي ظنها أن الباب حين سيفتح عليها إن كانت مازالت حية
فهي ستلتقط عباءتها ونقابها عن الباب بسرعة
كان لديها إيمان كبير بالله أما أنه سينقذها أو سيميتها دون أن تتألم
كان لديها ثقة برحمة الله على كل حال إن كان الحياة أو الموت
لذا حاولت طمر إحساس الخوف المتزايد في قلبها وتهدئة روعها أن النجدة قادمة لا محالة.
إما نجدة فعلية من رجال المطافئ أو رحمة الله تنتشلها للعالم الآخر دون تعذيب..