جزء 55

12.1K 107 49
                                    


بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والخمسون

ست أشهر مضت.. منذ ارتحل..

تمر الأيام علي بطيئة متثاقلة..غاية في الثقل!!

هي كانت من قبله تمر بطيئة!!

وأنا أدعو الله أن يأخذ أمانته بعد وصلت أرذل العمر.. واشتقت إلى لقاء ربي!!

فكيف من بعده؟!! كيف من بعدك يا بني؟؟

أصبحت أشعر بشروق الشمس وغيابها سكاكين تنغرز في روحي..

لأني أعلم أن هذا يوم جديد يمر علي من بعده!!

عمري ضعف عمره مرتين..

والحياة كلها كانت أمامه.. بينما أنا حياتي أصبحت خلفي!!

ومع أن ذاكرتي كانت بدأت تضعف ومنذ سنين.. لكن منذ غادرني..

وذكرياتي معه.. حتى تلك التي كنت نسيتها.. تمزقني وأنا أستعيدها مرارا وتكرارا..

حفيدي الأول.. وفرحتي الأولى.. الولد الذي لم يرزقني الله به

أذكر أول مرة حملته وأنا أكبر في أذنه وادعو له بالصلاح..

وكم كان صالحا وبارا..!!

كلماته الأولى ومناغاته ترن في أذني ولا تفارقني..

حين قال (أبي) قالها لي... فلم يكن له أب غيري.. فقد وُلد يتيما..

وحتى بعدها كنت أنا فقط والده!!

حين خطا خطوته الأولى كان متجها لي..

ومنذ ضعفت وضعف بصري وهو من يقودني دون يتذمر أو يشكو.. مجرد طفل صغير حينها!!

لم يقل لي يوما أريد أن أذهب لألعب.. لم يتركني وهو جواري ملتصق بي.. فخذه الصغيرة ملتصقة بجنبي..

يا الله ماكل هذا الوجع!!

ارحم شيبي وضعفي.. ماعاد القلب يحتمل المزيد..ارحمني برحمتك..

وإن كان مازال في العمر بقية.. فمنَّ علي بنعمة النسيان التي باتت حلما بعيدا المنال..

يا الله ياكريم

إذا كنت قد أذقتني حسرة فقد ولدي..

فلا تذق أبا عبدالرحمن مثلها!!

يكفيه رؤية عبدالرحمن حي ميت طوال الأشهر الماضية..

يا الله لا تذقه الحسرة التي ذقتها!!

فإن كنت أنا أستطعت الاحتمال.. فهو لن يحتمل فراقه.. لن يحتمل!!

************************************

ست أشهر مضت منذ تركني..

حاولت الاعتصام والصبر والتجلد وأنا أقول هذا قدر الله وحكمته

بين الامس واليومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن