part 1 : البداية

285 7 11
                                    

ماهو الحب...
لطالما تسألت بينها وبين نفسها عن معني الحب...
هل هو أن تحضنك أمك وتقبلك بين الحين و الأخر، أم هو أن يقلق عليك والدك إن تأخرت في العودة، هي لم تعرف والداها فكيف ستعرف الحب.. هذا ما كانت تظنه..

أهلاً بكم في عالمي في القرون الوسطي، في قريتي الجميلة ذات المروج الخضراء والسماء الزرقاء والناس الطيبين، الناس في قريتي يعيشون كأسرةٍ واحدة ورغم أنهم بسطاء جدا إلا أنهم سعيدون في حياتهم، الناس هنا ليسوا أغنياء كسكان الإمبراطورية العظمي التي تحتل أغلب المدن والقرى المجاورة لقريتي، إنها امبراطورية غنية وقوية جداً مع أنني سمعت أن امبراطورها شاب صغير لـم يتجاوز ٢٨ سنة..

اسمي ياسَمين أبلغ من العمر ٢١ عاماً، أملك عينان عسليتان وشعر أسود طويل يصل حتي نصف فخدي، توفي والداي عندما كنت في الثالثة من عمري بسبب مرض انتشر في قريتنا وقتل الكثيرين ومنذ ذلك الوقت ربتني عائلة صديقتي الوحيدة وبقيت معها حتي بلغت الخامسة عشرة، عندها عدت لمنزلي وعشت وحدي على الرغم من رفضهم لذلك فقد كانوا يعتبرونني ابنتهم الثانية..

صديقتي الوحيدة نرجس وهي في نفس عمري، ذات عينان زرقوتان رائعتان وشعر بني يصل حتي كتفيها، أخبرني والداها أنهما أسمياها نرجس لكي تكون جميلةً وقويةً مثل زهرة النرجس، وهي كذلك بالفعل فهي فتاة رائعةٌ و قوية وتجيد حتي المبارزة بالسيف مقارنة بفتاة..

هناك شخص أخر مهم في حياتي، انه الشاب الذي أحبه، اسمه فارس وعمره ٢٦ عاماً، ذو شعر أسود وعينان سوداوان بروعة الليل، انه شاب شجاعٌ ويعتمد عليه وهو فارسٌ قويٌ أيضاً كما يدل اسمه، تعرفت عليه عندما كنت في السابعة عشرة ونحن سنتزوج قريباً وجميع سكان القرية يعرفون ذلك ويباركون حبنا..

سأخبركم كيف تعرفت على فارس...

( كان نهارا جميلا وصافياً خرجت أنا و نرجس كعادتنا كل صباح لنجلب الماء من النهر القريب من القرية، كنا نمشي وكل واحدة منا تمسك بدلو لتملأ فيه الماء، وكنا مستغرقتان في الحديث، وبالنسبة لي لـم أنتبه لوجود شخص يسير ورائنا ويتبعنا إلى أن قالت نرجس : يبدو أنه يتبعنا قصدا..
: ماذا قلت..؟
: انظري ورائنا ياسَمين.. ذلك الشاب يتبعنا منذ خروجنا من القرية..
: ماذا..؟
نظرت خلفي بطرف عيني، وأشارت لي نرجس ألا ألتفت أو أتوقف عن المشي، قالت: واصلي المشي.. لا تدعيه يعرف أننا رأيناه..
: ما لذي سنفعله..؟ من يكون يا ترى..؟
: ربما كان من الشبان الذين حذرنا منهم والدي وقال أنهم فتيان عابثون..
: لما لم تخبريني بذلك من البداية.. كنّا عدنا للقرية وطلبنا المساعدة..
: لا تخافي ياسَمين.. نسيت أنك معي.. سنحصل على بعض المتعة فقط..
كانت نرجس تبتسم وتتكلم بلامبالاة وكأنها نسيت أننا وحدنا وأننا ابتعدنا قليلاً عن القرية، أما أنا فقد كنت خائفةً من أن يقترب منا..
أكملنا سيرنا وعندما وصلنا للنهر وقفنا أمامه ووقف الشاب على مقربة منا، التفتت نرجس نحو الشاب والتفتُ معها، كانت نرجس فتاة جريئة ويُعتمد عليها لذا كانت هي من تولت الموقف: من أنت..؟ ما لذي تريده منا..؟
: يبدو أنكما اكتشفتما وجودي..
: وهل تظن أننا غبيتان حتي لا نعرف أنك تلحقنا منذ خروجنا من القرية..
: أنت حقا فتاة شجاعة.. تعرفين ذلك ولم تخافي أو تهربي..
: ولماذا أهرب.. إن كنت تريد الشجار فأنا مستعدة لذلك.. سأبرحك ضرباً حتي لا تجرأ على ملاحقة أي فتاة بعد الأن..
: ما لذي تقولينه يا نرجس.. لا تحاولي استفزازه..
: عليك أن تأخذي بنصيحة صديقتك.. على كل حال أنا لم أتي من أجلك..
أخذ يقترب منا خطوةً خطوة وهو يبتسم بمكر، التقطت نرجس عصاً من الأرض وأشارت بها إليه وقالت: اياك أن تقترب..
توقف الشاب ورفع يديه لأعلى مكوناً علامة الإستسلام وقال: لا داعي لذلك.. لقد أتيت من أجل صديقتك.. أردت أن أعرف اسمها فقط..
ارتجف قلبي عندما قال هذه الكلمات، أمسكت بذراع نرجس ووقفت خلفها، قالت: عد من حيث أتيت.. لن تحصل على شيء منا..
: حسناً.. حسناً.. سأعود..
تحرك الشاب عائدا من حيث أتي ثـم توقف في منتصف الطريق ونظر الينا وقال: بالمناسبة.. اسميكما جميلان.. نرجس و ياسَمين..
أكمل طريقه ولم ينتظر أن نقول له شيئا، أما نحن فقد ملأت كل منا دلوها وعدنا للقرية، كنت طوال الطريق أفكر في من يكون الشاب ومالذي يريده منا، أما نرجس فقد كانت تتحدث عما حصل معنا بمرح وكأننا كنّا في نزهة صباحية ولم تكترث أبدا لأي شيئ..
على أي حال أنا محظوظةٌ لأنني أملك صديقةً ك نرجس فهي فتاة تجعلك تشعر بالإطمئنان بمجرد كونك معها..)

هكذا تعرفت على فارس لأول مرة، بعد ذلك كان يظهر أمامي بين الحين والأخر، كان في كل مرة يظهر أمامي يحاول أن يخيفني أو يغضبني وكان يحب مشاكستي والشجار معي، لكنه لم يخبرني بتاتا أنه يحبني، أما أنا فقد كنت بداية أنزعج جدا حين أراه وخاصة إن كانت معي نرجس فقد كانا لا يطيقان بعضهما ويتشاجران دائما بصوت عال، ولكن مع الأيام أصبحت معتادة على وجوده في حياتي حتي اكتشفت أنني أحبه في ذلك اليوم..

( كان نهارا صيفيا حارا جدا ومشمسا، ذهبت أنا و نرجس لشراء بعض الاغراض والخضروات من القرية المجاورة لقريتنا، ذهبنا صباحا ولم ننتهي حتي وقت متأخر..
في طريق عودتنا للقرية ظللنا طريقنا ودخلنا في طريق لم يسبق لنا السير فيه، حاولنا الخروج والعودة إلى طريقنا الصحيح لكننا كنا كلما دخلنا إلى شارع أخر تهنا أكثر إلى أن وصلنا إلى شارع صغير مغلق..
عندها خرج لنا أولاد يمسكون العصي من خلفنا، كنا أنا و نرجس نقف في المنتصف وكانوا خمسة يشكلون دائرة حولنا..
قال أحدهم: انظروا من أتي لزيارتنا..
: انهما لطيفتان.. سنستمتع كثيرا..
: ترى كيف وصلتما إلى هنا ياجميلتاي..
: لا تخافا.. سنعاملكما معاملة الملوك..
ضحك الولد وضحك أصدقائه معه، أما أنا و نرجس فقد كنا خائفتان كثيرا وخاصة أن أشكال هؤلاء الأولاد لا يطمئن أبدا..
: مالذي سنفعله يا نرجس..
: أنا لا أدري.. علينا أن نتظاهر أننا لسنا خائفتان..
أخذ الأولاد يقتربون منا شيئا فشيئا ولم نستطيع التحرك أو الهرب منهم، كانت نرجس تقف أمامي وكنت مغمضة عيناي خلفها، ظننت لحظتها أننا صرنا ضحيتان لهم وأن مصيرنا انتهي هنا، إلى أن تكلم صوت لم يكن صوت نرجس وكان صوتاً أعرفه جيدا، قال: اياكم أن تقتربوا منهما..
فتحت عيناي ونظرت جهة الصوت لأرى فارس يقف هناك غاضبا، قال أحد الأولاد: أوه.. هل أنت الفارس النبيل الذي أتي لإنقاذ الأميرتان..
: من يدخل وكرنا لا يمكن أن يخرج بلا مقابل..
تركنا الأولاد وأخذوا يقتربون من فارس ودخلوا في شجار معه، كان فارس وحده وكانوا خمسة، تلقي فارس الكثير من الضربات لكنه كان في كل مرة يسقط كان ينهض مجددا، لم نكن نستطيع مساعدته فنحن في النهاية فتاتان..
مضي وقت قبل أن يسقط الأولاد جميعهم على الأرض و فارس يترنح، انسحب الأولاد وغادروا المكان، تتبعهم فارس بنظره ثم قال دون أن ينظر لنا: هيا بنا.. سأوصلكما إلى البيت..
كنتُ أبكي بشدة وعندما أدار فارس رأسه لينظر نحوي تفاجأ من رؤيتي وقلت له بتلعثم: لقد.. لقد تأذيت.. أنت...
كنت أبكي كثيرا ولم أستطيع اكمال كلماتي وصرت أمسح الدموع بيدي، ولم أشعر إلا ب فارس وهو يقترب مني ويحضن وجهي في صدره..
كان حضنه بمثابة أمان كنت ابحث عنه، تشبثت به وازداد بكائي فأخذ يمسح على شعري ويقول: اهدئي.. لا داعي للبكاء.. لقد رحلوا..
: لكنك.. تأذيت كثيرا..
: لا تقلقي انها مجرد خدوش.. أنا مستعد لفعل أي شيئ من أجلك..
رفعت عيني لتقابل عينيه وتمتمت: لماذا..!؟
: لأنني أحبك..
بقينا ننظر لبعضنا لثانية أو ثانيتين فقط لكنها بالنسبة لكلينا كانت ساعة أو أكثر، تركني بعدها فارس واتجه في طريقه ثم لوح لنا بيده قائلا: اتبعاني حتي لا تضيعا مجددا..
كنت أسير خلفه كالبلهاء أكرر كلماته في عقلي وكانت نرجس تسير بجانبي تثرثر وتسألني عدة أسئلة ولكنني لم أكن أستمع لها أبدا فقد كنت هائمة في عالمي الخاص..)

في تلك اللحظة وبين ذراعيه خفق قلبي حباً لأول مرة، وسيبقي حتي أخر لحظة يخفق بحبه هو فقط...


سحر الإمبراطوريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن