في في صباح اليوم التالي كان اللون الأسود يغطي المكان، الجو بدى كئيباً جداً ورمادياً، السماء غائمة، والشمس مختفية، قطرات المطر التي تتساقط بين الحين والأخر بدت وكأنها جميعها تنعي موت اتيكوس ، ذلك الصديق والحبيب والرفيق والمؤنس واللطيف..
في المقبرة الملكية وقف افتيموس على رأس القبر ينظر إلى صديقه وهم ينثرون التراب فوقه، وبجانبه وقف فارس وخلفهما بمسافةٍ قليلة وقفت ياسَمين تمسك نرجس التي لم تتوقف عن البكاء، ولو كان البكاء يعيد الموتي لكان اتيكوس قد عاد للحياة بسبب دموعها..خرجت ياسَمين من جناح نرجس بعد أن تركتها لتنام وتريح أعصابها، كادت أن تدخل إلى جناح افتيموس عندما خرج منه، سألته: إلى أين ستذهب..؟
: سأجتمع مع اريك..
: أيمكنني مرافقتك..؟
: كما تريدين..
دخل افتيموس إلى مكتبه ليجد فارس جالساً ينتظره، جلس افتيموس على كرسي مكتبه وجلست ياسَمين على الكرسي أمام المكتب مقابلةً ل فارس..
بقي افتيموس صامتاً للحظات وهو ينظر للملفات والأوراق التي أمامه، بينما ياسَمين و فارس يتبادلان النظرات وهما ينتظران ماسيقوله افتيموس..
بعد لحظات نظر افتيموس ل فارس وسأله: أهذه كل الملفات..؟
: أجل جلالتك.. هذا كل مايوجد لدينا..
: حسناً.. اسمع اريك.. أريدك أن تشرف على اعداد الجيش بنفسك.. أريده أن يكون جاهزاً خلال أيام..
: أمرك..
: دعهم يخوضون منافساتٍ فيما بينهم ليقوا مهاراتهم.. أريدهم أن يكون جاهزين لأي شيئ..
: جلالتك.. لدي مقترح..
: تكلم.. ماهو مقترحك..؟
: جيشنا حالياً في أضعف حالاته.. قُتل أفضل الفرسان فيه وأي معركةٍ سنخوضها ستكون نتيجتها معروفة.. لما لا نوَقع تحالفاً مع امبراطورية اخرى.. امبراطوريةٌ تمدنا بالفرسان والعتاد.. قد نتمكن حينها من مواجهة حيش الإتحاد..
: لا أظن أن هناك امبراطوريةً ستقبل بذلك.. لا تنسي أن امبراطورية الشرق الأن تعتبر الأقوى.. ولن تتجرأ أي امبراطورية على الوقوف ضدها.. قتلهم ل اتيكوس وهم يعرفون كم هو مقرب مني يؤكد أنهم أقوياء ولا يأبهون لما سيحدث..
سكت افتيموس قليلاً ثم قال: حتي إن لم نواجههم سيصلون إلى العاصمة ويهاجموننا فجأة.. ليس لدينا خيارٌ سوى مواجهتهم وحدنا.. هذا هو عالم الأباطرة.. إما أن تفوز بكل شيئ أو تخسر كل شيئ..
وقف من كرسيه ونظر ل فارس وقال: ابدأ بتجهيز الجيش من هذه اللحظة.. إن احتجت لأي شيء ستجدني في المكتبة.. أنا أعتمد عليك..
خرج افتيموس من المكتب وبقيت ياسَمين مع فارس ، نظرت إليه وقالت: هل ستذهب معهم..؟
: يبدو دلك..
: لكنني لن أحتمل أن يحدث ماحدث في الماضي مرة اخرى.. لن أحتمل أن يصيبك أي مكروه..
أخفض فارس عينيه وقال: لا شيئ يشبه الماضي ياسَمين.. أنا الأن اريك مستشار الإمبراطور.. وأنتِ زوجة الإمبراطور..
: لكنني مازلت ياسَمين.. حتي لو ناداني الجميع ايزس.. أنا مازلت ياسَمين..
نظر إليها فارس فرأي نظرةً حادةً في عينيها فابتسم ثم انسحب إلى الخارج دون أن يقول شيئاً..خرجت ياسَمين من المكتب وفي نيتها الذهاب للإطمئنان على نورس لكن شيئ ما شدها لتذهب إلى المكتبة لتطمئن على افتيموس أولاً .
طرقت الباب فسمعته يأذن لها بالدخول، دخلت وقالت: قلقت عليك.. أنت بخير..
نظر إليها وأطلق تنهيدةً طويلة وقال: لا أدري إن كنت سأكون بخير بعد موت اتيكوس..
: تفتقده..؟
جلس على الأريكة الطويلة وتمتم: أفتقده..!؟
سكت قليلاً ثم أردف: إنها كلمةٌ لا تعبر عما أشعر به.. لم يمضي يوم بعد وأشعر بالضياع بدونه..
جلست ياسَمين بجانبه وأمسكت يده لتخفف عنه ألمه قائلةً: هون عليك..
: لا أظنني أستطيع الاستمرار في الحياة بعيداً عنه..
: لا تقل ذلك.. أنت الإمبراطور.. عليك أن تتماسك.. امبراطوريتك بحاجة إليك.. وابنك بحاجة إليك أيضاً.. عليك أن تكون بجانبه دائماً..
نظر نحوها وابتسم ابتسامةً متألمة وقال: أنتِ و نورس الشيئ الوحيد الذي مايزال جميلاً في حياتي..
انحني نحوها ليضع رأسه في حجرها ويشد على يدها ويغمض عينيه، رفعت ياسَمين يدها الأخرى تمسح بها على وجهه، غفي افتيموس في أحضان ياسَمين وقد ترك همومه وألامه كلها تذهب مع لمسات يدها الحانية..بعد أيامٍ قليلة..
اصطف الجيش أمام القصر جاهزاً بكامل قوته وعتاده ولا يحمل في قلبه إلاّ الانتقام لمن ماتوا والدفاع عن موطنهم والنظال من أجل امبراطورهم..
وقف افتيموس و فارس مع ياسَمين و نورس ليودعهما، عانق افتيموس ابنه عناقاً طويلاً ثم أعاده للخادمة وتقدم نحو ياسَمين ليعانقها، حضنها طويلاً ثم قبلها على جبهتها وابتعد وهو يمسك كلتا يديها بيديه وقال: اعتني بنفسك.. واعتني ب نورس.. كونا بخير..
: لاتقلق علينا..
: اعتني ب نرجس.. لا تجعليها تشعر بأنها وحيدة..
: حسناً.. احرص على نفسك وعد سالماً..
: سأحاول..
مشي افتيموس نحو الخارج بينما لحقه فارس بعد أن نظر ل ياسَمين نظرةً خاطفة وابتسم لها مودعاً..
سارا معاً ثم توقف افتيموس والتفت ناحية فارس وقال: اريك.. أنتَ ابقي هنا..
تفاجأ فارس من كلام افتيموس فسأله: ماذ تقصد..؟
: إن حدث لي شيئ فسيكون القصر ومن فيه في خطر.. أريدك أن تبقي هنا لتحميهم..
: ولكن.. ماذا عن الجيش..؟
: سأقوده أنا.. أنت ابقي هنا واحمي من بقي في القصر..
: حسناً..
غادر افتيموس القصر ليقود جيشه نحو المعركة الحاسمة، فإما أن يموت ويخسر كل شيء، أو يفوز ويأخذ بثأره من قاتل صديقه..تقدمت ياسَمين لتقف بجانب فارس الذي كان يراقب افتيموس وجيشه وهم يغيبون عن الأنظار، سألها: قلقةٌ عليه..؟
بقيت صامتةً للحظات ثم قالت: سأكون كاذبةً إن قلت أنني لست قلقة.. جزءٌ كبير مني يتمني عودته سالماً.. بينما الجزء الأخر مني لا يأبه لما يحدث له.. شعوري تجاهه ليس حباً.. ولكنه ليس كرهاً أيضاً.. صحيحٌ أنه تزوجني قصراً.. لكنه كان يعاملني بلطف.. وفي النهاية.. أنا لا أريد ل نورس أن يفقد والده ويجرب شعور اليتم..
: فهمت..
تمتم فارس ثم غادر المكان وذهبت ياسَمين لجناح نرجس بعد أن أخذت نورس معها..طرقت ياسَمين الباب ودخلت فوجدت نرجس تجلس على الكرسي شاردة الذهن، اقتربت نحوها وقالت: مرحباً..
: ياسَمين.. أهلاً..
جلست بجانبها وأجلست نورس في حجرها، اقتربت نرجس من نورس وداعبته قائلة: مرحباً نورس.. كيف حالك..
: بخير..
: مالأمر نرجس.. لم تخرجي اليوم من جناحك أبداً..
: لا رغبة لي بذلك..
: وإلى متي ستظلين هكذا..؟
: لا أعلم.. لم أعد أرغب بشيئ.. كل مكانٍ في القصر يذكرني به..
: ماتفعلينه ليس حلاً نرجس.. أنا قلقةٌ عليك.. لم أعتاد أن أراكِ هكذا.. عودي لطبيعتك.. نرجس القوية.. يجب أن تتأقلمي مع ماحدث..
أخفضت نرجس عينيها لينهمر الدمع منهما، شعرت بيدٍ صغيرة ودافئة تمسك يدها، نظرت إلى نورس فوجدته ينظر نحوها بعينين مليئتين بالبراءة والصفاء وقال بصوته الطفولي: لا تبكي.. ألن تلعبي معي..؟
مسحت نرجس دموعها وابتسمت في وجه نورس فقالت لها ياسَمين: رأيتِ.. حتي نورس لا يحب رؤيتكِ حزينة..________________________________________
توقعاتكم للقادم..؟
أنت تقرأ
سحر الإمبراطورية
Romanceماهو الحب... لطالما تسألت بينها وبين نفسها عن معني الحب... هل هو أن تحضنك أمك وتقبلك بين الحين و الأخر، أم هو أن يقلق عليك والدك إن تأخرت في العودة، هي لم تعرف والداها فكيف ستعرف الحب.. هذا ما كانت تظنه.. فارس : أعدك أنني لن أتركك أبدا وسأحبك إلى أخ...