part 10 : مفاجآت

73 4 9
                                    


في ذات الوقت كانت نرجس في منزل ياسَمين تنتظر عودتها بفارغ الصبر وهي تجوب البيت ذهاباً واياباً من القلق..
بعد عدة ساعات فُتح الباب ودخلت ياسَمين وأغلقت الباب خلفها، هرعت إليها نرجس لتسألها عما حدث ومايريده الامبراطور لكنها تفاجأت بمنظر ياسَمين أمامها، سألتها: ماذا حدث..!؟
لم تجب ياسَمين وإنما تابعت سيرها حتي وصلت لسريرها وجلست عليه، كانت شاحبة اللون، وجهها مصفر وكأن الدماء قطعت عنه، شفتاها زرقوان وعيناها شاخصتان..
جلست نرجس بجانبها ووضعت يدها على كتف ياسَمين وسألتها: ماذا حدث..؟ لما أخذك الحراس..؟ مالذي فعلوه لك..؟
لم تقل ياسَمين شيئاً وبقيت صامتة فازداد خوف نرجس ، أخذت تهزها وهي تقول: تكلمي.. لما أنت صامتة..؟ هل فعلوا بكِ شيئا..؟ هل أذوكي..؟ أجيبيني..
تمتمت: لقد قابلت الامبراطور..
: الامبراطور..!؟ لماذا..؟ مالذي يريده منك الامبراطور..!؟
عادت ياسَمين لصمتها مجدداً، فقالت نرجس : تكلمي أرجوك.. لا تخيفيني هكذا..
: لقد تكلم معي..
: ماذا قال لكِ..؟ انتي لا تبدين بخير..
: قال...
توقفت ياسَمين لبرهة وكأنها تتذكر شيئ ما أو تسترجعه في خيالها، كانت صامتةً ومصدومةً، كانت متصلبة في مكانها ولم تحرك عيناها عن الباب منذ دخولها، توقفت فجأة وسارت نحو منتصف البيت ولم تتحرك أو تتحدث أو يرف لها جفن، لوهلة ظنت نرجس أن روحها صعدت للسماء وهي هكذا، سارت نرجس نحوها ووقفت أمامها وهزتها بقوة: مالأمر ياسَمين.. ماذا بكِ.. هل آذاك ذلك الامبراطور.. ماذا قال لكِ..؟
: قال.. لديك خياران.. إما أن تكوني زوجةً لي برضاك.. أو تكون جاريةً عندي.. وإن حاولت الرفض أو الهرب أو حتي حاولت قتل نفسكِ فثقي أنني سأقتل كل الناس في قريتك ولن أُبقي أي أحدٍ حي..
: ماذا تقصدين..؟ لم أفهم..!
قالت ياسَمين وكأنها تكرر جملةً ما قد حفظتها عن ظهر قلب: سيحضرك الحراس بعد يومين لتخبريني بقرارك...
: قرارك..!؟ مالذي يظنه ذلك الامبراطور المتغطرس.. اسمعي يا ياسَمين أنت لن تتزوجي ذلك الامبراطور مهما حدث.. سترحلين عن هنا.. أجل.. سنهرب معاً ولا بد أن نصل لمكانٍ لا يمكن أن يجدنا فيه الامبراطور..
أمسكتُ يدها وحاولت جرها خلفي إلاّ أنها لم تتحرك، حاولت جرها مجددا لكنها أفلتت يدها وعندما نظرت لها وجدتها تنظر لعيني، كانت فتاة أخرى، لم تكن ياسمين التي أعرفها، لم تكن هي..
قالت لي: لا أستطيع.. لا يمكنني.. إن هربت.. سيقتل الجميع..
: لن يستطيع فعل ذلك.. إن حاول حتي سيفقد سيطرته على كل القرى.. لن يرضي أحدٌ بذلك..
: أنت لم تريْه يا نرجس.. لم تريْ كيف كان يتكلم..
جلست على الأرض وضمت ركبتيها لصدرها وأمسكت بهما، كانت ترتعش، كانت خائفةً جداً ومرتعبة، لم أرى في حياتي ياسَمين بهذه الحالة، قالت: انتي لم تري عينيه.. كانتا مخيفتين.. كان يعني كل كلمةٍ يقولها.. كان مرعباً.. لا يمكنني الهرب منه..
جلست نرجس أمامها وأمسكت يديها وقالت: بل يمكنك يا ياسَمين.. لن تكوني وحدك.. أنا سأكون معك.. سنهرب معاً.. سنذهب إلى الجبل.. هناك سنجد قرى لم تسيطر عليها الامبراطورية..
نظرت لي نظرةً يائسة وقالت بهدوء: لا أستطيع يا نرجس.. قد يمكنني تحمل أن أكون كالدمية بين يديه لكنني لن أحتمل أن أفقدك أنت أو والديك أو أي شخص أخر..
خرجت الدموع من عينيَّ دون ارادتي، لم أشعر بها إلاّ وهي تسيل على خداي، قلت لها: هذا صعب عليك.. كيف ستتحملين.. كيف ستتحملين العيش معه.. كيف ستعيشين مع شخص تكرهينه..
ابتسمت لي ابتسامةً منكسرة وأجابتني: لأن الشخص الذي أحبه رحل.. ماتت كل مشاعرى منذ مات فارس.. لم يعد يهمني شيئ.. سأتزوج الامبراطور وسأحمي أهل قريتي وسأفعل شيئا ذا فائدة في حياتي..

خرجت ياسَمين من البيت وبقيت نرجس وحدها، توجهت ياسَمين إلى النهر وجلست على ضفته وانزلت قدميها في الماء وأخذت تفكر بصوتٍ مسموع: ماذا عليَّ أن أفعل.. هل أفعل ما يريده الامبراطور.. أم أهرب كما قالت نرجس.. لو كان فارس مكاني ماذا كان سيفعل.. بالتأكيد كان سيحمي القرية.. لكن.. أن أتزوج شخصاً غير فارس.. أنا لا أستطيع.. ماذا أفعل.. ماذا أفعل..
انهارت ياسَمين بالبكاء وهي تتمتم بهاتين الكلمتين..

حلّ المساء و ياسَمين ماتزال على حالها عند النهر، عندما بدأ الظلام يخيم نهضت من مكانها وذهبت لبيتها..
عندما دخلت البيت وجدت ميس و رامي جالسان مع نرجس وأثار البكاء واضحةٌ على عينيها، قالت: مرحبا..
وقفت ميس من مكانها وقالت: هل صحيح ما قالته لنا نرجس..!؟
: أجل..
وقف رامي وقال: لن أسمح له بفعل مايريد.. ياسَمين انتي لن ت...
قاطعته: رجاءاً يا رامي لا تورط نفسك معي..
: ماذا تقولين يا ياسَمين..
: لا يوجد لدي مهرب يا رامي..
: بل يوجد مهرب يا ياسَمين.. سنهاجر.. سنغادر معاً لأي مكان غير هنا.. لن تتزوجيه..
: انه الامبراطور يا ميس.. الامبراطور.. حتي لو هربت سيجدني.. لن يتركني وشأني..
توجه رامي نحو ياسَمين وأمسكها من كتفيها وأخذ يهزها وكأنه يوقظها من سبات ويصرخ في وجهها: لا يا ياسَمين.. لن يجدك.. سأفعل أي شيء لكي لا يجدك.. سأحميك منه مهما كلفني الأمر.. أنت حبيبة فارس وستظلين هكذا.. لن أسمح له بلمسك..
بكت ياسَمين : سأظل حبيبة فارس..سأظل أحبه.. لكن...
أمسكت ياسَمين يدي رامي بيديها وانزلتهما عن كتفيها وأكملت: حتي فارس لو كان هنا بدلاً عني كان سيختار حماية قريته..
تركت أصديقائها ودخلت لغرفتها وبقوا هم يندبون حظ صديقتهم ومصيرها المجهول..




سحر الإمبراطوريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن