ذهبت ياسَمين نحو جناح نرجس وعندما أرادت الدخول سمعت صوتاً أتياً من الداخل فتوقفت وبقيت تستمع للحديث...
: أحتاج مساعدتك.. لا أدري كيف غفلتُ عن أمرٍ كهذا..
: ماذا يمكننا أن نفعل..!؟
: لا أدري.. لكن يجب ألاَّ تعلم شيئاً..
: الأمر صعب.. قلت أن الأغنية كنت تغنيها لها.. كيف يمكنني اقناعها بأن الأمر مجرد صدفة..
: يجب أن تقنعيها بأي طريقةٍ يا نرجس.. لا أريدها أن تعلم من أنا.. لا يزال الوقت مبكراً على ذلك..
: حسناً.. سأجد طريقةً يا فارس.. فقط اهدأ.. سو.....
لم تكمل نرجس كلامها بعد حتي فُتح الباب بقوة ودخلت منه ياسَمين..
كان فارس يتحرك ذهاباً واياباً في الغرفة وهو متوتر، و نرجس تقف بالقرب منه تفكر في حل، دخلت ياسَمين وبقيت تنظر نحو فارس بصدمة، تمتمت: أنت...
هربت الدموع من عينيها وتمتمت بصوت متقطع: فارس..!؟ لا أصدق..
لم يدري فارس مايفعل أو ماذا يقوم فأخذ يتمتم: أنا لست.....
قاطعته: أنا سعيدة.. سعيدةٌ أنك حي.. كنت أثمن أن أراك مجدداً.. كنت أشعر دائماً أنك لم تمت.. كان قلبي يخبرني أنك حي.. كنت أشعر أنك قريبٌ مني..
سكتت قليلاً ثم تقدمت نحو فارس وسألته: أين كنت..؟ لما اختفيت هكذا..؟ لقد مضي وقت طويل..
نظرت نحو نرجس وقالت لها: رأيت يا نرجس.. أخبرتك أن اريك هو فارس..
سكتت فجأة وكأنها أدركت شيئاً ما لتوها ثم عادت للنظر ل نرجس وقالت: كنت تعلمين..!؟ منذ متي..!؟ لما لم تخبريني..!؟
لم تجب نرجس وبقيت صامتةً لا تعرف ماذا تقول، نظرت ياسَمين إلى فارس الذي كان ينظر إليها ثم أخفضت عينيها أرضاً وارتفع بكائها وتمتمت: لكنني.. ايزس.. أنا.. لست.. أنا...
انتابتها نوبة بكاءٍ شديدة فاندفعت راكضةً للخارج نحو جناحها، تبعتها نرجس بعد أن نظرت نحو فارس وقالت له: سألحق بها.. لا تأتي إلى جناح ياسَمين..ذهبت نرجس لجناح ياسَمين وعندما دخلت وجدتها مستلقيةً على سريرها تبكي، جلست بجانبها وأخذت تمسح على ظهرها وتقول: أنا أسفة ياسَمين.. لم يكن بإمكاني أخبارك.. فارس كان قلقاً عليكِ.. هو أيضاً عاني كثيراً من بعده عنكِ.. لكنه فكر أنك ستحزنين كثيراً، إن علمت أنه حي وأنكما لن تكونا معاً..
نظرت ياسَمين نحو نرجس ثم عانقتها وقالت: مايهمني أنه لم يمت.. لا يهم أن يكون معي أو لا.. المهم أنه حيٌ يرزق.. صحيح أنني لن أستطيع أن أكون معه.. لكن يكفيني أننا نعيش في نفس المكان ونتنفس نفس الهواء..
بعد لحظاتٍ طُرق الباب ودخل منه فارس ، رأي ياسَمين جالسةً على سريرها وتجلس نرجس بجوارها، تقدم نحوها ووقف أمامها وبقي ينظر إليها للحظات ثم قال: أيمكنك أن تسمعيني..
نظرت إليه ياسَمين فقال: عندما ذهبتُ إلى المعركة كنت دائما أفكر بكِ.. حتي عندما طُعنت وظن الجميع أنني ميت كانت صورتكِ في خيالي.. استيقظت في منزل رجلٍ أنقذني وكنت عاجزاً عن الحركة بسبب جرحي.. أخبرني أن جرحي كان بليغاً وأنني لو كنت شخصاً عادياُ كنت مت على الفور.. قال بأن لدي دافعاً كبيرا لأكون حياً.. وهذا الدافع لم يكن إلاَّ أنتِ.. أنتِ كنت سبب نجاتي ودافعي للحياة..
عادت دموعها للنزول مجدداً وهي تستمع لكلماته، تابع: بعد أن شفيت ذهبت إلى قريتنا.. كانت غير القرية التي تركتها.. ذهبت إلى منزلكِ فوجدته فارغاً.. أخبرني عجوزٌ أنكِ تزوجت من الامبراطور لكنني لم أصدق.. ذهبت لبيت نرجس لأراها وأسألها لكنني لم أجدها.. أخبرني والدها أنها ذهبت لتعمل في القصر وعندها تأكدت مما قاله العجوز وقررت أن أتي للقصر لأراك وأتحدث معك..
كانت ياسَمين تبكي وتزداد دموعها غزارةً كلما تابع فارس كلامه، مسحت دموعها وبقيت تنظر ل فارس وقالت معاتبة: لما..؟ لما لم تخبرني منذ مجيئك..؟ لما لم تقل لي أنه أنت..؟
بقي فارس ينظر إليها لتلتفي عيناه المتألمه بعينيها الحزينة وقال: عندما جئت للقصر كنت مصراً على اخبارك من أكون.. لكن حادثة التسمم غيرت كل ماخططتُ له.. وافقت على أن أكون مستشاراً للإمبراطور فقط لكي أكون قريباً منكِ وأراكِ.. كنت أخطط للانتقام من الامبراطور لكن خبر حملكِ بعثر كل مخططاتي.. عندما أنجبتِ نورس وسميته بهذا الاسم علمت أنكِ لم تنسيني.. وأنكِ مازلت تحبينني.. لذا قررت أن أتنازل عن انتقامي وأن يكون هدفي هو حمايتكِ أنتِ و نورس.. فحتي إن لم يكن ابني فهو ابنكِ.. ابن الفتاة الوحيدة التي أحببتها..
أخفضت ياسَمين عينيها الدامعة نم رفعتهما مجدداً نحو فارس بينما أخرجت قلادة الخاتم من تحت ملابسها وقالت: خاتمكَ لم يفارقني.. لم أتوقف عن حبك.. كنت دائماً معي.. في قلبي.. زواجي من افتيموس لم يكن بإرادتي.. كنتُ مجبرة..
قاطعها فارس : أعلم.. أعلم ذلك..
أخرج فارس قلادته التي بها الخاتم من تحت ملابسه وأمسكها بيده وقال: لم يفارقني الخاتم أبداً.. كان شاهداً على كل مامررت به.. أنا لم أنساكِ لحظةً واحدة.. لم تغيبِ عن بالي.. كل ما يهمني الأن أن تكوني بخير.. وألاَّ أضطر لإخفاء نفسي عنكِ والتظاهر أنني اريك.. تهمني سعادتكِ ياسَمين..
وقفت ياسَمين من مكانها واقتربت من فارس ووقفت أمامه ونظرت إليه وقالت: اشتقت لسماع اسمي بصوتك..
لم يستطع فارس السيطرة على نفسه أكثر فاقترب منها وعانقها بقوة فبادلته العناق..
كان عناقهما قوياً.. شديداً.. عميقاً.. كبيراً.. بقدر اشتياقهما وألمهما.. نسي بين يديها كل تعبه ومعاناته.. ونسيت بين يديه كل مايحيط بها.. كل العالم.. وكأنهما وحدهما في الكون.. كان كلٌ منهما غارقاً في الأخر غير مدركان لما يحدث حولهما..
كان فارس يشد عليها ويضمها إلى صدره بقوةٍ وكأنه يرغب في اخفائها داخل روحه، كأنه يخبأها لكي لا تُسرق منه مجدداً، كان يشم رائحة شعرها ويقبله ويشعر وكأنه أُعيد للحياة مجدداً..
وكانت ياسَمين تتشبث في حضنه وكأنها ترغب بأن يتوقف الزمن عند هذه اللحظة، كانت تتشبث بثيابه كالطفلة الصغيرة التي وجدت بيتها بعد ضياعٍ طويل، كانت تشم رائحته وتشعر بأنها عادت بالزمن إلى أول مرةٍ حضنها فيها، كانت غارقةً فيه ولا تريد النجاة..ابتعدا عن بعضهما بعد بضع دقائق على صوت نرجس وهي تناديهما: ياسَمين.. فارس..
بقي فارس ممسكاً بيدي ياسَمين بين يديه ونظرا معاً نحو نرجس التي اقتربت منهما وقالت: ياسَمين.. قد يأتي افتيموس في أي لحظة.. لا يجب أن يرى فارس هنا..
تكدرت ملامح فارس وتغيرت نظرة ياسَمين ، ترك فارس يديها وأمسك وجهها بين يديه ومسح الدموع التي كانت في عينيها ثم ابتعد قائلاً: يجب أن أذهب..
توجه نحو الباب فأوقفته ياسَمين قائلة: فارس...
نظر إليها فقالت: كن بخير.. لأجلي..
ابتسم لها فارس بينما هربت دمعةٌ من عينيه فأخفي وجهه وتابع بخطوات سريعة وخرج..( لم أتوقع أن تعرف ياسَمين حقيقة فارس بهذه الطريقة.. توقعت أن فارس هو من سيخبرها.. على كل حال جيدٌ أنها علمت.. هذا سيريحها نوعاً ما..)
أفاقت نرجس من أفكارها على صوت طرقٍ على الباب، فتحت الباب فلم تجد أحداً، أغلقته ودخلت فطُرق الباب مجدداً، فتحته فإذا ب اتيكوس يقفز أمامها ليفاجأها..
تراجعت للخلف وأطلقت صرخةً صغيرة فقال لها مبتسماً: مرحباً..
وضعت نرجس يدها على قلبها الذي كان يدق بشدة وقالت: أرعبتني..
ضحك اتيكوس ثم قال ممازحاً: أحب رؤيتكِ مرتعبة.. تبدين أجمل..
دخلت نرجس ودخل خلفها اتيكوس ثم جلس على أحد الكراسي وجلست على كرسيٍ أخر مقابلةً له قائلةً: مالذي جاء بك..؟
: أهكذا ترحبين بحبيبك..!؟
: أجل هكذا.. عندما يرعبني لأجل أن يضحك..
نهض اتيكوس من مكانه وجلس بجانب نرجس ثم وضع يده على كتفها وقربها منه قائلاً: أنا أسف.. لم أتخيل أنكِ سترتعبين كثيراً..
لم تقل نرجس شيئاً بل ظلت تشبك يديها على صدرها غضباً فقال: حسناً.. ألم تسأليني لما أتيتُ إليك.. سأخبرك..
: لا يهمني..
ابتسم اتيكوس وقال: ستسامحينني بعد أن تعرفي..
أخرج اتيكوس من كيسٍ كان يحمله علبةً حمراء ثم حملها بين يديه أمام نرجس وفتحها ليقع نظرها على عقدٍ ماسي جميل بريقه يخطف الانظار، قال: مارأيكِ..؟ هل أعجبكِ..!؟
فكت نرجس يديها وقالت: إنه جميل..
قدم العلبة لها وقال: إنه لكِ.. تفضلي..
نظرت إليه فوجدته يبتسم ثم أعادت نظرها للعلبة وأخذتها وهي تقول: حقاً.. إنه رائع
: أعجبني كثيراً حين رأيته وفكرت أنه سيكون أجمل إن ارتديته..
: شكراً لك اتيكوس.. أنت دائماً تهديني أشياء جميلة..
: هل تسمحين لي أن أضعه حول عنقك..؟
: بالتأكيد..
وقفت نرجس من مكانها وذهبت نحو كرسي مرآتها وجلست عليه، تقدم اتيكوس ليقف خلفها وانحني قليلاً وألبسها العقد ثم استقام وهو يضع يديه على كتفيها، لمست نرجس العقد بيدها وقالت: أنت رائع اتيكوس.. شكراً لك..
نظر اتيكوس إليها من خلال المرآة وقال: ألاَّ أستحق شكراً من نوعٍ أخر..
: أطلب أي شيئ تريده وسأنفذه..
تظاهر اتيكوس بالتفكير وقال: ربما.. قبلة مثلاً..
ابتسمت نرجس بمكر وقالت: حسناً..
تقدم منها اتيكوس ليقبلها فتفادت شفتيه وقبلته على خده ثم ابتسمت وقالت: لم تحدد نوع القبلة..
: يالكِ من ماكرة.. انتظري فقط حتي نتزوج.. لن أترككِ حينها أبداً..
: حسناً.. لننتظر..
قال بتذمر: يالهي.. لما حظي هكذا.. كلما حددنا موعداً للزفاف حدث شيئ ما ومنعنا..
ضحكت نرجس وضحك معها اتيكوس ليغرقا معاً في موجة من الحب والعشق.._________________________________________
شو رأيكم بالبارت..؟
توقعتوا ينتهي الموضوع على خير..؟
أنت تقرأ
سحر الإمبراطورية
Romanceماهو الحب... لطالما تسألت بينها وبين نفسها عن معني الحب... هل هو أن تحضنك أمك وتقبلك بين الحين و الأخر، أم هو أن يقلق عليك والدك إن تأخرت في العودة، هي لم تعرف والداها فكيف ستعرف الحب.. هذا ما كانت تظنه.. فارس : أعدك أنني لن أتركك أبدا وسأحبك إلى أخ...