part 31 : قبة الزهور

47 3 13
                                        


بعد عدة أيام كانت ياسَمين جالسة في حديقة القصر تطالع كتاباً عندما أتي نحوها افتيموس وقال: لما خرجت من جناحكِ.. ألم أطلب منكِ ألاَّ تتعبي نفسك..
جلس على الكرسي بجوارها فوضعت كتابها على الطاولة وقالت: لقد مللت من الغرفة.. كما أن الجو في الحديقة يبعث على السرور..
كانت ياسَمين تمسك في أحد يديها زهرةً استعملتها كفاصلٍ للكتاب عندما أغلقته، انتبه لها افتيموس وسألها: هل تحبين الأزهار..؟
: أجل..
: سأخذك إلى مكان ستحبينه كثيراً.. تعالي معي..
وقف ومدَّ يده لها فأمسكت يده ومشيا معاً نحو جهةٍ من الحديقة لم تراها ياسَمين قبلاً..

وقفا أمام بابٍ كبير لقبةٍ زجاجيةٍ ضخمة، حاولت ياسَمين أن ترى مابداخلها لكن الزجاج كان معتماً للغاية ولم ترى شيئاً..
ترك افتيموس يد ياسَمين وتوجه نحو احدى الزهريات الموضوعة على جانب الباب والتي كانت تحمل زهوراً بيضاء على عكس بقية الزهريات المصطفة على جوانب القبة والتي كانت تحمل زهوراً حمراء..
انحني افتيموس نحو الزهرية ورفعها قليلاً وأخرج مفتاحاً من تحتها، وقف أمام الباب وفتحه ثم عاد ليمسك بيد ياسَمين ويدخلان معاً..
وقفت ياسَمين مذهولةً بما ترى تجول بعينيها في أرجاء المكان، كانت القبةُ عبارة عن حديقةٍ مغلقة لم ترى ياسَمين حديقة بجمالها قط، حتي أنها أجمل من حدائق القصر، الزهور المختلفة تصطف في كل مكان وبكل الألوان، أشجارٌ عالية ونبعٌ صغيرٌ في وسط الحديقة يضخ المياه لنباتاتها..
نظرت إلى سقف القبة فرأت الشمس تشع من خلال الزجاج، والهواء يهب من خلال بعض النوفذ العالية، نظرت إلى يمينها فرأت كرسياً وأمامه طاولة يقبع بين ثلاثة أقواسٍ كبيرة من الزهور، ثم نظرت يسارها فرأت أربعة كراسي حول طاولة، بقيت تحدق بهم فقال لها افتيموس : أنتِ أول شخص أدخله إلى هنا..
نظرت نحوه ياسَمين فأكمل: هذه الحديقة كانت المكان المفضل لأمي.. كانت تمضي بها أغلب وقتها..
أشار إلى الكرسي الوحيد بين أقواس الزهور وقال: كانت دائماً تجلس هناك وهي تطالع الكتب.. وعندما كنا نأتي لنشاركها أنا ووالدي و اتيكوس كنّا نجلس في ذلك المكان معاً..
قال وأشار نحو الكراسي الأربعة على يساره، تركته ياسَمين واتجهت نحو احدى الكراسي ولمسته بيدها فانتفض الغبار من عليه، قالت: يبدو أن الحديقة لم تفتح منذ زمن..
: لقد أغلقتها بعد موت والدتي.. أنا فقط من يأتي إليها بين الحين والأخر.. إنها مكانٌ مقدس بالنسبة لي.. لذا حتي الخدم لا أسمح لهم بالدخول إليها..
فضلت ياسَمين ألاَّ تخوض في الحديث عن والدته أكثر فتابعت تجولها في الحديقة حتي رأت أرجوحةً تتدلى من شجرةٍ كبيرة..
ابتسمت لا إرادياً وقالت: هل تلك الأرجوحة لك..؟
: أجل.. لقد كنت أنا و اتيكوس نمضي وقت فراغنا باللعب بها..
كان افتيموس يقف خلف ياسَمين ، وكانت ياسَمين لا تراه وإنما تسمعه فقط، تقدم منها افتيموس وحضنها من الخلف وأرخي رأسه على كتفها الأيمن ووضع يده على بطنها وقال: أعتقد أن طفلنا ستعجبه هذه الأرجوحة.. حين يكبر سيكون سعيداً وهو يلعب في هذه الحديقة..
بقي افتيموس يحضنها للحظات ثم ابتعد عنها وقال: هذه الحديقة ستكون لكِ منذ الأن.. تعالي إليها متي أردتِ..
نظرت إليه وقالت: لكنها ذكرى من والدتك.. لا يمكنني اعتبارها حديقتي..
ابتسم في وجهها وقال: لقد كانت لوالدتي.. لكنها رحلت وتركتها لي.. وأنا الأن أهديكِ اياها وأعلم أنكِ ستهتمين بها.. وأننا سنكون عائلةً جميلة..
بادلته ياسَمين الابتسام وقالت: شكراً لك افتيموس..

أن تحمل في داخلك روحاً يجعلك أقوى
مما أنت عليه، يمنحك شعوراً مختلف،
أن تحمل روحاً وجسداً يكبر بداخلك يوماً
بعد يوم هو شيئ مخيفٌ ممزوجٌ بالسعادة
اللانهائية..

سحر الإمبراطوريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن