part 18 : اضطراب ذات

70 5 10
                                    

توقف قليلاً ثم أعاد النظر إليها وقال: أو معكِ..
تفاجأت بكلامه فأخفضت عينيها ولم تشعر إلا بجسده يجلس بجانبها ويده تمسك يدها، رفعت بصرها نحوه فقال: أعلم أنكِ تحقدين عليْ.. وأعلم أنني مهما فعلت فلن أُكفر عن اجبارك على الزواج مني.. وأعلم أنكِ تتمنين التخلص مني كل يوم.. لكن ليس لديك خيار ولا أنا أملك الخيار.. مصيرنا ارتبط معاً ونحن وحدنا من نستطيع جعل حياتنا جنةً أو جحيماً.. لن أطلب منكِ أن تحبينني فهذا صعب.. لكن أريدكِ أن تنسي كل شيئ ولنعش كزوجين فقط.. أعطيني فرصةً لأسعدك وانهي أحزانك.. موافقة..
بقيت ساكنةً قليلاً، ثم اكتفت بهز رأسها موافقةً فابتسم نحوها بأمل..

في اليوم التالي تناولت ياسَمين الافطار مع الامبراطور و اتيكوس ومن يشاركونهم الافطار عادةً، بعد ذلك ذهب الامبراطور إلى اجتماعه اليومي وخرجت ياسَمين نحو الحديقة، تجولت في الحديقة وقطفت بعض الازهار وأمرت خادمتها أن تضعها في جناحها ثم وقفت تراقب جريان النهر وهي تدندن ببعض الكلمات..
خرج افتيموس من الاجتماع وذهب نحو جناح ياسَمين فلم يجدها، سأل احدى الخادمات عنها فقالت له أنها في الحديقة، ذهب للحديقة وجالت عيناه بحثاً عنها فرأها بجوار النهر، تقدم نحوها فسمعها تدندن فابتسم وتابع تقدمه بهدوء حتي لا تحس به..
التفت ذراعاه حول خصرها وحضنها من الخلف وهمس لها: صوتك جميل..
ارتجفت عند الشعور بجسده يلاصق جسدها وصوته يهمس لها، شعرت باحتقان الدماء في وجهها واللون الأحمر علاَ وجنتيها، قالت بصوت مهزوز: هل انتهي اﻹجتماع..؟
همهم بنعم وهو مايزال يحضنها ويشم رائحة شعرها، أرادت ان تبعده فوضعت يداها على يديه لتبعدها عن خاصرتها لكنها تذكرت كلامه فقررت أن تجاريه، عندما لاحظ صمتها قال لها: اشتقت لكِ.. ألم تشتاقي لي..؟
ردت بصوت خافت: بلى..
أبعد يديه وأدارها نحوه وهو يمسك بكتفيها لتلتقي عسليتاها مع زرقاوتيه، ابتسم لها فارتبكت، فقال: أعلم أن عقلك هو من تكلم وليس قلبك.. لكنني سعيد بذلك.. سأبقي أحاول حتي أتمكن من الدخول لقلبك..
بادلته الابتسامة فقبَل جبينها وقال: يكفيني أن أرى ابتسامتك..
ابعد يديه وتابع: غداً سيقام حفلٌ في القصر.. أريدك أن تتجهزي له وتكوني في أبهى حلة..
: حسناً..
تركها ومضي لعمله بينما عادت هي لجناحها..

في صباح اليوم التالي، استيقظت ياسَمين وخرجت نحو قاعة الطعام، رأت جميع من في القصر يجهزون لشيئ ما، الحرس والخدم وحتي مستشاري الامبراطور..
نادت احدى الخادمات وسألتها فأجابت الخادمة: الجميع يجهزون للحفل الراقص الذي سيقام الليلة..
تمتمت: لقد نسيت الحفل تماماً..
أعادت نظرها للخادمة لتسألها: هل قلت أن الحفل راقص..؟
: أجل جلالتكِ..
: وما مناسبة الحفل..؟
: بدون مناسبة جلالتكِ.. إنها حفلات تقليدية تقام بين الحين والأخر ويدعى إليها كبار المسؤولين والنبلاء والأشخاص المهمين في امبراطوريتنا المجيدة..
شردت ياسَمين قليلاً ثم أعادت النظر للخادمة لتقول لها مبتسمة: حسناً.. اذهبي لعملك.. شكراً لك..
انصرفت الخادمة وهي مأخوذة بجمال ياسَمين ومعاملتها الطيبة لها..

أما ياسَمين فقد تابعت طريقها نحو قاعة الطعام، وبعد الافطار عادت لجناحها لتجد مليسا تنتظرها وبرفقتها خادماتٌ أخريات، سألت: مالأمر مليسا..؟
: سيدتي.. علينا أن نجهزك للحفل..
: مايزال الوقت مبكرا..!؟
: لا سيدتي.. الوقت يمضي بسرعة.. كما أنك زوجة الامبراطور ويجب أن تكون الأجمل..
تنهدت بملل لتقول: حسناً..
بدأت الخادمات بتجهيزها، ارتدت ثوباً أزرق اللون عارى الصدر ومرصع بقطع الزمرد، ورفعت شعرها الطويل إلى أعلى بطريقة تليق بامبراطورة، زينت نحرها بطوق من الألماس مع أقراطٍ تشبهه، واكتفت بوضع أحمر شفاه بلون خفيف ورشة من عطرها تنهي بها تبرجها..
نظرت لنفسها في المرآة فمر كل ماحدث معها كشريطٍ أمام عينيها، أين كانت وكيف أصبحت وكم تغيرت، شعرت بغصةٍ في قلبها فأبعدت كل الأفكار عنها وظلت فكرة واحدة تشغل بالها..

عند انتهائها من زينتها كان المدعوون قد بدأو بالوصول للقصر والدخول إلى قاعة الحفل، مضت مدة قصيرة قبل أن يُطرق الباب ويدخل منه الامبراطور..
فور أن وقعت عيناه عليها وقف منبهراً بجمالها، ثم تقدم منها ليمسك يدها ويقبلها ويقول: لم ترى عيناي أجمل منك..
ابتسمت بخجل فتابع: لنذهب.. لقد وصل المدعوون..
: حسناً..
شبك ذراعه في ذراعها وخرجا معاً نحو قاعة الحفل، وعند وصولهما فتح خادم لهما الباب فدخلاَ على أنغام الموسيقي الملكية..
كانت أهازيج الفرح تنطلق من كل مكان، الزينة تملأ القاعة والابتسامات تشق الوجوه..
دخلا معاً فصمت الجميع ونظروا نحوهما وهما يسيران نحو المكان المخصص لهما، وقف الامبراطور أمام عرشه و ياسَمين بجانبه ليهتف منادٍ من جانب الامبراطور: حيوا جلالة الامبراطور افتيموس وزوجته الامبراطورة ايزس..
انحني جميع من في القاعة من ضيوف وخدم وحرس لهما لثواني في لحظة صمت، ثم عادت الموسيقى وعاد كلٌ إلى عمله..
كان الامبراطور طوال الحفل يمسك بيد ياسَمين ويلقي عليها الابتسامات بين الحين والأخر لترد له نفس الابتسامات..
لحظات وبدأ الضيوف بالرقص واحداً بعد الأخر حتي صارت القاعة مزدحمةً بالراقصين، نظر الامبراطور نحو ياسَمين وقال: إن طلبت منك طلباً.. هل توافقين..؟
: أنا تحت أمرك جلالتك..
: إنه طلب ايزس وليس أمرا.. إن رغبتي وافقي وإن لم ترغبي أنا لن أرغمك.. حسناً..؟
: حسناً..
: هل ترقصين معي..؟
كانت ياسَمين تبتسم لكلام افتيموس وعندما سمعت طلبه تغيرت ملامحها تماماً، ترددت قليلاً بين رفض أو موافقة، ثم حسمت أمرها وأجابته: موافقة..
وقف ومدّ لها يده لتمسك بها ثم نزلا معاً من مكان جلوسهما فتوقف الجميع عن الرقص وابتعدوا ليتركوهما يرقصان وحدهما..
وضع يديه على خصرها ووضعت يداها على كتفيه ليبدأَ بالرقص وعيون الجميع عليهما..
هو... بطول قامته وشعره البني ووسامته وسعادته بمراقصتها ومشاعره المتلهفة ودقات قلبه النابضة حباً لها..
وهي... بجسدها الممشوق وجمالها الصارخ وعيناها الساحرتان ومشاعرها المختلطة ودقات قلبها المضطربة..
هائمٌ فيها كان لا يفكر إلاّ في إسعادها..
وهائمةٌ في عالمها كانت لا تفكر إلاّ في طريقة للهرب من مراقصته.. وشتان مابين تفكيرهما..

سحر الإمبراطوريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن