كيف يمكن للمرء أن يحمل الألم والحزن بين طيات روحه المتعبة لشهورٍ طويلة؟ شخص فقد جزءًا من روحه، فقد قطعةً من كيانه وكينونته! فقد نصف ذاته...
وما أصعب الفقد! ما أصعب أن نعيش مرارة الاشتياق والحنين، أن ننام على صوت الذكريات، أن نصحوا على دموعنا الجافة التي تغطي وجنتينا بعد حلمٌ ظنناه وهلة واقع!
أهناك ألم أكبر من أن يفقد المرء جُزءًا من كيانه؟
لا أظن ذلك...هذا كان حال إيراكس، الألم يتجسد داخل عينيه بوضوح، كان قويًا صلبًا من الخارج، ولم أكن أعلم أنه بهذه الهشاشة من الداخل، ضعفٌ وعجزٌ كان يسكن جوفه وقلبه مليء بالشقوق الصدئة، لكنه الآن انشطر نصفين! ملأه الحزن والوهن...
تتجمع الدموع في عينيه لكنها تقف مكانها متحجرة خجلة من أن تسيل من مقلتيه الغائرتين، وما أصعب أن تترقرق الدموع المالحة في عينيك، لكنّ الأمرّ من ذلك أن تتركها تسيل وتكشف ضعفك ووهنك أمام الجميع.
لم يبكِ، لم يتحدث، فقط كان كل ليلةٍ يذهب للغابة البعيدة يخرج دموعه على شكل صُراخٍ مؤلم، آهاته التي كانت مكبوتة فترةً طويلة، ترك لها الحرية لتخرج من حنجرته المعذبة بصرخاتٍ حملت جميع معاني الحزن، حملت معاني أكبر من رؤية الدموع وصوت الشهقات الباكية.
مضى على تلك الحادثة ما يقارب الثمانية أشهر، ثمانية أشهر مرت بطيئة كأيبة ومريرة علينا جميعًا، وكان النصيب الأكبر من الوجع لقلب إيراكس…
كيف لا وهو فقد عنقاءه! فقد هجينه المشتعل، لم يعد ينعم بصوته الخشن، ولم يعد وجودٌ لأندرو!
أتذكر حالي حين رأيت الوحش ذو العين الصفراء المتوسعة وهو يقترب نحونا، فأدركت سريعًا أنه يمتص طاقة أندرو.
فما كان مني إلا أن شكلت رمحًا جليديًا بين يدي وقفذته نحوه بكل طاقةٍ كانت لدي بكل قوةٍ استجمعتها خوفًا على أندرو وإيراكس، استقر الرمح في عينه المتوهجة وخر صريعًا مكانه آن ذاك.
لكن الآوان كان قد فات!
خرّ أندرو كذلك أرضًا يتخبط بجناحيه، انطفأت نيرانه ووهن جسده وسقط أرضًا دون حراك!
لم يكن بوسعي أن أواسيه سوى بدموعي وشهاقتي وأنا أراه يضعف أمامي، اعُتصر قلبي حزنًا عليه، شوقًا من فراقه.
اقتربت منه آن ذاك بعد أن هدأ، إلا من صدره الضخم الذي يعلو ويهبط بوتيرة منخفضة، ضعيفة...
احتضنت عنقه أشهق بألم، لم أكن لأصدق أننا سنفقد أندرو، لقد هُزمنا شر هزيمةٍ في هذه المعركة، لا أُعد قتل الوحش فوز، بل إن فقداننا لأندرو كانت أكبر هزيمة.
والخسارة الأكبر كانت لمالكه إيراكس...
لم يدم وقتٌ طويل لأندرو بعدها، ربما ربع ساعة أو أقل، اختفى وعاد إيراكس لهيئته البشرية فاقدًا وعيه.
أنت تقرأ
لؤلؤة البحر (رباط)
Paranormalرواية تجمع شخصيتين مختلفتين من عالمين مختلفين، ربطهما القدر برابطة متينة وجعلهما جزءًا من حكاية تحمل في طياتها الكثير من المغامرات المشوّقة. لكن... هل يستمر السلام دومًا؟ أم تعود الحروب مجددًا؟ وماذا إذ كانا جزءًا من أسطورة عظيمة خبأها لهما القدر؟...