العطلة

1.3K 103 1
                                    

عندما تقاضيت أجرتي للمرة الأولى ، جربت أن أطلب الطعام كما رأيت الخادمات الأخريات يفعلن . ثم أصبحت من عادتي أن أفعل ذلك ، كنت أخبأ ألف عملة هزبرية تحت السرير لأعطيها للأب و ألفا أخرى خلف الخزانة للحالات الطارئة أما الألف التي تبقى فكنت أشتري بها مختلف أنواع الطعام .
زاد وزني كثيرا حتى أصبح الثوب يلائمني تماما ، بل و ضيق قليلا ، لم أعد أحتاج لذلك الحزام ! 
ولكنني من جهة فقدت الراحة ، فقد أصبحت الكوابيس لا تفارقني ، بمجرد أن أغلق عيني أضيع في عالم من الكوابيس و المخاوف ، ففي آخر مرة رأيت نفسي أقرأ رواية "مملكة هزبر" مجددا ، و قد كتب في احدى الصفحات أن "يوليا" فعلت ما فعلتُه مع فتاة الملاهي تلك ، و طلبت العمل عند مدام الفندي ، ولكن ليس عبر الوكالة ، بل ترجت السيدة "زوبة" أن توظفها ، و لكنها بعد أن التقت بمدام الفندي طُردت بسبب خدعة من الخادمات ، و من شدة خوفها من والدها عادت إلى فتاة الملاهي لكي توظفها مقابل "ألف عملة هزبرية" و ينتهي الكابوس بذلك الدوي و الصراخ الرهيب ، ثم سمعت همسا يقول :" يامن تتخذ نفس القرارات الخاطئة !"أصبحت تحيط بعيناي هالات سوداء و ووجهي أصبح كالقمر ، ليس جمالا ، بل من كثرة الحبوب و المسامات التي تظهرعليه ، فلم أعد أستطيع التوقف عن التفكير، حاولت عدم مقابلة مدام الفندي خوفا من أن أطرد ، فتجنبت جميع مواعيد عودتها و خروجها و اختبأت كثيرا في غرفتي .
و لكني التقيت كثيرا بأطفالها إنهم مشاغبون وينادونني دائما بـ"دب الباندا" لأنني أصبحت بدينة بيضاء بهالات سوداء ، و لكنهم رغم ذلك ظرفاء و من الممتع اللعب معهم عندما لا تكون والدتهم في الأرجاء .
مرت ستة أشهر و حل الصيف و أنا على حالي . و في إحدى الأيام أتت إلي السيدة "زوبة" قائلة :" ستذهب المدام و أولادها في عطلة غدا ، لن تعود حتى بعد شهر و نصف . هنالك عدد من الخادمات سيأخذن عطلة لمدة شهر، والأخريات سيأخذنها في عطلة الشتاء القادمة ، أي عطلة تريدين ؟"
فكرت أن ذلك الكوخ الذي يعيش فيه آل سديل بارد جدا في الشتاء لذلك أجبتها بسرعة :" عطلة الصيف من فضلك !"قالت أنني يمكنني الذهاب غد ذلك اليوم .

****** 

عندما وصلت إلى القرية كانت رائحة الريحان تخترق أنفي فصرت لا أشم غيرها ، و رأيت أن أمشي في القرية قليلا قبل الذهاب إلى وكر الأميرة المعبودة ، ولم أدخل ذلك الكوخ حتى المساء ، عندما رأوني أول شيء فعلوه هو أخذ مالي .
سألتني الوالدة بنبرة حازمة :" كيف سمنت ؟ هل كنت تأخذين من المال خلسة ؟!"
أجابها زوجها و هو يعد المال :" لا أعتقد ذلك فالمال كامل "
ثم قالت "أماليا" و هي تنظر إلي نظرة خبيثة سعيدة بحالتي البشعة :" أعتقد أنها كانت تسرق ، فكل ما تجيده فعله هو إفساد حياة الآخرين !"
أجبتها بسرعة غير تاركة لها الفرصة بالإفتراء أكثر :" بما أنني أبيت في بيت المدام فإنني آكل مما يأكلون ، و هم أغنياء يأكلون كثيرا من الطعام الذي يسمن ... و جميع الخادمات مثلي" 
" يبدو أن صاحبة المنزل لا تستقبل الضيوف إذا كان كل خدمها مثلك ، فلا أحد يمكنه أن يبقى في مكان مليء بالوحوش " قالت "أماليا" ساخرة مني .

أنت يولياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن