تناثرت قطرات من السماء طارقة نافذة الغرفة الباردة بلطف ، فوقفت أراقبها بهدوء ، ثم زادت سرعتها لينهمر المطر مدرار ، إصطك الرعد بقوة و تصدعت السماء بفعل صواعق البرق الكثيرة معلنة غضب الطبيعة ، فإرتج سقف الكوخ من قوة المطر ...
كنت بمفردي في الكوخ إلا أنني ظللت أسمع خطوات في الداخل و الخارج ، كل مرة تفقدت المكان لكنني لم أجد شيئا ، كان ذلك كافيا لجعلي أرتجف خوفا ، تذكرت الحجر الذي أعطتني إياه "رفاء" فحملته منادية إياها لعلها تساعدني إلا أنها لم تجبني ، بعد عدة محاولات استسلمت و علقته علي كالعقد و أخفيته تحت ملابسي .
كنت أشعر بالملل في غياب "فدوكس" ، و كنت قد قرأت معظم كتبه و كتبي ، و شاهدت العديد من البرامج التلفزيونية حتى ضجرت . ثم تذكرت الكتاب !
( كتاب "مملكة هزبر" الفارغ ! يا ترى هل علي أن أكتب عليه أم ماذا ؟ أم أن هناك تعويذة ما لإظهار الكلمات ...)
توجهت إلى الحقيبة حيث خبأته و أخرجته من حزمة الأقمشة التي كان فيها . فاحت الغرفة برائحة الريحان ، كان أثقل من آخر مرة أخرجته فيها ، فتحت لأتفاجأ بوجود كلمات في صفحاته ! أخذت أقرأ :
"يمر الوقت بسرعة و يمضي إلى الأبد و لا يعلم المرء متى يغادر هذا العالم ...
يمكننا القول أن ذلك العالم تشكل فقط في زوايا ذلك الظلام الموحش ، لذا أخذ شكله ، لقد كان من المفترض أن يكون الشمعة . لقد بدأ بصنع تلك الطريق تحت النجوم . و أخذ صنعه وقتا طويلا ...شكل أعمدة خيالية و عدة طرق وهمية ، لا يمكن الخروج من ذلك العالم بعد الدخول فيه . لأن العودة إلى الواقع تكون مميتة ...
أحكم العالم أبوابه ، و حبس سكانه في خيوط عنكبوتية ، يحركهم كالدمى ، يعتقدون أنه ملجأهم لكنهم مخطؤون ، هو فقط يوهمهم أنه الملجأ ...صحيح أن ذلك العالم يساعدهم على تخطي صعابهم ، يساعدهم على تحقيق أحلامهم ...لكن هو فقط ... يوهمهم بذلك .
يجعلهم يمشون مغمضي الأعين كالعميان ، لا يحتاجون للتفكير .لأنهم يعلمون بأنهم إن خرجوا ، و إن لم يموتوا ، لن يستطيعوا العودة أبدا ...عالم بناه الغرباء ... السحرة و البشر ، الثلاثة معا ، ليصير جزءا من مملكة هزبر ، الجزء الذي يأخذ الأرواح بعيدا ...
لم أرد أن أتخلى عن روحي ، حتى أني لم أرد أن أنجو ، كل ما أردته كان أن يبتسم أحدهم في وجهي ، أن يحبني أحدهم حقا ، أن أجد الدفء في هذا العالم البارد .
و لكن شاءت الأقدار أن يكون كل شيئا مظلما في حياتي ، كل ذلك الألم ...
تم إجباري على الكثير من الأشياء ، ضحيت بنفسي ، عشت حياتا للغير فقط ...
و لكن لم تمتد يد عطوف نحوي قط !حتى و أنا على وشك أن أنتهي و أتلاشى إلى الأبد ، ما زلت وحيدة ...
ترجيت ، بكيت ، بذلت جهدي ، و لكنني لم ألقى سوى الجانب المظلم من العالم ...
كم هو مؤلم وجود كلمات ، رغبات في قلبك لا تستطيع النطق بها ، كم هو مؤلم أن تولد لتكون وحيدا ، أن تنطلق لتغتصب من كل ما أتيت به للعالم البارد ...
يكفيني ألما ! يكفيني حزنا ! يكفيني أسى !
رغم ذلك قدمَت روحي هدية للغرباء ! قدمتني ضحية من أجل سخافات ... خرافات ... من أجل الأنا الأعلى ...
لن أترك هذا العالم في سلام ، لن أترك أحدا يحيى بعدي ، سنختفي جميعا ، سنموت جميعا معا ...
أنت تقرأ
أنت يوليا
Fantasiتستيقظ لتجد نفسها في جسد شخصية من رواية مأساوية ، تسعى لأن تصلح حياتها مواجهة الإكتئاب و الإعتداء لتغوص في جوانب لم تذكرها القصة الأصلية ... كيف ستواجه الصعاب الجديدة ؟ كيف ستتغير ؟ و الأهم ، من تكون ؟ الكاتبة : مروة بوحفص مصمم الغلاف : نصر الدين...