الظلام البارد ...
كنت أطفو في اللاشيء لمدة طويلة لم أعرف قدرها .
شعرت بالفراغ داخلي ، و كأن شيئا ثمينا قد فُقد مني ، و كأنني قد أصبحت بلا فائدة ...
و كأنني لعبة منفية في الظلام ...
و ظللت أغرق بإستمرار في محيط داكن بلا قاع ...
و لم أقاوم ، لم تكن لي القوة للمقاومة ...سمعت عدة همسات من حولي ، ثم صراخ و كأن هنالك قتال بين عدة أشخاص ...
فتحت عيناي لأول مرة منذ وقت طويل ، لأرى العالم الأسود ، لم يكن هنالك شيء ...سواي ...نظرت إلى إمتداد يداي و حاولت تحريكهما ، فتحركا و لكن ببطئ شديد .
لمست وجهي ثم مسحت على شعري و تركت خصلاته تندسل ليتسنى لي رؤيتها ...شعر عسلي مألوف و بشرة عاجية ...
(من هذه ؟... أنا؟ )
نظرت في تعجب ...
(يا إلهي !...)
لم أعرف من أكون ...
(من أنا ؟!...)
لم أتذكر شيء ...
لا شيء على الإطلاق ...دام الأمر طويلا ،
أهوي في الظلام غير قادرة على التحرك ، غير مدركة للأبعاد الزمنية و المكانية التي كنت فيها .و لكن الشيء الوحيد الذي أدركته هو أنني كنت شديدة الحزن ، و نادمة على أشياء لا أعلمها ...
شعور قوي بتأنيب الضمير ...
كنت أغرق في حالات من البكاء الغير منقطع ، صراخ و ألم يأخذ بمجامع قلبي الذي كاد أن يتوقف ...(هل أنا حية ؟..)
كنت في بعض الأحيان أصغي لتلك الهمسات و أحاول فهمها ، و لكنها في مرحلة ما صارت إزعاجا كبيرا ، كنت أصرخ بكل ما أوتيت حين سماعها :" من أنتم ؟ ماذا تريدون؟! "
أو "فلتخرسوا !"...
و لكن لا أحد رد علي ، أحيانا كانت الهمسات تتوقف ، و أحيانا أخرى كانت تستمر لوقت طويل ...
طويل جدا لدرجة تجعلني على حافة الجنون .(لماذا أنا هنا ؟... هل هذا عقاب لفعلة ما ؟... أم أن روحي ضائعة في الكون ؟.... هل يعقل أنني ميتة ؟)
نظرت إلى كفي يداي اللذان كنت لم أتعرف عليهما بعد و خبأت وجهي بهما خوفا ...
خوفا من مستقبل لم يبدو أنه قد يطل أبدا ...حاولت أن أرجع بذاكرتي إلى الوراء ، حاولت أن أتذكر ما حصل قبل أن أفتح عيناي في الظلام ...
لكن في كل مرة كنت أشعر بصداع شديد و ألم حاد في صدري ، ثم أشعر بالحزن الذي يجعلني لاأنقطع عن البكاء ...
مجددا و مجددا ، مرارا و تكرارا ...
حتى سئمت ، و أوقفت البحث عن ماهيتي ...
و إستسلمت مجددا ، للظلام البارد الذي كان يضيف لألمي ألما من نوع آخر ...حائرة ، ضائعة و هائمة في يهماء من الظلام اللامنتهي ...
( يا إلهي متى يتوقف كل هذا ! ...)و كأنني إشتقت لأشخاص لا أعرفهم ، و كأنه قد تمت خيانتي ، و كأنني كنت أحقد على شخص ما ...
مشاعر تضاف إلى صدري الفارغ في كل مرة لتخلق مسرحية بلا أدوار ، بلا نصوص و لا ممثلين ...
تصلني مشاعر جعتلني أرغب في المثابرة لمعرفة من أكون ...
و لكن ...
لم أستطع مقاومة الألم ...
و لا كسر الظلام ...
أنت تقرأ
أنت يوليا
Fantasíaتستيقظ لتجد نفسها في جسد شخصية من رواية مأساوية ، تسعى لأن تصلح حياتها مواجهة الإكتئاب و الإعتداء لتغوص في جوانب لم تذكرها القصة الأصلية ... كيف ستواجه الصعاب الجديدة ؟ كيف ستتغير ؟ و الأهم ، من تكون ؟ الكاتبة : مروة بوحفص مصمم الغلاف : نصر الدين...