سجينة

591 48 2
                                    

أربعة جدران رمادية بلا نوافذ ، فقط باب حديدي من قضبان يسمح للنور أن يدخل أحيانا .
كان قد مر أسبوع منذ أن تم أخذي إلى السجن بتهمة قتل آل الفندي ، بالرغم من أنني صرحت آلاف المرات للمحققين أنني لست مذنبة إلا أنهم كانوا لم يقتنعوا بعد ، بل و أرسلوني إلى سجن إنفرادي ...بارد ...

رفعت نظري إلى السقف متذكرة عزيزي "فدوكس" و كيف أنني لم أكن أعرف إذا ما كان حيا ، ثم آل الفندي و خدمهم الذين ماتوا .... قتلوا من أجل كتاب ...
كل تلك الأمور المأساوية التي حصلت على التوالي تركت في نفسي ألما عميقا ، جعلت صدري يضيق أكثر في كل ثانية تمر .
كنت عاجزة ، تركت جسدي يسقط على الأرض مرتجفة ، تنفست بصعوبة و شعرت بالدوار من كثرة التفكير و في لحظة سمحت لتلك المشاعر القاتلة بالخروج !
صرخت و بكيت في جزع ، صرخت :" فدوكس أين أنت !"
صرخت :" لماذا يحصل هذا معي !"
صرخت :" أنا خائفة !"
و في كل مرة يرد صدى صوتي علي ...كنت وحدي ، وحيدة ، منكسرة ...
( أنا لا لم أعد أعرف ما علي أن أفعل ! في اللحظة التي ظننت أن أحوالي تحسنت ، صدمتني الحياة هكذا ! أنا أشتاق إلى "فدفود" ! إلى مدام الفندي ! إلى زملائي ! إلى الحياة العادية الخالية من الموت و الغرباء ! )
إستندت على الجدار القاسي لأقف ، كنت أشعر بالضعف و الإعياء النفسي و الجسدي ، تغيرت أموري في غمضة عين ، في لحظة كنت أضحك مستمتعة بحياتي الجديدة و في أخرى مات جميع من حولي و ربما كنت التالية ...
ألم لا يمكن وصفه بالكلمات ، و إستمررت في البكاء طويلا ...
(ليتني مت قبلهم جميعا ! ليتني إختفيت في اللحظة التي فتحت فيها عيناي في هذا العالم ! )
وضعت وجهي في كفاي ثم مسحت دموعي و تنفست بعمق ، لكن الدموع لم تتوقف ، لم أستطع التحكم في نفسي ...

**********

بعد ساعات من النحيب إستسلمت إلى النوم الذي لم أحصل على كفاية منه في الأيام السابقة ، و خلال نومي حلمت ...

حلما من الذكريات ، رأيت نفسي في الفيلا أقوم بعملي كما إعتدت ثم ذهبت إلى مكتب مدام الفندي لأقدم لها الشاي ، نظرت إلي بتعجب و قالت :" لما وجهك هكذا ؟"
أجبتها :" أمر بأمور صعبة ..."
وقفت و أمسكت كتفاي و نظرت مباشرة في عيناي لمدة ثم إبتسمت قائلة :" الحياة صعبة ، تهاجمنا في اللحظات التي لا نتوقع منها ذلك ، لكن يا"يوليا" الأمر يعود إليك كيف تواجهين الصعاب ، الفاشلون سيلقون باللوم على الحياة و يتركون لها القيادة ... و لكن الأقوياء ، حتى و لو لم يكونوا مستعدين ، يقودون حياتهم ! الأمر ليس بصعوبة الأمور بل كيف نواجهها ، لذلك واجهي الأمور ، هنالك دوما مخرج ! ..."
أخفضت رأسي و قلت بصوت مرتعش :" ماذا لو كانت تلك الأمور أقوى مني ؟... ماذا لو ، لو لم أستطع حلها ، هنالك بعض الأمور المستحيلة في هذا العالـ.."
أمسكت وجهي بكفيها مقاطعة إياي :" لا ! أنت أقوى ! أنا واثقة أنك تستطعين مواجهة الأمور الصعبة ! أتعلمين لماذا ؟ لأنك كنت تلميذتي لمدة ! أنا قوية لهذا تلميذتي قوية أيضا ! أنت قوية "يوليا" ..."

أنت يولياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن