" هل تعرفين الآنسة "توباز" ؟" قالت إحدى الفتيات في الحانة .
-"لا ، من تكون ؟"
-" إنها فتاة جميلة ثرية ! مثل حجر التوباز ! إسم على مسمى !"
ثم قالت فتاة أخرى :" لقد كانت حبيبة "جاندار"، أتذكرين ؟"
......
(حبيبة "جاندار")
تلك المحادثة ظلت تدور في رأسي لأيام...
لطمت وجهي بالماء البارد لأستفيق ، وقفت أمام النافذة لأستنشق بعض الهواء لعل الضيق الذي يعتل صدري يخف ، كانت السماء خلف النافذة رمادية ، تعرت الأشجار و صارت الرياح لاسعة ...
( الوقت مر بسرعة ! ها هو الخريف قد أتى ... و لكنه يتظاهر بأنه فصل الشتاء .. خريف سخيف ...)
كان قد مر عام تقريبا منذ أن أصبحت "يوليا" و لم أعط الأمر حقه من التفكير الكافي ، كانت الساعة ما تزال في يدي و لكنني نسيت أمرها تماما ...
" السيدة "زوبة" تنتظرنا في المطبخ ، هناك شيء مهم ستقوله لنا!" نادت إحدى الخادمات .
ستقيم "يوري الفندي" حفلة لعيد ميلاد إبنتها الكبرى ، و ستأتي العديد من الشخصيات المهمة من كامل أنحاء الشمال ، هذا ما فهمناه من السيدة "زوبة" بعد أن قسمت المهمات علينا ، ثم قالت :" سنستضيف طباخا ليعد المأكولات كلها ، سيأتي اليوم ليتمكن من إعداد كل شيء ، آمل أن ترحبن به"
تجنبت السيدة "زوبة" النظر إلي خلال حديثها معنا ، شعرت بجدارخشن عملاق بيننا بعدما حسستني بقربها مني في البداية .
شرعنا في العمل و بالطبع عدت للعمل بمفردي فـ"زهرة" أبعدت الجميع مثلما قربتهم ، و لكنني لم أهتم فقد كنت أمتلك "جاندار" و قد كان أكثر من كاف بالنسبة لي !
عندما جاء الطباخ ، كانت كل الفتيات يتحدثن عنه ، لقد كان شابا وسيما !
(ليس بوسامة "جاندار" و لا بروعته !!)
تركت "زهرة" كل أعمالها طوال فترة التحضير للحفل و فضلت أن تساعده في المطبخ و تتقرب منه بطريقتها الخاصة .. فوجدت نفسي أعمل كثيرا مجددا !
في ليلة الحفل قررت أن أخرج مستحضراتي من مخبئها ، ثم انتبهت للورقة التي كتبها صاحب المحل :
" مستحضر ***** يستعمل مرتين في الأسبوع لمدة ثلاثة دقائق ثم يغسل بالماء الفاتر .
مستحضر**** و ***** و **** يستعمل ليلا قبل النوم يوميا .
مستحضر *** في الحمام
مسحضر **** يوميا صباحا
زيت **** بعد ....و ....و...."
لقد تفاجأت كثيرا بدقة و وقت وضع المستحضرات ! لقد كنت أضعها كلها يوميا واحدا بعد الآخر صباحا و مساءا ! لا عجب أن وجهي صار في حالة يرثى لها !
(إذن لم تكن المستحضرات من فعلت بي ذلك ... بل طريقتي في وضعها ! لقد ظلمت أصحاب المحل !)
و لكنني قررت أن أحتفظ بذلك لنفسي ! و أفتح صفحة جديدة مع وجهي و المستحضرات الجديدة !******
بعد إنتهاء الحفل الراقي الذي أقامته مدام الفندي تمت مناداتنا جميعا ! و كانت مدام الفندي بنفسها تنتظرنا .
قالت :" لقد كان الحفل رديئا جدا مقارنة بكيف كنت أريده ، و كذلك أداؤكن كان أسوء من أي شيء حصل في العالم بكل أبعاده ! "
همهمنا جميعا بأصوات إجتمعت لتتضح انها إعتذارات.
-" الأسف لن يعيد بالزمن ! من سوء حظكن أنني قررت أن أطردكن !"
شحبت وجوهنا جميعا ! حتى أن السيدة "زوبة" تفاجأت ...
استكملت حديثها :" و لكن قبل ذلك سأعطيكن يوم غد لتظهرن مدى استحقاقكن لوظائفكن ، قسمن العمل بينكن دون مساعدة "زوبة" و سنرى غدا مساءا من سترحل من هنا !"
ثم انصرفت . عم السكوت ، ظهرت علامات الخوف و الحيرة على وجوههن ... إلى أن وقفت "زهرة" مقابلة الجميع قائلة بوجه بشوش :" لا بأس سنتخطى هذا معا !" ابتسمت السيدة "زوبة" و تركتنا نقرر .
لكن قرار "زهرة بنت الكلب " أن أقوم بعمل بسيط صغير و أجلس مرتاحة لباقي اليوم ! و قسمت باقي الأعمال بالتساوي على صديقاتها ، حاولت الرفض لكنهن نعتنني بالأنانية ! و كنت وحيدة ضدهن فخسرت أمامهن !
ذهبت في تلك الليلة إلى الحانة بينما كانت الأخريات يجهزن للغد ، في الطريق كانت الساعة تنزلق من يدي باستمرار ، و لسبب ما حاولت إعادتها لمكانها ، لكن دون جدوى . حتى سقطت و اختفت قبل أن ترتطم بالأرض ...
( هل تم إعطائي التلميح دون أن أنتبه له ! )
أنت تقرأ
أنت يوليا
Fantasiaتستيقظ لتجد نفسها في جسد شخصية من رواية مأساوية ، تسعى لأن تصلح حياتها مواجهة الإكتئاب و الإعتداء لتغوص في جوانب لم تذكرها القصة الأصلية ... كيف ستواجه الصعاب الجديدة ؟ كيف ستتغير ؟ و الأهم ، من تكون ؟ الكاتبة : مروة بوحفص مصمم الغلاف : نصر الدين...