فتحت عيناي المتعبتين ببطئ لأراه يقابلني يحمل صينية عليها بعض الطعام ، لولهة ظننته "فدوكس" ...
لكن "فدوكس" رحل بعيدا ... و إلى الأبد ...
إستغرقني إستيعاب الأمر أيام ...
و لكن الحقيقة أني لم أستوعب شيئا عدا الألم الذي يزيد بمرور الوقت و الذي لم يبدو أنه قد يصل إلى نهاية ." هل ستبقين هكذا إلى الأبد ؟ " قال و لم أجبه .
" هل كنت مقززا لدرجة تجعلك تمرضين ؟" أردف .
رفعت رأسي لأراه جيدا ، حاولت الجلوس إلا أنني لم أستطع الحفاظ على توازني ، فعدت للإستلقاء .
وضع الصينية على الطاولة و تقدم نحوي واضعا كفه على جبهتي ثم قال :" أنت لست مريضة ... هل من الممكن أنك إشمأززت مني لهذه الدرجة ؟ ..."
أجبته بنبرة متعبة مبعدة كفه :" أريد ..."فدفود" ..."علت وجهه نظرات الإستغراب ، جال بنظراته لمدة ثم قال في نبرة جادة :" زوجك ؟ "
أومأت ، فتنهد في أسف ...مرت أيام منذ أن سمعت بخبر وفاة ... مقتل عزيزي ، لم أستطع الخروج من الحزن الذي سكن قلبي ، و أغلقت نفسي حائرة ما بين الإنتقام و الإستسلام ...
" أنا لا يمكنني التخلي عنك يا "يوليا" ، أنت تركت أثرا لطيفا مؤلما في فؤادي ... لم تزاولي أفكاري ... لا أعتقد أنه يمكنني التنازل ، يؤسفني أنك تحبين شخصا آخر و لكنني لن ...." قال و هو يفرك يديه جالسا على السرير .
إعتدلت بدوري و وضعت يداي على صدري فقد أصبح ثقيلا ، ثم عندما كنت على وشك أن أتكلم إنهمرت دموعي ، صرت أرتجف ، متذكرة كيف أنني فقدت عزيزي ، نظرت إلى "سرمد" من خلال دموعي ، حاولت التكلم لكن دون جدوى ، في كل مرة تغلبني دموعي .
ربت على رأسي في صمت لمدة ، ثم دفعته بعيدا ...
قال بعد تردد :" أنا آسف " و رحل ...كان يزورني كثيرا ، و يحضر الطعام لي شخصيا ، و يحاول أن يتحدث معي ، غير أنني لم أكن قادرة على التكلم ، كان الوقت يمر ببطئ ، مر شهر و كأنه قرن ، قرن منذ أن لم أغادر ذلك السرير ...
في إحدى الأمسيات ،
خرجت من الغرفة بمفردي ، جلت في أنحاء القصر ثم دخلت إلى مكتب "سرمد" ، ذهبت إليه مباشرة دون أن أضيع .
عندما رآني وقف متفاجئا مبتسما و رحب بدخولي طاردا الأشخاص الذين كانوا في مكتبه ، جلست في هدوء شاردة .
(ماذا أتى بي إلى هنا ؟ )
طلب بعض الكعك و الشاي و وضعهم أمامي كي آكل غير أنني أبيت .شددت قبضتي و بعد مدة من التردد قلت :" أيها الأمير ... أنت شخص وسيم و قوي و ذو مكانة عالية ، إنه لشرف عظيم لأية إمرأة أن تكن لها مشاعر و لكن قلبي إمتلكه شخص آخر ، حتى لو لم تتنازل عني و حبستني هنا أنت لن تكون هو و لن تصل إلى مكانته في قلبي ... "
إرتج ، جرحته بكلامي ، إلا أنني لم أكن أهتم لأي شيء في ذلك الوقت ، كل ما فعلته هو النظر إليه بأعين فارغة ... جافة ...
صمت طويلا ثم عاد إلى النظر إلى أوراق عمله متجاهلا إياي فسمحت لنفسي بالإنصراف قائلة :" سأتجول في المكان قليلا لعل الضيق الذي في صدري ينقص قليلا..."
و خطفت نظرة قبل أن أغلق الباب فرأيته يشد الأوراق بقوة و الأسى يكسو وجهه ...
أنت تقرأ
أنت يوليا
Fantasíaتستيقظ لتجد نفسها في جسد شخصية من رواية مأساوية ، تسعى لأن تصلح حياتها مواجهة الإكتئاب و الإعتداء لتغوص في جوانب لم تذكرها القصة الأصلية ... كيف ستواجه الصعاب الجديدة ؟ كيف ستتغير ؟ و الأهم ، من تكون ؟ الكاتبة : مروة بوحفص مصمم الغلاف : نصر الدين...