وقفت هناك لمدة فزعة ، حائرة و مندهشة ...
كنت أقف في سوق دكاكينها متراصة يباع فيها مواد غريبة و مساحيق داكنة ، محتشدة بأشخاص فارعين ملثمين .
جلت في المكان باحثة عن مخرج و لكن دون جدوى ، لم أكن أعرف كيف وصلت إلى هناك أو أي طريق علي أن أسلك للعودة و لم يبد أن هناك من إنتبه لوجودي .
( علي أن أصل إلى "فدفود" قبل أن يحصل له شيء ، لم يعد بإمكاني أن أثق في أي أحد ، في كل ثانية يأتيني شخص و يقول أنه من الغرباء ، تبا لجميع الغرباء ! تبا لهذا العالم الغريب !)مشيت و مشيت و مشيت و لم تنتهي الطرق و لم تؤدي إلى أية أماكن ، مرت ساعات و أنا ضائعة إلى أن أخذت بي قدماي إلى بناء ذهبي عال خال .
" ماهذا المكان ؟!" همست لنفسي ، فقد كان المكان الفخم الوحيد في المنطقة .
سمحت لنفسي بالدخول ، دفعت الباب الثقيل المغبر ليكشف عن مساحة باردة كبيرة بها الآلاف أو ربما الملايين من رفوف الكتب المصطفة ، و نباتات للزينة في الأركان كل فروعها ميتة زادت الوحشة و الرهبة في المكان .
( ربما هي مكتبة ؟!... لكنها خالية تماما من الأحياء ، كل سكانها من الكتب ...)
ثم إنتبهت لشيء تحرك خلف الرفوف ، شيء أبيض !
( هل هناك شخص ما ؟ )
تقدمت بهدوء نحو الرفوف ثم همست :" هل هناك أحد ما ؟"
أجابني صوت خافت خلف الرف :" نعم ، أنا "
كنت على وشك أن أذهب إلى خلف الرفوف غير أن ذلك الشخص قفز بعيدا ، ثم قال بنفس الصوت الخافت :" ليس عليك أن تريني ، أنت لست جاهزة بعد ، و ربما قد تفرين بعيدا "
( كيف يمكن أن أسمع هذا الصوت الخافت و هو بعيد جدا عني ؟! ماهذا ؟ من هذا ؟)
" أريد فقط أن أسألك سيدي ، لقد ضعت هنا بالصدفة ، في الواقع لقد أتيت من قرية الآس ، هل يمكنك على الأقل أن تدلني على طريق العودة ؟" قلت .
عم صمت قصير ثم سمعت بعض الهمهمات بين الرفوف و كأن ذلك الشخص عاد خلفها ، ثم أجاب :" أنا أعرف من أين أتيت ، و أنت تعرفين كيف ستعودين "
-" هل تمازحني !"
-" أنت "يوليا" ، أليس كذلك ؟ "
أخذت دقات قلبي تتواثب و حواسي تضطرب ، ثم صرخت قائلة :" من أنت ؟ كيف تعرف من أنا ؟"
-" كل إجابة ستأتي في وقتها ، لماذا لا تقرئين شيئا من هنا ؟"
-" أنت تحاول أن تتلاعب بي ؟ أنت تعرف من أنا ، لا تريد إظهار نفسك و ثم تعتقد أنني سوف أجلس معك و أقرأ !"
-" هل تريدين أن تعرفي من أنا ؟ أنت لن تندمي و لكنك ستخافين "
ثم قفز أمامي ، سقطت جاثمة على ركبتي ، مرتجفة ، عاجزة عن التحرك قيد أنملة .
لقد كان أسدا أبيض هائلا ، أعينه سماوية و أنيابه ضخمة ، حدق في مقتربا ببطئ ، شعرت بأنفاسه فوقي لكنني خفت أن أنظر إليه أكثر .
( ماهذا ياإلهي ! ماهذا الذي أوقعت نفسي فيه ؟!)
" إرفعي رأسك "يوليا" ! " تكلم بصوت جهوري مخلفا صدى ، موقعا في نفسي الرعب فوجدت نفسي أطيع خاضعة ذليلة .
ثم أردف محدقا في عيناي :" إنني أكره أن تصل النعمة لشخص لا يستحقها ، "يوليا" ! لم يعد لك من تثقين فيه ، ليس لأنهم بالضرورة أشخاص أشرار ، ربما يعتقدون أنهم يقومون بالأمور الصحيحة ، أو أنهم يريدون العيش !"
( هل يتحدث عن "فدفود" ؟!)
" إنك يا "يوليا" الوحيدة التي تستحق أن تكون مباركة ، و أنا أؤمن بهذا ، لهذا أنا "هزبرالعظيم" سأعينك على أن تمسحي هؤلاء الذين لا يستحقون قوتي ، هؤلاء الذين أكلهم سحرهم و الأقلية الطماعون ! بك أنت سيعم الهدوء على هذه المملكة ! ستضعين حدا للبشر و الغرباء معا ! و سأقف إلى جانبك لأحميك !"
بشفاه مرتعشة أجبته :" كيف يمكنني أن .. أن أضع حدا لأي شيء ؟ أنا ضعيفة ... ضعيفة جدا ! لم يمكنني أن أردع ذلك الأب المجنون عن تعنيفي ، كيف يمكنني أن ...حتى أنني لست "يوليا" حقا ما أنا إلا ..."
صداع رهيب أوقفني عن الكلام ، أمسكت رأسي بكلتا يداي صارخة في ألم ، مرت عدة ذكريات مشوشة في رأسي : شخص فارع فحمي ينظر إلي من بعيد ...ثم يقترب ...
" ما بك ؟" قال "هزبر"
-" أنا لن يمكنني أن أفعل شيئا ! أنت "هزبر العظيم " فلتستخدم قواك أو أي شيء و تفعل ما تريد ! كل ما أريده هو إيجاد "فدوكس" و العودة إلى منزلي !... أرجوك يكفيني ألما !"
-"..."فدوكس" ؟!"
ثم توقف ناظرا في الأجواء و تنهد ...
-" أرجوك دعني أعود ..."
و فجأة توهج وبره الأبيض حتى أنار كل المكان و نظر مباشرة في عيناي جاعلا إياي أفقد الوعي ...
أنت تقرأ
أنت يوليا
Fantasyتستيقظ لتجد نفسها في جسد شخصية من رواية مأساوية ، تسعى لأن تصلح حياتها مواجهة الإكتئاب و الإعتداء لتغوص في جوانب لم تذكرها القصة الأصلية ... كيف ستواجه الصعاب الجديدة ؟ كيف ستتغير ؟ و الأهم ، من تكون ؟ الكاتبة : مروة بوحفص مصمم الغلاف : نصر الدين...