الفصل الرابع والعشرين :- آسف

753 88 0
                                    

في عتمة الليل حيث لا ترى سوى ما يضيئه ضوء القمر المعتم نصفياً ، ولو امعنت النظر بين الشجيرات المنتشرة بإمكانك ان تلاحظ حركة خفيفة بينها وفجأة نهض من كان بينها بعدما تأكد انه ليس مراقب ولا احد يتتبعه ، بدأ بالمشي وبعد عدة دقائق تحول المشي لهرولة ثم ركض بعدما أيقن المسافة التي تفصله عن هدفه والوقت القصير الذي يملكه ، حدث نفسه قائلاً " اتمنى ان لا يجدوا القارب حتى اعود .. هيا جابريل اسرع قليلاً "
رغم انه يركض من اكثر من ساعتين إلا انه ركض اسرع بالفعل و تجاهل كل شعور التعب او الارهاق ووضع هدف واحد امامه وهو الوصول لمملكة النار سريعاً .. عليه الاعتذار قبل فوات الأوان فلقد تعلم في اليومين الماضيين ان الوقت سارق وقد لا تسنح له الفرصة للأعتذار مجدداً،
توقف واخرج علبة مياه من حقيبته السوداء و شربها كاملة واستند بيده على شجرة ليلتقت بعض من انفاسه المقطوعة
" لقد قلت انك ستحميني .. قلت انك معي وتقف بصفي .. قلت انك اخي "
حرك رأسه بقوة للجانبين رافضاً الذكرى التي داهمته فجأة بكل آلامها ثم رجع لركضه في محاولة يائسة لتشتيت افكاره
" لن تؤلمك كثيراً "
وضع يديه على اذنه ليمنع صراخ اخيه المتألم من الدخول لرأسه رغم ان مصدر الصراخ هو عقله ، ثم اخذ يضرب رأسه لأخراج الذكرى السيئة من جوف عقله ،
اخذ نفس طويل وبعدما هدأت افكاره الهائجة اكمل ركضه وما اشعل الأمل بداخله هو الاضواء التي تراقصت من بعيد في جوف الظلام ، وعندما اقترب من الأسوار العالية توقف امام البوابة العملاقة وعدل من ملابسه وشعره ثم اقترب من الحارسين اللذان ما إن رأوه حتى قالوا بجمود واحترام
"سيدي الامير غابريل بأمكانك الدخول"
ما إن عبر للداخل حتى قابلته حرارة النيران المشتعلة بجانب كل منزل ليتذكر ان اليوم هو عيد الاشتعال ، لعن حظه السيئ مائة مرة ثم وضع القلنسوة على رأسه بحيث تخفي ملامحه وابتعد عن الحشود المجتمعة واتجه لقصر مملكة النار،
يعلم ان والده لن يرحمه وسينزل به اشد عقاب بسبب خيانته ووقوفه بجانب الافاتار لذا ابتعد عن مدخل القصر واتجه للخلف وبدأ بتسلق الشجرة التي من كبر حجمها ألتصقت بالقصر ، لطالما لعب هنا مع اخاه وكان مكانهما المفضل .. لكن ليس بعد الأن ، ما إن وصل للطابق الاخير
حيث العُلية المظلمة حتى دخلها من نافذتها المفتوحة او بالأحرى المنكسرة ،
من شدة الظلمة تلمس الحائط للوصول الى الباب الخشبي المهترئ من شدة الاعوام الطويلة الباردة التي مرت عليه وعلى صاحب الغرفة ، لكن قبل ان يفتح الباب وجدهُ يُفتح من الخارج لتقابل عيناه وجهاً اسود من كثرة الاتربة وممسكاً بشمعة على وشك الانطفاء
بفمه لأن يده الوحيدة فتح بها الباب
" من هناك ؟"
قالها صاحب اليد الواحدة بصوت مرهق فاقد للحياة بعدما امسك الشمعة بيده
" هذا انا أورناندو "
لم يصدق أورناندو فقرب الشمعة من وجه
أخيه وقال ببحة صوت
" غابريل! ماذا تفعل هنا "
مرت دقائق طويلة والاخوان يتأملان بعضها بأشتياق لكن أورناندو تدارك الامر
وتذكر ما فعله به اخاه الوحيد فتغيرت ملامح وجهه لتصبح قاسية خالية من التعابير ودخل للغرفة واشعل بقية الشموع المتفرقة داخل الغرفة ثم اقفل الباب وجلس على حافة السرير الذي لم يختلف حاله عن حال الباب و حوائط الغرفة ، وانتظر من غابريل ان يبدأ الحديث
" اسمع .. انا .. انا آسف "
رفع أورناندو حاجبه ونظر له بسخرية
وقال بصوت حمل من الألم والمعاناة ما يكفي لتحطيم الجبال لغبار
" آسف ؟ سمو الأمير غابريل يعتذر .. لابد اني احلم "
ثم نهض ووقف امامه مباشرة واكمل
" لما انت آسف ؟ هل انت آسف لأنك خنتني ؟ ام لأنك فضلت المال والعرش على أخاك ؟ ام لأنك اخبرت الملك عن رغبتي في الرحيل ؟ ام لأنك السبب في فقدان زراعي ؟ ام لأنك السبب لكوني خادم في منزلي ؟ ام لأنك السبب في معاناتي وسماعي لأسوء الكلمات كل يوم من حياتي ؟ ام لأنك السبب في رحيل زوجتي ؟ هيا اخبرني لماذا انت أسف .. اخبرني ! "
كان صوته يعلو ويعلو ورغم ذلك لم يكن بتلك القوة التي ارادها بسبب بحة صوته
والعبرات التي لمعت داخل عينيه الزرقاء،
انزل غابريل رأسه للأرض بندم شديد وقبض على يديه في محاولة لمنع دموعه
من النزول .. نعم هو مذنب والسبب لكل ما حدث لأخاه لكن يجب ان يحاول ، فرفع رأسه ونظر لأخيه في عينيه وقال
" اعلم انه لا يوجد ما افعله حتي اعوضك عما فعلته بك .. لقد كنت مغفل واحمق واناني .. لم اكن اخاً صالحاً لك ولا حتى قدوة لك .. لا احاول ان اكون البريئ هنا لكني نادم عما فعلته واعلم اني استحق الموت على ما فعلته بك .. لكني اتيت هنا لكي تغفر لي .. لقد فعلت الكثير من الاخطاء في حياتي وأريد ان أتأكد انك تقبل اعتذاري .. فقد لا تسنح لي الفرصة بأن اعتذر مجدداً "
اختلط كلامه بدموعه المالحة لكنه مسحها بطرف ملابسه واكمل بصوت منخفض
" اريدك ان تعلم فقط ان .. انني ساعدت الافاتار اكثر من مرة .. وانني اصبحت من حراسها .. كما اردت انت ان تكون "
لم يستطع ان ينظر له في عينيه وتعالت شهقاته المكتومة وعندما لم يسمع اي إجابة من أورناندو تراجع للخلف خطوتين
ليخرج من الغرفة لكن قبل ان يفتح الباب
سمع اخاه يقول
" انت لا تستطيع ان تغير الماضي .. لكن على الأقل اصلحت المستقبل "
نظر له غابريل وهو يمسح دموعه فأقترب
أورناندو منه وامسك بيده وقال
" هذا لا يعني اني سامحتك بالكامل .. لكن اشتقت لك أخي "
قالها ثم احتضنه بحب واشتياق لكن غابريل تذكر انه عليه العودة لكن لن يعود بدون أخاه ، واتفقا على ان يخرجا مثلما دخل غابريل .. من النافذة الى الشجرة الى الارض وبهدوء و بتخفي تام ، لكن لا يمكنها الخروج من بوابة المملكة حتى لا يعلم احد من الحراس ويخبر الملك ، لذا حاولا تسلق السور لكن لم يستطيع أورناندو التسلق بسبب يده الواحدة فقال
له غابريل
" سأتسلق اولاً و عندما انزل لك الحبل تمسك به وسأسحبك للأعلى "
وهذا بالفعل ما حدث ، لم يكن أروناندو ثقيل بل هزيل الجسد فلن يكن سحبه من هذا الارتفاع صعباً على أخيه ، ونزلا من على السور بالحبل للجه الأخرى وهكذا خرجا من مملكة النار بعد جهد حتى لا يراهما الحراس المنتشرين ، وركضا معاً بأتجاه مملكة الماء الشمالية حيث ان غابريل حكى لأخيه كل شيء حدث مع الافاتار وحدثه عن الرجل الذي حاول قتل اباها ولم يقل لهم انه يعرفه حتى لا يشكوا به اكثر فهم لا يثقوا به لأنه ابن عدوهم الأول الملك سيفروس .

" من الاحمق صاحب فكرة مملكة في منتصف المحيط !؟ "
قالها غابريل بأزدراء شديد وهو يجدف بسرعة رغم رجاء زراعيه بأن يتوقف
عن التجديف الذي لا ينتهي
" انظر هناك .. لقد اقتربنا "
قالها أورناندو ببعض الأمل بعدما لمح الاسوار الجليدية من بعيد ،
وبعدما وصلا اخيراً وعبرا من البوابة ذات الحراس الكثر ولولا انهم يعرفون غابريل  لما ادخلوه ابداً ،
اتجه أورناندو مع اخيه الى القصر حيث تمكث فيه الافاتار كما قال له لكن ما إن دخلا للقصر حتى هجم أليكس على غابريل وامسك برقبته بقوة وقال بغضب
" اين كنت ايها الحثالة .. لقد كنت اعلم انك تدبر لأمر ما .. ماذا قلت لسيفروس ؟ هيا تحدث "
حاول أورناندو ان يخرج اخيه من تحت أيدي هذا المتوحش لكن ألكس دفعه بقوة ولأن جسده ضعيف سقط بقوة للخلف
سمع شهقة وصوت أنثوي يقول بفزع
" ألكس ماذا تفعل!؟ ابتعد عنه .. هيا تحرك "
لم تكن سوى كاتاليا التي اندفعت لتحرير غابريل من قبضة ألكس الحديدية
" ألكس توقف هذا أمر "
قالتها بقوة فترك ألكس عنق غابريل الذي سقط أرضاً يحاول ألتقاط انفاسه ،
نظرت لألكس بلوم وعتاب ثم اتجهت لغابريل ونزلت لمستواه وقالت له وهي تفرك رقبته لتخفف من ألمه
" آسفة .. آسفة لا اعلم ماذا اصابه "

" ماذا اصابني ! لقد تسلل في المساء
وخرج من المملكة ليرجع في الظهيرة مع متشرد ما بالإضافة لرغبتك الغريبة لرؤيته منذ الصباح وتوترك الشديد"
اشار في نهاية حديثه للملقي على الارض
هناك لتلاحظه وتتجه له وتساعده للنهوض بعدما لاحظت يده الواحدة
" ألكس هذه ليست طريقة لأستقبال ضيفنا الجديد "
ثم نظرت لصاحب اليد وقالت
" أليس كذلك أورناندو ؟"
نظر لها بأندهاش .. لا يعلم كيف علمت اسمه وهو لم يعرف عن نفسه بعد وما زاد من اندهاشه هو ما قالته بعدها لألكس
" هذا أورناندو أخ غابريل "
ثم اضافت
" اريد ان اتحدث معهما على انفراد .. ألكس هل تسمح ؟
ولا تقلق سأكون بخير "
بعد تردد انصرف ألكس بغضب فأتجهت هي لهما للدخول لغرفة خاصة ، وبعدما جلسوا قالت هي بجدية
" قبل ان تقولا اي شيء انا اعلم كل ما حدث بينكما .. لقد سمعت كل شيء "
راقبت توتر غابريل لتتابع كلامها
" لا تسألا كيف .. لكن انا اعلم جوهر كل منكما واعلم انكما صادقان وبجانب الخير ستكونان دائماً .. هناك الكثير لنتحدث عنه يا رفاق "

********************************************************

             I'm baaakeeee

اعلم .. اعلم ..
لقد تأخرت في التنزيل لكني مررت بفترة امتحانات شاقة واليوم اول أيام اجازة نصف العااااام
المهم .. المهم
ما رأيكم في اسلوب الكتابة ؟ هل هو افضل ام أسوء ؟
ما رأيكم في الفصل.. اول مرة ندخل في حياة غابريل فما رأيكم ؟
هل انتم متسامحين مع الآخرين ام لا ؟

سلام وادعوا لي ولكم وللجميع بالتوفيق والنجاح

الافاتار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن