بعد أن خرج أبي من الغرفة، نهضتُ من السرير وغسلت وجهي، وأخذت حمامًا سريعًا. ارتديت ثيابي ونزلت إلى الأسفل لأتناول الإفطار مع أبي. آه، بعد كل هذا الوقت، أتناول الإفطار معه. لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة... أشعر بسعادة لا مثيل لها؛ أبي بقربي، ولأول مرة منذ وقت طويل أشعر بحبه وحنانه. طوال فترة جلوسنا على المائدة، كان أبي يبتسم ويلقي النكات. على الرغم من مظهره الصارم، إلا أن لديه حسًا فكاهيًا أتعرف عليه لأول مرة. هههه، سحقًا للأموال التي فرقت شمل عائلتي...
نيرمين: هههههه، كفى يا أبي، سأنفجر من الضحك، لم أعد أستطيع التحمل، ههه.
رشدي بيك: هههه، واحدة أخرى، ما رأيك؟ هههه.
نيرمين: لا، هههه، لا، كفى.
رشدي بيك: ما خططك اليوم يا روحي؟
نيرمين: لا شيء يا أبي، سأُنهي إفطاري وأذهب إلى الحديقة كعادتي.
رشدي بيك: بجانب القبر طبعًا، هههه. ماذا تفعلين هناك كل يوم؟ الخدم يقولون لي إنك تقضين وقتًا طويلًا هناك، ماذا تفعلين كل هذا الوقت؟
نيرمين: لا شيء يا أبي، فقط المكان هادئ وهناك أرجوحة على الشجرة بجانب القبر، وأيضًا الزهور والأشجار تمنحني شعورًا بالراحة.
رشدي بيك: وهناك قبر أيضًا، لقد رأيتك بنفسي نائمة هناك. ألا تخافين منه؟
نيرمين: هههه، يا أبي، بالتأكيد لن يخرج لي من القبر، فهو مجرد حجارة لن تؤذيني، حتى الجثة تحللت وانتهت.
شرد أبي قليلاً ثم نظر إليَّ وقال: إلى هذه الدرجة أنتِ متعلقة به؟
نيرمين: من؟
رشدي بيك: ذلك القبر... ليس من الجيد أن تبقى فتاة شابة في عمرك دون حب، دون زواج، ولا حتى صديقات، وتجلس دائمًا بجانب قبر. ولا حتى تعرفين من هو حازم العمري.
نيرمين: من هو حازم؟ هل تعرفه؟
رشدي بيك: نعم، أعرفه جيدًا.
نيرمين: كيف؟ أليس مات قبل ولادتك حتى؟
رشدي بيك: حبيبتي، انتهي من إفطارك وسأشرح لك كل شيء.
نيرمين: لا، لقد شبعت، الحمد لله. هيا، أخبرني الآن، أريد أن أعرف كل شيء عن هذا الحازم.
رشدي بيك: ههههه، هل أنتِ مستعجلة لهذه الدرجة لتعرفي عن حبيب القلب؟ هههه.
نيرمين: لا... لا أقصد ذلك، أنا فقط...
رشدي بيك: هههه، حسنًا، حسنًا يا عزيزتي، تعالي معي إلى مكتبي، وسأخبرك بكل شيء عن صاحب القبر الذي أخذ عقلك.
نيرمين: أبي... كيف تصدق أنني أحب شخصًا ميتًا؟
رشدي بيك: كيف لي أن أعرف؟ قولي لنفسك، هذا ظاهر من وجهك. هههه، ولكن كيف سأحضره لك؟ إنها مشكلة كبيرة، هههه، لا بأس، لا زواج، ابقي هنا بجانبه كما ترغبين.
في تلك اللحظة، دون أن أشعر، عانقت أبي بقوة، وبدأت أدور به وأنا في غاية السعادة. ولم أعي إلا على صوت ضحكته الحنونة، كم أحببت تلك الضحكة، تلك النظرة الأبوية الحنونة. آه، كم كنت بحاجة إليك يا أبي...
رشدي بيك: كفى يا ابنتي، لقد كسرتِ عظامي. هههه.
حينما استوعبت الموقف، صار وجهي يتلون بألوان كثيرة، ولكنني اكتفيت بابتسامة وتبعت أبي إلى مكتبه بصمت.
عندما دخلنا المكتب، توجه أبي إلى إحدى اللوحات الكبيرة المعلقة على الحائط، وأبعدها لتظهر خلفها خزنة كبيرة. أدخل الرقم السري وفتحها، وأخرج منها مجموعة من الملفات وصندوقًا وعدة أشياء أخرى. لقد بدأت أشعر بالتوتر... ما كل هذه الأشياء؟ ماذا يعرف أبي عن حازم؟ من يكون هذا الشخص يا ترى؟
رشدي بيك: نيرمين، تعالي اقتربي، لماذا تقفين بعيدًا؟
نيرمين: حااا...ضر... حاضر.
رشدي بيك: أمسكِ هذا وتأملي في ألبوم الصور.
فتحت الألبوم، وبالطبع كانت الصور تعود إلى فترة الخمسينيات. وكم كانت صدمتي عندما رأيت صور زفاف حازم... لقد صُدمت لأنه متزوج! بالطبع، من المنطقي أنه كان متزوجًا لأنه عاش منذ زمن طويل. ولكن ما لم أستوعبه هو العروس... لقد... لقد كانت... أنا!
ما الذي يجري بحق الله؟ لقد صُعقت لما رأيته وعجزت عن النطق. ما الذي أفعله معه وفي زمنه؟... أبي، أحتاج إلى تفسير...
... يتبع.
أنت تقرأ
قبره ملاذي
Romantikهل سمعتم يوما بالسفر عبر الزمن طبعا فعلتم و لكن هل جربتموهم طبعا لا لأنه مستحيل هذا ما كنت اعتقده انا ايضا الى ان حدث ... مالذي حدث لن اخبركم ستعرفون بمجرد ان تطلعوا على قصتي