حكايات للكاتب " إسلام شاهين"

مشهد

-"تعرفي يا خالتو؟! أنا نفسي أتجوّز واحدة بتعرف تعمل محشي ورق العنب زيّك كده، انتي فنانة والله العظيم"..
="لو بتحبّك هتعملك أحلى ورق عنب يا روح خالتو، الست بتطلّع الأكل حلو عشان بتحُط فيه حُبّها لجوزها وعيالها، وعامًة يعني الست لمّا بتحب بتعمل كُل حاجة بحُب، فهمت يا واد؟!"

هزّيت راسي وهيّ بتوطّي عين البوتاجاز على حلّة المحشي، سكت شوية وبعدين قُلتلها..

-"بس إيه اللي أنا مفروض أعمله عشان تحبني كده يا خالتو؟!"
="الموضوع مش صعب خالص يا إسلام إنتوا اللي مصعبينه على نفسكوا، أي بنت ف الدُنيا بيبقى نفسها ف حد يفهمها ويحتويها، يشاركها أدق تفاصيل حياتها ويسمع مشاكلها التافهة قبل مشاكلها العميقة، البنت بتحب الولد اللي وقت ما تحتاجه تلاقيه، هو أول واحد ييجي ف دماغها لمّا تُقع ف مُشكلة، ف تحس إنّها مسنودة على أساس قوي تقدر تعتمد عليه مهما كانت هيّ نفسها قوية، البنت القوية بتحتاج ولد مؤمن بيها وبيدعمها وبيشجعها دايمًا عشان تحقق أحلامها وطموحاتها، ويفتخر بيها قُدّام العالم كُلّه، عارف؟! أمّي الله يرحمها كانت دايمًا تقولي الراجل الحنين رزق، الراجل اللي بيعرف إمتى يقول الكلمة الحلوة، اللي بيفتكر مراته بهدية كُل فترة حتّى لو كانت وردة، واللي لمّا يتعصب عليها عشان غلطت ويشوفها بتعيّط يكتم غضبه وياخُدها ف حُضنه ويطبطب عليها، لحد ما تهدى ف حُضنه وتستكين"..

سكتت شوية وبعدين كمّلت..

="الستّات مخلوقات مشاعرها بتتحكم فيها أكتر من عقلها، عشان كده إحنا مش بنبص ع الفعل قد ما بيهمنا القيمة اللي ورا الفعل ده، يعني مثلًا لو نسيت تجيب لحبيبتك هدية ف عيد ميلادها وهيّ زعلت، متفتكرش إنّها زعلت عشان الهدية، لأ هيّ زعلت عشان إنت نسيت، وإنّك نسيت ده معناه إنّك مش مُهتم بحدث مُهم ف حياتها اللي هو عيد ميلادها، والعكس بقى، لو جيت ف يوم جبتلها هدية من غير مُناسبة أو قُلتلها تعليق لطيف على شكلها أو لبسها هتطير من الفرحة، الفكرة مش ف الكلمة، الفكرة ف التقدير اللي ورا الكلمة، وف عينك اللي شافت الحلو اللي فيها، عشان كده أنا شايفة إن مُفتاح قلب البنت هو الاهتمام، الاهتمام بأدق التفاصيل"
-"بس دي حاجة مُتعبة أوي يا خالتو"
="فعلًا هيّ حاجة مُتعبة ومُتعبة جدًا كمان، بس الراجل لمّا بيحب بجد بيبقى مُستعد يعمل كُل ده وأكتر، عينه بتغمّض عن كُل بنات الدُنيا ومش بتشوف غيرها، وقلبه بيغذّيه بالطاقة اللي تخليه يسمع ويهتم ويُصبر ويحتوي، الراجل لمّا بيحب بجد بيعمل كُل اللي يقدر عليه عشان يشوف حبيبته مبسوطة ومرتاحة، والست لمّا بتحب بجد بتفرح بأقل حاجة مُمكن يعملها، وبيبقى كفاية بالنسبالها مُجرد المحاولة، بيبقى كفاية بالنسبالها إنّه فكّر فيها وحاول يبسطها"..

فجأة باب الشقّة اتفتح واتقفل، ولقيت جوز خالتي داخل علينا وبيبص على حلّة المحشي بسعادة مُفرطة، بعدين قال، "روح قلبي عاملالنا محشي انهارده؟! ده إيه الهنا اللي أنا فيه ده؟! أنا هروح أغيّر وأصلي لحد ما الأكل يستوي، تسلم إيدك يا غالية"..
بمُجرد ما جوز خالتي دخل أوضته بصّيت لخالتي وأنا مُبتسم، لقيتها مُبتسمة وحسّيت قلبها بيُرقص من كُتر ماهي فرحانة، وبعدين قالتلي..
="ها؟! فهمت يا واد؟!"
-"فهمت يا خالتو" :')