حلوة

147 8 0
                                    

كُل اللي فاكره إنها كانت حلوة، حلوة جدًا، والكتاب بيبان من عنوانه، شُفتها أول مرة ف الكُليّة بعد امتحان صعب من امتحاناتنا، كانت واقفة مع واحدة صاحبتها وبتعيّط عشان حلّت وحش، حتّى وهيّ بتعيّط كانت تشبه للقمر، خطفتني من أول نظرة ومعرفش إزاي رُحت لحد عندها وكلمتها، حاولت أهديها، أطمنها، أضحكها، وف الآخر هربت منها ابتسامة ممزوجة بدمعة لسّة منشفتش، حسّيت بانتصار رهيب ف لحظتها، واتعرفنا على بعض، اتعرفت على أجمل بنت شافتها عينيا..
معدّاش وقت طويل وكُنّا مُرتبطين، صحابي كانوا بيحسدوني عليها، محدش كان فاهم إزاي ملاك زيّها وافق يرتبط بواحد زيي، ولا أنا الحقيقة كُنت فاهم، خروجاتنا كترت وكلامنا زاد، وبقيت كُل يوم بكتشف حاجة جديدة ف شخصيتها، لحد ما ف مرة كُنّا قاعدين ف كافيه والولد اللي بيجيب الطلبات دلق كوباية العصير ع الترابيزة، لسّة هقوله حصل خير لقيتها بتزعق فيه بمُنتهى العصبية وبتقوله "انت مجنون؟! إيه القرف بتاعك ده؟! والله لو كانت حاجة وقعت عليا لا كُنت خليته آخر يوم ليك هنا، اتفضل نضّف القرف ده بُسرعة"، الولد اتكسف جدًا ووشّه احمر، اعتذر بحرارة ونضّف الترابيزة وأنا قاعد ساكت ومصدوم من ردة فعلها، كان المفروض أخد بالي ساعتها إن في حاجة غلط، بس أنا زي الأهبل، عدّيتها، مرة تانية كُنّا ماشيين ف الشارع وقابلنا واحدة صاحبتها صُدفة، خادتها بالأحضان وكان باين عليها إنها واحشاها أوي وإنها بتحبّها جدًا، بس أول ما البنت سابتنا لقيت وشّها قلب، وفضلت تتكلم عنها بشكل وحش وقالتلي عنها حاجات مش المفروض إنّي أعرفها، استغربت جدًا بس قُلت مش مُشكلة، كُل البنات نمّامين..
لحد ما ف يوم كُنّا قاعدين بناكُل ف مطعم مع صحابها وصحابي، كُلّنا كُنّا جعانين جدًا والأكل كان شكله يجنن، ف كُنّا بناكُل بايدينا عادي، ماعدا هيّ، هيّ الوحيدة اللي كانت بتاكُل بشوكة وسكينة وبتقطّع الأكل حتت صُغيّرة، فجأة لقينا واحدة صاحبتها بتقولها بهزار "ايه يا بنتي انتي نسيتي نفسك ولا إيه؟! ده انتي بتاكلي البيتزا بالكرتونة"، كُلنّا ضحكنا وأنا كمان بصراحة، وأجارك الله ع اللي عملته، زعقت وعيّطت وقامت سابت المكان ومشيّت، وجريت وراها ف الشارع، وفضلت تلومني إنّي ضحكت وتشتم ف صحابي وصحابها، حاولت أهديها، أطمنها، أضحكها، مفيش فايدة، مقدرتش أتحمل تفاهتها واتخانقنا خناقة كبيرة، جابت بقى القديم والجديد، وانتهت بإنّي قُلتلها "خلاص أنا مش هعرف أكمّل معاكي أكتر كده"، قالتلي "انت هتسيبني أنا؟! انت مجنون؟!"، افتكرت الطريقة الزبالة اللي عاملت بيها الويتر ف الكافيه ورديت وقُلت "لا صدقيني ده مش جنان، ده عين العقل"..

الجمال عامل مهم ف اختيار الشخص اللي هنرتبط بيه، بس مش العامل الوحيد ولا أهم عامل، الموضوع عامل زيّ لمّا يشدّك عنوان كتاب أو إعلان فيلم، وتحس إنه هيبقى حلو أوي، بس لمّا تيجي تشتري الكتاب تكتشف إنه مليان كلام فاضي، ولمّا تُدخل الفيلم تلاقي مفيش قصّة أو قيمة وراه وتستخسر الفلوس اللي دفعتها فيه، الحُب من أول نظرة ده خلاص بقى حاجة كليشيه وموضة قديمة، الفكرة ف الحُب اللي بييجي من العشرة، لمّا بتكونوا صحاب ف الأول قبل ما تبقوا حبايب، الحُب اللي لمّا بنبتدي نحس بيه بنقول "ايه ده؟! هو أنا معقول بحّبها؟!"، وتبدأ تدوب ف تفاصيلهم وتفاصيل حياتهم لحد ما يبقوا جُزء من حياتك انت، ساعتها الحبُ ده بيخلينا نشوفهم بعين مُختلفة، حتّى لو هُمّا ف نظر غيرنا عاديين أو جمالهم مُتواضع، احنا بنشوفهم أجمل من خلق الله على هذه الأرض، وتوصل للمرحلة إن لو حد خيّرك بين إنك تتجوّز البنت اللي بتحبّها ولا ملكة جمال العالم مثلًا هتختار حبيبتك، لإنك هتبقى فعلًا شايف حبيبتك أجمل منها، عشقك لجمالها بيتلخص ف شوية تفاصيل صُغيّرة مُمكن متكونش مُهمّة عند حد غيرك، زيّ كرمشة مناخير أو قفلة عين ف ضحكة، أو مكان غُرزة قديمة عاملة شكل قلب ف جبينها، أو نظرة مُعيّنة بترميهالك لمّا تبقى عامل مُصيبة، ده غير التفاصيل المُتعلقة بالروح والشخصية، التفاصيل اللي بتخليك تحمد ربنا إنك حبّيت مضمون الكتاب ومنخدعتش بغُلاف أو عنوان كتاب تاني، لإن مش دايمًا الكتاب بيبان من عنوانه :')

حكايات للكاتب " إسلام شاهين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن