فضفضة

166 12 0
                                    

-ليّا اتنين صُحابي ولد وبنت كانوا بيحبّوا بعض من زمان، فضلوا مع بعض يمكن خمس سنين أو أكتر، وبعدين حصلت بينهم مُشكلة كبيرة جدًا، كلام قاسي مكانش ينفع يتقال وتصرفات غبيّة من الجانبين، المُهم إنهم سابوا بعض وهُمّا مُقتنعين إنهم مينفعش يكمّلوا مع بعض خلاص، كُنت فاكر إنّهم هيقدروا ينسوا بُسرعة نظرًا للطريقة اللي سابوا بعض بيها، بس اللي حصل إنّي شُفتهم هُمّا الاتنين وهُمّا بيتعذبوا، عياط وقهرة واكتئاب، رفض لكُل معاني الفرحة، وفضلوا فوق السنة بيعانوا ومش قادرين ينسوا، ومحدش قدر يدخل حد تاني ف حياته، وف النهاية رجعوا لبعض تاني، ونسيوا كُل الكلام اللي اتقال وكُل الأفعال السخيفة اللي حصلت، ورجعوا أحسن من الأول مليون مرة، لإنهم عرفوا قيمة بعض وكُل واحد فيهم قدّر قيمة التاني ف حياته، ولمّا سألتهم انتوا ازاي مكنتوش قادرين تنسوا ف الفترة اللي بعدتوا فيها؟! هيّ ردت "عشان اتعودت عليه ومش هلاقي حد يفهمني زيّه"، وهو رد "عشان العِشرة اللي بيني وبينها حرّمت عليّا إنّي أنساها"..

-جدتي الله يرحمها كانت بتشتغل ف إدارة تعليمية تبع وزارة التربية والتعليم، كانت بتكره شُغلها جدًا ومكانش في يوم بيعدّي من غير ما تشتكي من الشُغل وقرف الشُغل، وكانت دايمًا بتقولي "امتى بقى ييجي اليوم اللي أطلع فيه ع المعاش وأخلص؟!"، عدّت السنين وجدتي قربت تطلع ع المعاش فعلًا، بس لاحظت إنّها اتغيرت، زعلانة طول الوقت، بتفكر وبتسرح كتير، مفهمتش في إيه غير ف آخر يوم ليها ف الشُغل، لمّا قفشتها بتعيّط جامد ومش قادرة حتّى تقول بتعيّط ليه، يوميها رُحت معاها الشُغل ولقينا زمايلها عاملينلها مُفاجأة وجايبين تورتة، ضحكت معاهم، وعيطت أكتر، وبعدين ودّعتهم ومشيت، وفضلت مُكتئبة فترة كبيرة بعدها، ولمّا سألتها انتِ ليه زعلانة كده ده انتِ كان نفسك تسيبي الشُغل أصلًا، ابتسمت وقالتلي "العِشرة يا إسلام، العِشرة مبتهونش إلّا على ولاد الحرام"..

-عمتي طول عُمرها بتحب القُطط وجوز عمتي مبيحبهمش، حرفيًا بيكرهم كُره العمى، وف يوم عمتي قررت تجيب قُط واتفقت معاه إن هيّ اللي هتربّيه وهتتولّى جميع أموره، كُنت موجود عندهم ف اليوم ده وأنا اللي استلمت القُط لمّا جه، كان صُغير جدًا مكملش شهر ونص، ومع ذلك جوز عمتي مكانش طايقه خالص ومكانش بيقعد معاه ف مكان واحد، عدّت أيام وشهور والقُط كبر حبّة حلوين، ف الفترة دي كُنت بشوف جوز عمتي بيحُطله الأكل وبيطبطب عليه، ومُمكن يطمّن عليه كُل فترة لمّا يلاقيه مُختفي، عدّت سنتين والقُط كبر أكتر، جوز عمتي طلع سفرية تبع الشُغل شهرين، عمتي بتحكيلي إنّه لمّا رجع فضل يدوّر ع القُط وخده ف حُضنه وفضل يطبطب عليه، كان واحشه جدًا، ومن فترة بسيطة بعد ما القُط كمّل 3 سنين، كان بيلعب ف البلكونة وفجأة وقع، من الدور الخامس، جوز عمتي جري بيه ولا كأنّه واحد من عياله، وطلع بيه ع المُستشفى وفضل يدعي ربنا إنّه يعيش ويبقى كويس، وفعلًا سُبحان الله مطلعش حتّى عنده كسور، جذع بسيط ف رجله وخلاص، يوميها جوز عمتي عيّط من الفرحة، استغربت جدًا وسألت عمتي هو ازاي اتغيّر كده؟! قالتلي "العِشرة غيّرته يبني، أمال إيه؟!"

علاقتك بأهلك، صحابك، شُغلك، زمايلك ف الجامعة أو حتى بواب عمارتك، كُلّها بتندرج تحت بند العِشرة، العِشرة احساس قوي جوّاك بإن الشخص ده وجوده مُهم، وحياتك هتبقى وحشة أوي من غيره، شخص اتعوّدت على تفاصيله وبقى بالنسبالك إدمان، لمّا مثلًا يبقى نفسك ف حلة محشي مُعتبرة وتروّح تلاقي مامتك عملهالك، ماهي حفظاك، أو مثلًا لمّا تبقى بتتمشّي مع صاحبك وتغنّوا نفس الأغنية ف نفس الوقت، وتبصوا لبعض وتضحكوا، أو لمّا تبقى قاعد مع البنت اللي بتحبّها وتتنبأ إنّها هتقول حاجة وتقولها فعلًا، ف تقولها "والله كُنت عارف إنّك هتقولي كده"..
العِشرة بتبقى محتاجة وقت ودراسة وتعوّد،وبتبقى مُختلفة جدًا ف قيمتها عن العلاقات العادية، لو عندك ع الأقل شخص واحد بس بينك وبينه عِشرة، تبّت فيه بإيديك وسنانك، وقوله قد إيه إنت بتحبه ومقدر وجوده ف حياتك، لإن العلاقات دي بقت عُملة نادرة جدًا اليومين دول..

حكايات للكاتب " إسلام شاهين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن