حكاية 32

204 11 0
                                    

="حضرتك حاجز ولا أول مرة تشرفنا؟!"
-"أول مرة"
="نتشرف بالاسم؟!"
-"يحيى، يحيى أبو الدهب"
="تمام، حضرتك معاك حد ولا..؟!"
-"لأ، أنا لوحدي"
="تحب تُقعد ف مكان مُعيّن؟! في ترابيزة جنب الـ Dancers هتعجب حضرتك جدًا"
-"لأ مفيش داعي، مُمكن أدخل بقى؟!"

أحرجتها بقلّة ذوقي، اتكسفت واتلخبطت جدًا، وبعدين قالتلي..

="أنا آسفة يا فندم، طبعًا اتفضل!"

مكُنتش قادر حتّى أبتسملها، خدت منها تيكت الدخول ودخلت من غير ما أبُص ورايا، أول مرة أروح مكان زيّ ده، بس بما إنّي خسرت كُل حاجة قُلت أجرّب أعمل حاجة جديدة، يمكن تخرجني من الهم اللي أنا فيه، مشيت ف ممر طويل لحد ما وصلت لآخره، لقيت باب عريض، واقف قُدّامه بادي جارد أعرض، بملامح جامدة وعيون مستخبيّة ورا نضارة شمس مسحوبة، مش عارف حقيقي ليه بيصروا يلبسوها بليل ف مكان مقفول زيّ ده، يمكن بتبعث الرهبة ف نفوس الزوّار، يمكن عيونهم اللي مخبيينها بتشع براءة ولا براءة الأطفال، وده مينفعش بالنسبالهم، سامع صوت مزيكا مكتومة جاي من ورا الباب، وبمُجرد ما ورّيته التيكت وفتحلي الباب صوت المزيكا بقى أوضح، مد إيده ف إشارة منّه عشان أدخُل، خدّت نفس عميق وحاولت أسيطر على نبضات قلبي، ودخلت..

كازينو، تياترو، كباريه أو نايت كلوب، اختلفت مُسمياته بس الخدمة تكاد تكون واحدة، مكان بيتجمع فيه الناس عشان يشربوا، يُرقصوا، يتفرجوا على بنات حلوة، ويروّحوا آخر اليوم وهُمّا مبسوطين، المكان كان راقي بنسبة كبيرة، ترابيزات فخمة، اضاءة شيك، والزباين من عليّة القوم، كُبارات البلد ورجال أعمال وخلايجة، وعلى كُل ترابيزة منهم لازم تلاقي ع الأقل بنت قاعدة معاهم، فساتين قُصيّرة وبلوزات مفتوحة، مجوهرات غالية وعطور نفاذة، وف الواجهة مسرح متوسط الحجم، عليه مجموعة راقصات روس بيتحركوا مع بعض بخفّة ورشاقة، عرفت منين إنّهم روس؟! ماهُم لازم يكونوا روس، معروفة يعني، بيتمايلوا وبتتمايل معاهم الرِقاب، يلفوا ويدوروا وتدور معاهم العيون، وعلى شمال المسرح بار عريض بكراسي دوّارة زيّ اللي بنشوفه ف الأفلام، اتحركت ناحيته واخترت أقعد على أكتر كُرسي بعيد ومتطرف، أكتر حتّة كاشفة المكان كُلّه وف نفس الوقت متدارية، عايز أشغل نفسي بالتفاصيل، عايز مفتكرش حاجة من اللي حصلت، عايز أنسى..

="مساء الخير، حضرتك تحب تشرب إيه؟!"
لفيت وواجهت البارمان، قلبي اتقبض للحظة بس مبينتش ده، ابتسمت بتكلف وقُلتله..
-"فودكا مارتيني"
="واو، اختيار رائع، تحت أمرك"
ابتسمتله مرة تانية قبل ما يروح عشان يحضّر الطلب، راقبته لحد ما وصل عند طرف البار التاني، وهناك، شُفتها، وكانت بصّالي..
كانت قاعدة على طرف البار، لابسة فُستان مُثير، عاري الظهر، مكشوف الصدر، أحمر اللون، نفس درجة لون الروج اللي زيّنت بيه شفايفها، اللي بانوا وكأنهم قطعة فاكهة، مستنيين يتاكلوا، عينيها كانت واسعة، وبالتالي نظراتها كانت حادّة وثاقبة، كانت بتبُصّلي بابتسامة كشفت عن غمّازة ف خدّها، وكانت كُل كام ثانية ترفع خصلة من شعرها وتحطها ورا ودنها، شعرها البُنّي الناعم، الطويل، اللي غطّى ضهرها العاري، فجأة، لقيتها بتمسك الكاس بتاعها وبتتحرك ناحيتي، خُفت، مش عارف ليه بس خُفت، فضلت تقرّب لحد ما وصلت عندي، حطّت الكاس بتاعها ع البار، وقعدت جنبي، وواجهتني..

حكايات للكاتب " إسلام شاهين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن