مشهد

148 5 0
                                    

هو:

بص حواليه بغضب، ١٢ ولد وبنت واحدة، عمّالة تتكلم معاه وفجأة سألها..

-"هو انتي مبتخافيش على نفسك!!"
="أخاف من ايه؟؟"
-"يعني، بنت لوحدك وسط ١٢ ولد، الساعة ١٢ بليل، بعيدة جدًا عن البيت، مش المفروض تخافي؟!"
="لا أنا مبخافش، أنا بترعب"

كانت بتتريق، فضل مضايق منها طول الطريق لموقف الميكروباصات، شخص سمج منهم كُل شوية يزقه ويُجر كلام معاها، فينسحب هو ويسيبهم علي راحتهم، ترد عليه بكلمتين وتيجي تمشي جنبه تاني..
عند الموقف صاحبه لاحظ إنّه مضايق، "مالك يا ادهم في ايه؟!" مرضيش يرد، ركبت الميكروباص وإذ فجأة نفس الشخص السمج ده بيركب عشان يُقعد جنبها، كان خلاص مُستعد إنّه يضربه دلوقتي حالًا، بس صاحبه لحقه وقال:

"استنى يا محمد، اركب يا أدهم!"
لمّا الميكروباص اتحرك لاحظ إن كُل اللي كانوا راكبين رجالة وهيّ البنت الوحيدة، وكأن ده مش كافي إنّه يزيده عصبية، ابتدى شوية العيال اللي ورا يقلّوا أدبهم ويشتموا عادي ولا كأن في بنت معاهم..
كان خلاص بيجيب آخره!
نزلوا من الميكروباص وقالها "مش هنستني حد، يلّا!"
نزلوا محطة المترو، ومن غير تفكير قالها "هوصلك.."
="لا!"
-"ليه!"
="كده.."

راحت تركب المترو قُدّامه وهو واقف، قشطة مش انتي عاملالي فيها ميت راجل ف بعض؟؟ روحي يلّا!
علي باب المترو بصتله بوهن، شاورتله ودخلت، فضلت تدوّر على مكان تُقعد فيه، ملقتش، راحت رزعت نفسها ع الارض!
قبل ما الباب يقفل بثانية واحده نط ف العربية اللي جنبها، وهو مقرر إنّه مش هيوصلها بس هيمشي وراها عشان يطمن إنّها وصلت سليمة..
نزل المحطة وبص عليها من بعيد، طالعة السلم ببطء وبضعف، وفجأة وقفت وبصت وراها، من علي بعد ٣٠ متر شافته، كان متوقع إنّها هتهزءه، لقاها نزلت ع السلم جري وفضلت تجري لحد ما وصلتله، وعلى وشّها أجمل ابتسامة شافها ف حياته، وقفت قُدّامه وقالتله "انت جزمة، جزمة :) يلا عشان متأخرش.. "

لو قالتلك انت جزمة، فانت شخص محظوظ!

هي:

اتأخروا أوي ف الاجتماع، فضلت تتكلم معاه ف أي حاجة عشان تطمن نفسها، وفجأة سألها..

-"هو انتي مبتخافيش علي نفسك!!"
="أخاف من ايه ؟؟"
-"يعني، بنت لوحدك وسط ١٢ ولد، الساعة ١٢ بليل، بعيدة جدًا عن البيت، مش المفروض تخافي؟!"
="لا أنا مبخافش، أنا بترعب"

افتكرها بتتريق بس هي كانت بتتكلم بجد، صحّى جواها حاجة كانت دفناها من فترة، احساس الخوف، اللي كان بيخليها تحبس نفسها بالأيام ف أوضتها عشان خايفة تُخرج، فضل مضايق منها طول الطريق لموقف الميكروباصات، واحساس الخوف بيتسحّب جُواها واحدة واحدة، كُل شوية محمد ييجي يتكلم معاها ويهزر، تلاقيه فجأة سابها معاه ومشي، تحس بالخوف أكتر، ترد علي محمد بكلمتين وتجري تمشي جنبه تاني، زيّ قطة ضعيفة بتستجدي الأمان..
عند الموقف كانت خلاص مش قادرة تمشي، ركبت الميكروباص ولقت محمد بيحاول يركب ويقعد جنبها، اترعبت منه، كانت ف حالة مُمكن تخليها تُصرخ بأعلي صوتها لو كان ده حصل، بس محصلش، وأدهم ركب جنبها..
ودي كانت أول مرة تحس بالأمان وهي راكبة جنب ولد ف الميكروباص، وكأن مفيش حاجة ف الدنيا ممكن تئذيها، شوية عيال ورا ابتدوا يشتموا ويقلوا أدبهم، حسّت بعصبيته ف أنفاسه وفضلت تدعي ربنا إنّه ميعملش حاجة..
كان خلاص بيجيب آخره!
أول ما نزلوا من الميكروباص قالها "مش هنستني حد..يلّا!"
متكلمتش ومشيت معاه، لما نزلوا محطة المترو كانت كُل اللي عايزاه إنّه يوصلها البيت، وفجأة قالها "هوصّلك.."
="لأ!"
-"ليه!"
="كده.."

مكنتش عارفة هي ليه قالتله لأ، يمكن من باب يتمنعن وهُنّ الراغبات، يمكن لإنّها كانت بتحاول تطلعه غلطان عشان هو اللي صحّى جواها احساس الخوف تاني، المُهم إنها مشيت عشان تركب المترو وعلى الباب حسّت بغلطتها، إنها مش هتقدر تروّح لوحدها، على الباب بصّتله بوهن، يمكن يفهم، شاورتله ودخلت، فضلت تدوّر علي مكان تُقعد فيه، ملقتش، من غير ما تحس رزعت نفسها ع الأرض، بصّتله لآخر مرة، كان لسّة واقف ع الرصيف بمُنتهى البرود، خبّت وشّها بين دراعاتها ف اللحظة اللي اتقفل فيها باب المترو وابتدى يتحرك..
على رصيف المحطة مشيت بشويش، كانت بتفكر هو ازاي اتخلى عنها، ازاي بعد ما حسسها إنّها ملهاش غيره، فضلت تفكر ف كُل حاجة وحشة مُمكن تحصلها من أول ما هتخرج من المحطة لحد ما هتوصل بيتها، مين اللي هيحميها وأكتر حد بتحبه، اتخلى عنها!
طلعت ع السلم، وعلى آخر سلمة وقفت ولفّت وراها، بتتخيله واقف ع الرصيف..
وفجأة، لمحت خياله! كان واقف ع الرصيف وسط الزحمة بيبص عليها من بعيد، مقدرتش تمسك نفسها من الفرحة، زيّ طفلة كانت تايهة من باباها فضلت تجري وسط الناس وعلي وشّها أجمل ابتسامة ابتسمتها ف حياتها، وقفت قُدّامه وقالتله "انت جزمة، جزمة :) يلّا عشان متأخرش"

ف اللحظة اللي كانت بتفكر فيها وبتقوله ف عقلها "افتكرتك سبتني"، رد عليها بصوت فيه حبّة غضب، "مكنش ينفع أسيبك تروّحي لوحدك!"

حكايات للكاتب " إسلام شاهين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن