مشهد

143 7 0
                                    

عطيّات بنت عندها ٣٥ سنة، اكتشفت بدري أوي إن الحياة مش بتحبّها، مش زي ماريهان بنت طنط منال اللي ف السابع، كانت بتشوفها من البلكونة وهي راجعة مع أهلها من النادي وعلى كتفها شنطة التمرين، وف ايدها العروسة الباربي بتاعتها، عطيّات مكانش نفسها تروح النادي ولا كان نفسها ف العروسة الباربي، عطيّات كان نفسها ماريهان تاخد بالها منها ويبقوا صُحاب، وتطلع تبات معاها ويلعبوا مع بعض ويتفرجوا سوا ع الكارتون، ماريهان خدت بالها من عطيّات مرة واحدة وهُما ف الأسانسير مع أهاليهم، بصتلها بصة مش حلوة، وودت وشّها الناحية التانية..

عطيّات كانت فرحانة إنها رايحة المدرسة وهتقابل صُحاب جُداد، مش جُداد بس، دول كمان كانوا هيبقوا أول صُحاب، أول يوم كانت رايحة متأخر عشان باباها أصر يوصّلها ف طريقه لشُغله، خبّطت على باب الفصل ودخلت، الميس ابتسمت ليها وقالتلها "تعالي يا حبيبتي متخافيش، يلا أقفي هنا وعرفينا عليكِ"، عطيّات وقفت وهي مكسوفة، نضارتها كانت كبيرة وبتتزحلق على وشها ف كانت بتعدلها كتير، سمعت حد ورا بيضحك، وحد تاني بيهمس، جمّعت كُل شجاعتها وقالت، "أنا ..أنا اسمي عطيّات"..
الفصل كله ضحك مرة واحدة وكأنهم سمعوا نكتة، حتى الميس الطيبة ابتسمت وخبّت ابتسامتها بإيديها، ف اليوم ده عطيّات اكتشفت إن اسمها مُضحك ودقّة قديمة، ولأول مرة ف حياتها تكره اسمها، عرفت ساعتها إن مش هيبقالها صحاب ف المدرسة، وف نفس اليوم وهيّ مروّحة شافت ماريهان وهي نازلة من باص مدرستها وبتسلم على صُحابها الجُداد..

لما عطيّات دخلت ثانوي بدأت تحس بتغيرات بتحصلها، بس التغيرات دي اتأخرت جدًا، زمايلها ف المدرسة حسّوا بيها من إعدادي، وكمان اللي كانت حسّاه ده مكانش باين عليها، متفتكرتش إن مرة ولد عاكسها مثلا، أو إن حد بصلها بصة تحسسها إنها جميلة، عطيّات مكانتش جميلة، بس ده ميمنعش إنها كانت بتعرف تحب، ولما حبّت "مروان" اللي ساكن ف العمارة اللي قُدّامها كانت حاسّة إنه مُختلف، إنّه هيشوفها على حقيقتها من جواها مش من بره، يوم ما كلمها كان أسعد يوم ف حياتها، كان طيب وحنين معاها، كان جميل ويتحب، لحد ما ف يوم قالها "عطيّات، أنا عايز أقولك على حاجة"، اتكسفت ووشّها احّمر، قلبها فضل يُدق بسرعة جنونية، خدت نفس طويل وبعدين قالتله، "قول!"، اتكسف هو كمان وبص ف الأرض، القلق والتوتر كانوا باينين جدًا عليه، وف النهاية قرر يجمّع كُل شجاعته وبصّلها ف عيونها وقالها، "عطيات انتِ........انتِ ساكنة مع ماريهان ف نفس العمارة وأكيد انتوا صحاب، عايزك تعرفيني عليها عشان أنا..... أنا حقيقي مُعجب بيها جدًا"..

عطيّات اتخرجت من كُلية دار علوم بتقدير مقبول، كانت بتكره الكُلية وبتعشق حاجه إسمها رسم، وبما إنها اتخرجت أخيرًا ف هيبقى عندها وقت كبير تنمي فيه موهبتها، كانت بس محتاجة تشترك ف كورس تأهيلي، عشان يبقى أول خطوة ف طريق تحقيق حلمها، قررت تقول لباباها عليه أول ما يرجع هو ومامتها من السفرية اللي طلعوها للبلد، بس اللي حصل إنّهم مرجعوش، عملوا حادثة وهُمّا راجعين أودت بحياتهم، كانت صدمة عُمرها، ولأول مرة من ساعة ما اتولدت تحس إن ضهرها اتكسر، حاولت متضعفش، قاومت عشان متعيطش، كانت عاوزة تبان ثابتة قدام أخوها وأختها الصغيرين، اخواتها اللي هي بقت مسؤولة عنهم دلوقتي، الحياة مدتهاش فُرصة تحزن على أبوها وأمّها، نفضّت أحزانها وجمّعت كُل طاقتها، ونزلت اشتغلت سكرتيرة ف شركة ملهاش أي علاقة بميولها، عشان تصرف على اخواتها قبل ما تصرف على نفسها، قررت تنسى خالص حلم الرسم عشان تربّي اخواتها، لحد ما ف يوم سمعت أختها وهىّ بتتكلم عن جارتهم "ماريهان"، وازاي بعد ما اتخرجت اشتغلت على طول ف الأمم المتحدة..

حكايات للكاتب " إسلام شاهين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن